أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائلة الشقراوي - فينومينولوجيا التصوير السردي في رواية أمطار على افريكا














المزيد.....

فينومينولوجيا التصوير السردي في رواية أمطار على افريكا


نائلة الشقراوي
إعلامية وباحثة في الحضارة والأدب العربي

(Naila Chakraoui)


الحوار المتمدن-العدد: 6484 - 2020 / 2 / 6 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


أمطار على افريكا هي الرواية الثانية للروائية روضة الفارسي وقد صدرت عن دار نقوش عربية في 241 صفحة وهي رواية لا يمكن لقارئ ان يقرأها ويعبر دون أن تستفزه القضايا الجريئة التي تثيرها.عن الحب ،عن الجنس عن الطبيعة البشرية المتحولة عن التغييب وتحكم الأعراف بالذات الإنسانية تحدثت روضة الفارسي بكثير من التفاصيل .والتفاصيل عند الساردة كان اسلوبها المتعمد والذي اسس لفنيات روايتها .وعادة ما تبعث التفاصيل الكثيرة الملل في القارئ وهو ما لم نلاحظه في رواية كبيرة الحجم نسبيا ،إذ أن روضة الفارسي لم تكتب روايتها بالقلم العادي وانما استلهمت من السينما تقنية caméra stylo والتي بموجبها يصبح المكان والزمان والشخصيات صورة ومشهدا تصوره من زواياه المختلفة وخاصة الغير ظاهرة .وهو ما قال عنه دكتور الأدب المقارن حمد الحاجي(روضة الفارسي نحاتة ورسامة..فهي بنفس الوقت تعمل إزمير السرد لتفتت رخامة الحكايةو ترسم لوحات تشكيلية من المشاهد والصور لتعلن ولادة الرواية الصورولوجية).تعاملت الروائية مع الاحداث بلغة سينيمائة طورت لغة السرد العادي فكانت حروفها بمثابة العدسة التي تلتقط الصور الكامنة وتحولها الى صور ظاهرة محتواها تلك التفاصيل والأحداث المتتابعة التي لم تحج فيها الى التكثيف من الحوارات لتسريع السرد بل الى تلك التقنية الذكية التي تجاوزت بها الأساليب المعتادة في الكتابة والمعتمدة في الرواية الحديثة .
أمطار على افريكا عودة الى الرومنسية واحاديث القلب واحتراق الروح العاشقة من الشوق والاغتراب لكن كل ذلك لا يجعلنا نصنف الرواية على انها رواية رمنسية لأن هذا التصنيف يظلمها فالرواية بما تطرحه من قضايا هامة وبجلالة لغتها وباسلوبها المبتكر تصنف ضمن الرواية الواقعية النقدية ،وليست الرومنسية فيها سوى مدخل للتأكيد على أن الحب قيمة إنسانية لا يحتاج تشريعات ولا قوانين توجهه وان العرف اذا تدخل في وجدان وروحانيات الفرد شوهه و أفسده .
مجدولين وكل أبطال الرواية اتخذت منهم روضة الفارسي واجهة للحديث عن قضايا هامة في مجتمعنا .فالبطلة تلميذة انجبت خارج اطار الزواج ولولا تدخل اخوها لكان الزواج المكلل للحب حتمية ،اذن فنحن نقتل الحب ونحوله الى صراع مؤثر على حياة الفرد سلبا .خطيئة مجدولين ليست ممارسة الجنس اذ لم يكن اخاها يعلم بشساعة الحدود التي تجاوزتها هو فقط حاكمها لأنها احبت وخرجت مع حبيبها.الاخ هو سلطة العائلة أي سلطة المجتمع والعرف الرافض دائما للحب في شكله الجوهري ويحيله الى ممنوع خوفا من وصوله الى مرحلة الخطايا ،لكن الخطايا ترتكب ولم تتوقف فهل راجع احد تلك الأعراف!
تذهب روضة الفارسي الى الأكثر جرأة فهي تحكي عن علاقات الحب المرتبطة بكل الأحداث و تسمي الجنس باسمه اذا لا تقول عن ما حدث مع مجدولين ونديم من لقاء جسدي انه ممارسة للحب بل قالت على لسان مجدولين مرة "مارسنا الجنس "وعلى لسان سلمان زوجها مرة أخرى "اشتهي ان امارس معك الجنس"اذن في الرواية تثور الكاتبة على التابوهات وتتحدث عن الجنس والشهوة من منطلق ارتباطه بالحب لا كممارسة حيوانية ومن حيث انه ضرورة يحتاجها الجسم كما يحتاج اسباب العيش الاخرى والمتفق عليها كضرورة عيش.وان الموانع والسدود التي توضع لتحريمه أو تجريمه هو فعل انساني غير واع. فتقول الكاتبة (منذ البدء ورجال السلطة والدين يحولون الجنس الى خطيئة مميتة وسم للجسم والروح في حين ان طاقة الجنس هي الكينونة ونبع الحياة وسبب السمو لا العكس)التنظير الرواية هو لمجتمع خال من العقد يتعامل مع جسده وروحه في اطار الاستجابة الواعية لمتطلبات كل منهما دون أن يتدخل الضمير الجمعي في توجيهها وفقا لتراكمات اجتماعية أو عقد .واذا ما توفر الجوهر الطيب كانت المادة طاهرة ،وهو ما لا يتوفر بمجتمع يحاسب على الخطأ رغم انه الشريك الاساسي فيه أو المتسبب به ،ذلك ان فؤاد ليس فقط الظالم الوحيد ،امها نفسها ظلمت حين سكتت عن ظلم أخ الدم وسمحت له باضطهاد اخته التي لولا بعض الحظ لكان مصيرها نفس مصير بطلة رواية البرتو مورافيا امراة من روما التي حولتها اختيارات خاطئة من أمها ، من إمرأة بسيطة تحلم بالزواج والإنجاب الى امرأة ليل عكس مجدولين والتي رغم تخلي الأهل عنها فإن مغادرتها لسجن الأخ وحضن الأم المتواطئة معه بالصمت صنع الأفضل لحياتها وكان فيه الخلاص النسبي لها و لحياتها التي لم تخلو ايضا لمدة خمسة وعشرين سنة من هزات مؤلمة اهمها ضياع ابنها منها كل تلك الفترة .
بمنتهى الهدوء والاتزان والحرفية كتبت روضة الفارسي روايتها التي ارادتها سيرة لمجتمع مصغر وانتصرت في كل الأحداث والايحاءات لفكرة ان الحب هو الرابط الأمثل بين افراده فجملت أغلب شخصياتها به ،بل حتى الأخ انتهت بالأخير الى الحديث عن ندمه الداخلي .
فكانت الرواية انتصار للحياة والحب حددت اماكنها سلفا الكاتبة بإيحاءات ومفردات رمزية كزهر اللوز والجنة الصغيرة ،تلك المسميات للأمكنة تختزل فيها الكاتبة رؤيتها لما تنتظره من هذه الحياة التي من المفترض ان تكون بفضل التصالح مع رغباتنا وفهمها هو الوجود الأمثل لمن استخلف على الأرض ومنح السمو والبهاء فحوله الى زيف و قبح ليحيا تعاسة صنعها بيديه .
بمرور الزمن ننسى الخطايا وتلتئم الجراح ونغفر الجرائم إلا ما يسمى بجريمة الشرف أخ يساهم في تشريد اخته ولا يغفر لها رغم سنوات من الجمر و الحنين اكثر من عقدين ظل الضمير الجمعي يدعي انه المجني عليه وان مجرد خطإ بسيط يتحول الى عملية ذبح له في حين انه الجاني الذي لا يأبه بما خلفه من خراب بسبب أحكامه الجائرة واعرافه المهينة .



#نائلة_الشقراوي (هاشتاغ)       Naila_Chakraoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوكاب كتاب في أدب الرحلة للأديبة صفية قم، رحلة المعرفة والام ...
- بطعم الشاي بالنعناع يكتب وليد بن أحمد قصصه القصيرة جدا:المجم ...
- أيام إسبانية،رحلة الفتى الجنوبي نور الدين بالطيب الى فردوسه ...
- ماذا بين يد لوركا وقصائد ديوان خالد الهداجي في ديوانه مجرد ر ...
- الفكرة الشعرية ديوان سديم الورد نموذجا
- ديوان -لرجل أحببت-للشاعرة وسيلة المولهي: رسائل تشفيرية لرجل ...
- رمزية المكان في مجموعته القصصية( في أكل السحب)
- سفيان رجب السائر وراء الجنازات أم قناص جوائز ؟!
- حين تصنع وحيدة المي من الخراب مجد الفكرة والنص
- الصحفية عواطف بلدي تحاور قامة من قامات الشعر التونسي
- الصادق وجدان زير برتبة وزير عاشق
- القادر بلحاج نصر ومجموعته القصصية زطلة يا تونس /// تونس بعيو ...
- نورانيات الأنا العاشقة في ديوان وأشرق العشق لراضية الهلولي
- 10دق تكفي..للروائية رفيعة بوذينة، الرواية الجاهزة للتصوير
- فلسفة النص في مجموعة الوجه الآخر للحكاية لإبراهيم بن مراد
- رواية مراد ساسي المشي على شفرة حادة ، رحلة الهروب من الموت ا ...
- وجودية منير الوسلاتي ما بين الاستشراف العرفاني والشعرية _
- رواية للا السيدة للكاتب طارق الشيباني، الرواية المكتوبة على ...
- حفر دافئة للروائي التونسي الحبيب السالمي رواية التفاصيل المر ...
- الحبيب الهمامي ما بين تحليق وسفر ذات شاعرة يشدها الواقع إليه ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائلة الشقراوي - فينومينولوجيا التصوير السردي في رواية أمطار على افريكا