|
لإسرائيل الكلمة العليا في العمق الأفريقي ، سنوات من العمل الدؤوب .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6483 - 2020 / 2 / 5 - 23:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ ليس أقل عدلاً التذكير بوقائع تاريخية ، وبالتالي في المقام الأول ، لا فرق اخلاقياً بين من يتواصل ويقيم علاقة مع النظام الاسد وبين من يسعى لإقامة علاقة مع الكيان الاسرائيلي ، الخطوتان تعتبران إهانة واضحة للشعبين ، لكن جميعها تندرج في سياق تدبير الحال ، وبالتالي من يحمل خيباته في جيوبه ، من الغباء مساءلته عن أفعاله ولنا تجارب بمن كان الأسبق بالخيبات والنتائج ، لكن الملفت في مسألة السودان وفلسطين ، استطاعت إسرائيل بناء جدارين ، الأول في الضفة الغربية وبالتالي منعت الاوكسجين عن الفلسطينيين وأخرجت الأقصى من المفاوضات والآخر ، بناء ما يسمى بسد النهضة بالطبع بقرار إسرائيلي وبالتالي الهدف منه تعطيش مصر والسودان وتحويلهما إلى دولتين مستباحتين .
وهنا قد تكون استرداد جرعة من وقائع التاريخ ناجعة لترميم طرق اهتمام النظام السوداني بالعلاقة مع اسرائيليين وبشكل مباشر ، وللأمانة التاريخية وبالرغم من تفوق اسرائيل العسكري ، لم تهزم العسكرتارية الاسرائيلية العرب بالسلاح بقدر أنها ركعتهم بتفوقها التكنولوجي والاقتصادي والمشاريع الاستراتيجية التى تسعى من خلالها تأمين موارد الطبيعية وتوظيفها لمصالحها ، وهذا قد شاهده المراقب سابقاً ، في جميع الحروب كانا المشرعين التوراتي والاستيطاني يتراجعا ، لكن التخلف العربي أتاح دائماً للمشروع الصهيوني التقدم والتمدد ، وبالتالي الدول العربية بما فيهم منظمة التحرير الفلسطينية أصبحوا جميعاً امام واقع ، لقد فلتت الدول الكبرى والدولة العبرية كل من لديه مطامع بالتمدد باتجاه الجغرافيا العربية أو الانفكاك عنها ، كما هو الحال في العراق وسوريا وقبلهم السودان التى كلفت الحرب الأهلية والانفكاك 2:5 مليون ضحية بالإضافة لحركات النزوح الكبيرة ، فالسودان بشقيه ينغل بالحركات القبائل المسلحة والأحزاب ، كالبرتي والزيادية والعدال والمساواة والمعاليا والزيقات وديكنا بور والنجوك والنوير والاستوائيين والقائمة تطول ، جميعها كانت مدعومة من الخارج ومحيطها ، لأن باختصار يعتبر جنوب السودان بوابة لأفريقيا والموقع الاستراتيجي وبالتالي الصراع قائم على من يهيمن على أفريقيا ، فالدول الكبرى وعلى الاخص مثل اسرائيل تسعى للتحكم بجنوب السودان وموارده وبوابته بينما شمال السودان العربي أصبح معزول ووحيد .
بناء الأمم يأخذ جيلاً أو أكثر وهو جهد آخرته دائماً مسألتين ، الحرب الأهلية وفساد الحكومات ، ولكي لا يقع العربي بالاستغراب ، لقد بدأت العلاقة السودانية الاسرائيلية منذ الخمسينيات ، الرئيس الأسبق النميري كان أول من فتح هذا الباب من خلال تأمين هجرة يهود الفلاشا من مطار الخرطوم إلى أوروبا ومن ثم مطار تل ابيب ، وقد أُطلق على العملية بصفقة الخاشقخي آنذاك ، نسبةً للتاجر السلاح عدنان ، بل المرء عندما يبصر لحادثة من هذا الطراز الخاص ، يجد أنها ليست جديدة ، إذن ما حصل اليوم ليس مستغرباً استطراداً ، لأنه تطور طبيعي وحصيلة منطقية ، فمؤسس وأول رئيس لحزب الامة السوداني الحالي ورئيس ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان السوداني ، الصديق المهدي ، ابن الإمام المعروف ( عبد الرحمن ) عام 1954م واثناء مفاوضات الاستقلال عن بريطانيا ، ألتقى الرجل في العاصمة البريطانية لندن مسؤول في السفارة الاسرائيلية كما كانت تباعاً لقاءات مع جهات مالية واقتصادية اسرائيلية في تركيا من أجل إنشاء مشاريع استثمارية ، بالطبع الانقلابات والحروب الأهلية جعلت اسرائيل التوجه إلى العمق الأفريقي وبنت بالفعل علاقات اقتصادية أدت في النهاية إلى تقسيم السودان ومحاصرته اليوم مائياً وبقبائل مسلحة .
من جهة أخرى ، لا يمكن تفويت فرصة مثل حدث اليوم ، أو يتجاهل المرء علاقة البشير بإسرائيل ، وعلى نحو بسيط أو تبسيطي تارة وتركيبي إشكالي طوراً ، لم يكن لقاء الجنرال ورئيس مجلس السيادة البرهان ورئيس حكومة اسرائيل بالحدث الجديد ، بل اللقاء كان مقرر سابقاً لكن الثورة الشعبية السودانية أجبرت الطرفين بتأجيله ، اثناء رئاسة المخلوع البشير ، الرئيس السابق للسودان الشمالي ، عمل جهاز المخابرات بقيادة الفار ( قوش ) مع المخابرات الاسرائيلية ( الموساد ) في كثير من القضايا ، في هذه المرة كان الوسيط بين الطرفين تركيا وقطر ، الذي أدار الوساطة ، رجل من حزب التنمية والعدالة ( الحزب الحاكم ) .
حصيلة اللقاء وبشكل مبدئي ، تمكن نتنياهو الحصول على ممر أمن لشركة الطيران العال والشركات الاسرائيلية الاخرى ، وبالتالي باتت الطريق من تل ابيب إلى امريكا الجنوبية تأخذ وقتاً أقل بكثير عبر شمال السودان العربي ، في المقابل ، أصبح طريق السودان والرئيس عبد الفتاح البرهان ممهد إلى واشنطن وبالتالي سيرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وسيجنب السودان ومصر من كابوس العمق الأفريقي والعطش لمدة زمنية يقررها البلدين ، فكلما نشطت مصر وايضاً السودان في مجال الإنماء أصبح قرارهما أكثر مستقلاً . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتين الساعي لإعادة كبرياء الروسي ...
-
الفارق بين من يستجدي تصريح يتيم وآخر يستجدونه لمشاركته باحتف
...
-
قناة الجزيرة والأمير محمد بن سلمان ...
-
تكّلِفة الرد وتكلفة السكوت ...
-
تواصل الحركة الصهيونية تفكيكاتها ، التحالف الجديد للصهيونية
...
-
الفارق بين من يسوق البحر وأخر يجدف في البانيو ..
-
الانعطافات الكبرى لخروج الامريكي من العراق قبل تحقيق الدولة
...
-
فلسفة رياض سلامة للذباب والدبابير ...
-
سلطان قابوس أعتمد نظرية رأس النبعة ...
-
الفارق بين بناء نظام حداثي وآخر يريده نظام ابتلاعي فقط ...
-
سقوط الطائرة وسقوط الاستثناء ...
-
خلطة من الجعفرية والغفارية والرداكالية ...
-
القوة أمام من يريد حفظ ماء وجهه / ماء الوجه لا يقدر بثمن ..
-
رفاق السلاح يختلفون على العراق / مآلات تجميد أو إلغاء الاتفا
...
-
اللعبة انتهت حان وقت العمل ...
-
المهمة الوحيدة ...
-
الذكرى بين الماضي المجيد والحاضر المتعثر ..
-
الضربات الجوية تحول الحمقى إلى حلماء ، سبحان الله ...
-
على حين غرة تم إسقاط البروفيسور
-
جينيفر كراوت الصوت الذي كان يكافح للظهور في موقع آخر ...
المزيد.....
-
مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر
...
-
لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس
...
-
عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية
...
-
تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م
...
-
-المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي
...
-
بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
-
وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت
...
-
الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
-
خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|