أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ثورة بروميثيوس















المزيد.....

ثورة بروميثيوس


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 14:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بروميثيوس Prometheus - Προμηθεύς في الميثولوجيا الأغريقية هو مهندس الجنس البشري وخالقه والذي أعطاه كل إمكانياته التي مكنته من الصمود أمام الآلهة والطبيعة. وأول من ذكر قصة بروميثيوس هو الشاعر هيزيود Hesiod ولا ذكر لهذه الشخصية في الأوديسة ولا الإليادة الهومرية. وهو ينتمي لقبيلة "التيتان-Titan" أو الآلهة العمالقة الذين ينافسون آلهة الأولمب على القوة والسلطة، وله ثلاثة إخوة إيبيميثيوس، أطلس ومينوإثيوس Menoetius, Atlas, Epimetheus. وعندما اندلعت ثورة التيتان ضد كرونوس وبقية الآلهة الحاكمة، فإن بروميثيوس الحكيم والإنتهازي، انضم إلى قبيلة الأوليمب وحارب ضد قبيلته على عكس أطلس. ذلك أن بروميثيوس، ثاقب البصيرة، قد تعلم من الإلهة أثينا فن المعمار والهندسة والفلك والري والملاحة وعلوم الطب والشفاء وغيرها من المعارف التي مكنته من إتخاذ القرارات الحكيمة والتي تخدم مصالحه، وبعد إنتصار آلهة الأوليمب على التيتان، أتخذه زيوس Zeus مستشارا وذلك جزاء لمساندته له ولحكمته وأيضا لقدرته على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، بينما عاقب أخيه أطلس بأن يحمل السماء على كتفيه إلى الأبد. كلف زيوس كلا من بروميثيوس وأخيه إبيميثيوس، الذي خان هو الآخر قبيلته وحارب إلى جانب أعدائهم، بصناعة الحيوانات والبشر وتزويدهم بكل ما يكفي من متطلبات الحياة. وشرع إيبوثيميوس في العمل، فخلق كافة الحيوانات وقام بتزويدها بإمكانيات البقاء والتحمل والدفاع عن النفس، كحدة الحواس من السمع والبصر والشم وسرعة الحركة، ووسائل الدفاع عن النفس كالقرون والأنياب الحادة وكذلك الشعر والصوف والفرو ضد تقلبات الجو وضد البرد والعواصف. وفي نفس الوقت قام بروميثيوس بتصنيع الإنسان ببطء وعناية شديدة، واكتشف أن أخاه قد استنفذ كل رصيده من الموارد المساعدة على الحياة، أعطاها كلها لحيواناته ولم يتبقى للإنسان سوى القليل، فاضطر بروميثيوس بأن يجد حلولا أخرى ولجأ إلى زيوس طالباً مساعدته، غير أن هذا الأخير كان مترددا في مساعدة هذه المخلوقات الجديدة. أما بروميثيوس فقد هام حباً بالبشر أكثر مما توقع زيوس الذي لم يشاركه في ذلك، بل كان يريدهم أن يكونوا ضعفاء خائفين حتى لا يمتلكوا القوة التي تمكنهم من تحديه في أحد الأيام .كان زيوس يرى أن المعرفة والمهارات والمواهب لن تجلب الا الشقاء للبشر الفانين، ولكن بروميثيوس كان له رأى أخر في هذا الأمر فأعطى البشر العديد من المواهب والإمكانيات التي سرقها من آلهة الأوليمب هيفايستوس Hephaestus وأثينا وغيرهم، فأعطاهم فنون العمارة والبناء، والنجارة ،أستخراج المعادن، علم الفلك، تحديد الفصول، الأرقام والحروف الهجائيه، كما علمهم كيفية أستئناس حيوانات ابيميثيوس وركوبها والأبحار بالسفن، كما أعطاهم موهبة التداوى والشفاء إلخ. غير أن أهم هدية قدمها للبشر هي القدرة على المشي على قدمين كالآلهة بدلا من أربعة كبقية الحيوانات، كما نقل إليهم القدرة على إستعمال النار الإلهية واستخلاصها من البرق وشرر البراكين. وهكذا خلق الإنسان حسب هذه الأسطورة، والذي تطور تدريجيا وبدأ في تنمية قدراته المختلفة، الأمر الذي لم يعجب زيوس بل سبب له نوعا من القلق لخوفه من تنامي قوتهم والتمرد على سلطة الآلهة. ثم أزداد حنقه وقرفه من هذه المخلوقات المزعجة عندما وصلت الأخبار إلى الأوليمب بأنهم يقتلون بعضهم البعض لإرضاء الآلهة، فهناك من يذبح أبناءه وإخوته ويقدمها طعاما للآلهة، فقرر زيوس أن يبيد هذا الجنس الفاسد بإغراقهم في طوفان دام سبعة أيام، لم ينج منه سوى ديوكاليونDeucalionوزوجته، الذين صنعوا سفينة ضخمة حطت بهم فوق جبل آثوس أو إتنا حسب الروايات. وهكذا عادت الحياة من جديد على ظهر الأرض، بفضل بروميثيوس الذي أعلم ديوكاليون بقرار زيوس وموعد الطوفان. أما الحدث الرئيسي الذي يشكل بداية القطيعة بين بروميثيوس وسيد الآلهة، فهو عندما طلب منه أن يكون حكما في نزاع بين البشر والآلهة حول قسمة ثور ذبح كضحية، فقام بروميثيوس بسلخ الثور وتقطيع أجزائه وقص الجلد إلى قسمين وضع في الأول كل قطع اللحم ثم غطاها بالبطن وأحشاء الثور، وفي القسم الثاني وضع كل العضام المتبقية وغطاها بطبقة من الشحم، وطلب من زيوس أن يختار نصيب الآلهة، فانخدع زيوس بسهولة واختار الجزء المحتوي على العضام والشحم والذي أصبح هو الجزء المخصص للآلهة منذ ذلك الوقت. وثار غضب زيوس وقرر أن يحرم البشر من النار ويجعلهم يأكلون لحمهم نيئا. وهنا ذهب بروميثيوس إلى اثينا وطلب منها أن تدخله إلى البانتيون حيث تتواجد كل الآلهة، فساعدته في الدخول، ووجد طريقه إلى ورشة هيفايستوس، الحداد الأعرج المكلف بصناعة الأسلحه والدروع للآلهه وفوق ذلك صنع صواعق زيوس النارية، وأخذ عدة جمرات من عربة النار خبأها في عصاة مجوفة وتسلل هاربا دون أن يلحظه أحد، وأعطى النار للبشر هدية وتعويضا عن الضرر الذي لحق بهم نتيجة خداعه للآلهة. ولم ينتظر طويلا عقاب زيوس، الذي أمر هيفايستوس بصنع سلاسل ضخمة وتقييد بروميثيوس بأصفاد حديدية إلى صخرة في أحد جبال القفقاز، وحيث يأتي نسر لينهش كبدته من الصباح إلى المساء، وأثناء الليل تنمو كبده وتعود كاملة كما كانت لتغذي النسر الجائع طوال اليوم التالي حتى مغيب الشمس، وهكذا إلى الأبد. العقاب يبدو صارما ومتوحشا ويشبه الإنتقام، غير أن الأسطورة لا يمكن أن تتوقف هنا، فلا بد من نهاية سعيدة كما في افلام هوليوود، فيتدخل البطل هيراكليس Heracles ويطلب من زيوس أن يصفح عن خطأ بروميثيوس، فيقبل هذا الأخير على شرط أن يحمل في أصبعه خاتما مصنوعا من حديد أصفاده ومزينا بقطعة من حجر الصخرة التي كان مقيدا إليها، أي أن يحمل في جسده علامة عبوديته وعقابه إلى الأبد. القصة تبدو مخيبة للآمال لدرجة الإحباط، حيث لا نرى أين هي ثورة بروميثيوس وتمرده ونضاله ضد سلطة الآلهة. الأمر كله يبدو أسطورة داخل أسطورة، أسطورة جديدة نسجها لاحقا خيال الشعراء داخل الأسطورة الأصلية. بروميثيوس يعتبر حقا حليفا للبشر ووقف معهم ضد الآلهة، ولكن الوسائل التي استعملها للوصول إلى أغراضه، الغش والخداع والخيانة لا تدخل ضمن الفعاليات الثورية ولا تتناسب مع المنظومة الفكرية الثورية، إنها بالأحرى وسائل رجال السياسة والباحثين عن سلم السلطة، حيث الغاية تبرر الوسيلة، وفي نفس الوقت فإن هذه الأسطورة تلقي الضوء على رغبة الإنسان وتوقه على الدوام إلى الثورة وكسر قيود العبودية، بحيث يرى علاماتها حتى حيث لا توجد، وحتى إن كانت وهمية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الرفض والتمرد
- وتفقد الوردة حمرتها خجلا
- الإرهاب والثورة
- عودة إلى فكرة الحرية
- غزة .. ترفض أن تموت
- ثقافة التوكل
- سريالية الأشكال
- الأدب والمخدرات
- فاغنر وسيمفونية الكلاشنكوف
- محمد البوعزيزي
- رموش الحجر
- بؤس الكلمات
- بؤس الكامات
- مباراة الشطرنج الخاسرة
- الهروب في الليالي الممطرة
- جنون الوحي
- فاغنر وحفتر وطباخ بوتين
- نهاية اللعبة
- الحرب القذرة في ليبيا
- مرتزقة من روسيا لمسانده حفتر


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ثورة بروميثيوس