أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعود سالم - محمد البوعزيزي














المزيد.....

محمد البوعزيزي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 14:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


" الحرية " هذه الكلمة السحرية المخبأة في قلب كل إنسان، يحتضنها ويغذيها بأحلامه وآلامه ودموعه ودمائه في كل دقيقة وكل ثانية من وجوده. هذه الكلمة البسيطة التي تغنى بها وحلم بطيفها كل عبيد الأرض، منذ سبارتاكوس حتى يومنا هذا، ينشدها ويتوق إليها معذبوا الأرض، من عمال المناجم في بطن الأرض في شمال أوربا، إلى العمال المهاجرون من آسيا وأفريقيا، يجتازون البحار الهائجة في ظلمة الليل في قوارب خشبية مهترئة وممتلئة حتى الحافة بالبشر، ينشدون الحرية. هذه الكلمة السحرية - السرية التي مات من أجل حروفها النارية آلاف البشر، وما يزالون يموتون ويسجنون ويعذبون بالمئات كل دقيقة في كل بقاع الدنيا، ما هي هذه الحرية؟ وما هو لونها وشكلها وحجمها؟ وكيف تتواجد وأين تنبت وتنمو وأين تصنع وأين يمكن شراؤها؟ يبدو أن أقرب سوبر ماركت يسمى أمريكا وفرنسا وبريطانيا ودول الغرب عموما، وأن "الديموقراطية" هي الماركة المسجلة لمنتجات "الحرية"، حسب ميثولوجيا الثقافة السائدة في الغرب والشرق والشمال والجنوب.
عندما ثار محمد البوعزيزي يوم الجمعة 17 ديسمبر2010 احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية لعربتة التي كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وقرر إضرام النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بوزيد، فإنه بهذا العمل أكد بما لا يدع مجالا للشك وبطريقة مفجعة على حريته المطلقة وعلى كونه غير قابل للإستعباد أو الإهانة والإحتقار أو المساومة من قبل السلطة، وهو أقصى ما يمكن أن تصل إليه الحرية الفردية لتحقيق ذاتها وتأكيدها أمام شراسة السلطة في نفي الفرد وسلبه مقومات وجوده الأساسية. غير أن هذا الحدث يظل عملا فرديا يائسا ليس بالأول ولا بالأخير، لولا الظروف الموضوعية التي جعلته يصبح رمزا ومنبعا لغضب شعبي وإجتماعي شامل أدى إلى إشعال انتفاضة شعبية وثورة دامت قرابة الشهر أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، ثم انتقلت الثورة إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين. وكانت مطالب الشعب الغاضب، في البداية هي نفسها مطالب البوعزيزي: الخبز والعدالة والحق في الحياة الكريمة. غير أنه في ظرف أسابيع قليلة، جاء الإسلاميون والليبراليون والرأسماليون وغيرهم من محترفي الكلام السياسي ولحقوا بقطار الثورة، ورغم أنهم ركبوا العربة الأخيرة، إلا أنهم كانوا مزودين بالأبواق القطرية والسعودية وأجهزة الإعلام الغربية، وسرعان ما تمكنوا من إزالة المطالب الشعبية الحقيقية من قاموس الثورة واستبدالها بمفاهيم هلامية فضفاضة مثل: الحرية الديموقراطية وتغيير النواب والشيوخ والإطاحة بالبرلمان أو إسقاط النظام. فالبوعزيزي لم يطالب بالحرية، لأنه كان حرا حتى النخاع، ولم يكن بحاجة إلى تصريح لممارسة هذه الحرية، والشعب الثائر لم يكن يطالب بالحرية، لأنه كان يمارس حريته حتى الموت في الخروج إلى الشارع تحت رصاص السلطة ومدرعاتها، ولم يكن يحتاج إلى تصريح أو مرسوم ملكي أو جمهوري أو إلهي ليشرع حقه في التظاهر أوعدمه، الحرية ممارسة وليست حقا دستوريا قابلا للإستفتاء عليه. مطالب الشعب المسروقة كانت بسيطة وقابلة للتحقيق فورا، الخبز والعدالة والمساواة والحياة الكريمة، مطالب يمكن قياس درجة تطبيقها علميا وفي كل لحظة، مطالب إجتماعية تهم الشعب بأكمله بدون إستثناء. بينما مطالب الحرية والديموقراطية، هي مطالب سياسية تتعلق بممارسة السلطة وتوزيع الأدوار بين قبائل النخبة الحاكمة المعزولة عن الشعب بطبقة كثيفة من الذهب والدولارات والسيارات الفارهة والحسابات المصرفية في سويسرا وأوربا، الذين لم يعرفوا يوما ولن يعرفوا مطلقا معنى أن يحرق شاب نفسه من أجل عربة خضار.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رموش الحجر
- بؤس الكلمات
- بؤس الكامات
- مباراة الشطرنج الخاسرة
- الهروب في الليالي الممطرة
- جنون الوحي
- فاغنر وحفتر وطباخ بوتين
- نهاية اللعبة
- الحرب القذرة في ليبيا
- مرتزقة من روسيا لمسانده حفتر
- اللامبالية
- المسكالين والإدراك
- عناقيد المطر
- عن الصبار المكسيكي
- الحجاب والغياب
- من الجنون للجنون
- أزلام الله - الذئاب المقدسة
- الشجرة والمكعب
- الموت المغناطيسي
- عالم الصور الإفلاطوني


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعود سالم - محمد البوعزيزي