أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الهروب في الليالي الممطرة














المزيد.....

الهروب في الليالي الممطرة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6427 - 2019 / 12 / 3 - 15:44
المحور: الادب والفن
    


من أين تأتي كل هذه الأصوات وما مصدر الضجيج أسئلة تستحضر الغياب وتبتغي الإيحاء صور صور صور الريح تعبث بمصراع النافذة وتعوي من بين الشقوق تصفر الريح كأفعى أو كسخان ماء يغلي تراكمات وتداعيات يشرب الشاي في الصباح وفي المساء وما بينهما تعود أن يشرب الشاي في صمت وينظر أمامه في الفراغ ينظر من النافذة إلى السهول القاحلة الممتدة على مرمى البصر وينظر إلى الجدران والسقف عله ينشق وتترائى له غابة أو مغارة أو جبل مغطى بالثلوج نهر أو بحيرة لينطلق يطارد الطيور والغزلان والوحوش عبر السهول والماء والخضرة ويسمع السخان يغلي وصوت الأطفال في الشارع وسؤال يأتيه ممزوجا برائحة القهوة هل أنت حي ويتردد ثم يضحك ثم ينهض ماذا يجري في ذهنك في ماذا تفكر هل تفكر يأخذ فأسه القديمة ويفتح الباب ويقفز إلى الشارع حي أكساراي كالعادة مزدحم أصوات وعيون وأجساد تتحرك كالنمل كالدود كالذباب كالبشر الكل مبرمج ولكل مهمة وغاية لكل خريطة طريق يومية وجد المرشد الدليل خبير مسارب الغابة والأحراش أمام فندق الخليل يشرب القهوة ويعد نقوده ويحسب عددالمسافرين يكتشف ملمس الطاولة التي يجلس إليها يتحسس الخشب الناعم يكاد يتحول حجرا قديم هذا المقهى، أقدم من الأسطورة ذاتها كذلك الذي جلس فيه لآخر مرة منذ ثلاثين عاما قبل أن يأخذ قاربه ويخرج للبحر يتفقد شباكه كان الوقت فجرا أو قبل الفجر بقليل قال له الساقي لا تخرج في هذه الظلمة الحالكة البحر هائج والعاصفة على وشك الإنفجار ألا تسمع كل هذه الأصوات ألا تسمع هذا الزئير ألا تشعر في جسدك بالزلزال القادم لم يفهم وربما لم يسمع الكلمات وبعد لحظات رأى العاصفة رأى الأشجار تقتلعها الريح من جذورها رأى الأشياء تطير في الفضاء رأى الهواء يتحول إلى تراب أحمر رأى إختفاء الشمس وهجوم البحر على شوارع المدينة ورأى الناس تجري وتتساقط من الخوف والهلع ورأى نفسه يجري ويجري ويجري تدفعه الريح في ظهره ترفعه في الهواء وتقذفه على ألأحجار ويسقط متهالكا على سريره في حانة الإنتظار يسقط في مغارة الغيم والدخان أمام بوابة الغابة يريد الدخول يحاول الصعود يحاول التسلق واجتياز الأسوار والأسلاك والحدود تتقشر أظافره وتدمى يداه وينسلخ الجلد ويتضرج الجسد ألما ودما وعرقا ويسقط ثانية على الأرض ويتدحرج ويتدحرج تدفعه الريح للهاوية ويواصل السقوط ويحلم بالفجر ونسيم البحر وطعم القهوة ورائحة الحب وملمس الحنين ويحلم بالسلم المتكيء على الحائط الطيني يتسلق على الكرسي الخشبي العتيق تواجهه صورته في المرآة تلفها الغيوم وتنتابه الظنون ويرى أناه تتفجر إلى ألف قطعة وإنيته تتفتت وتستحيل غبارا تحترق دخانا ورمادا وتسقط الملكية تتحول الهاء إلى نقيضها ويصيبني الدوار واسمع المفتاح يدور في قفل الباب أتسلل في الليل إلى دهاليز الذاكرة بدون خارطة أتيه في سراديب الزمن تضيئني فكرة وتذكرة القطار وكحول رديء في ظلمة الليل ينتابني شعور غريب بالغربة والحنين كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا عندما توغلنا في الغابة سيرا على الأقدام عبر الجسر فوق الوادي وكانت الليلة ممطرة وباردة وفي الفجر دخلنا بلدة أورسياد سرا سرنا في الشوارع حتى لا يرانا أحد في النهار أتسلل داخل الصندوق الضوئي أعبث بمجرى الأحداث استبدل أسماء الموتى بموتى ألفق الأخبار وأنشر خبر الثورة بقينا عند مخرج الغابة مختبئين وسط الأحراش ننتظر فرصة العبور ننتظر القطار وأسقط ثانية للوراء يتدحرج السلم الخشبي على الأرض يتمدد بجانب الجدار مثل جثة حاول تمزيق الظلمة بسكينه السحب المضيئة بعيدة بعيدة عن منبع الرغبة وتبدوعالية مثل أسوار الجنة مثل أسوار طروادة السلم لمكسور نخره الدود والكرسي طار متموجا في الفضاء والبحر جف مخلفا صحراء قاحلة تمتد على مرمى البصر تلتهم البشر



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنون الوحي
- فاغنر وحفتر وطباخ بوتين
- نهاية اللعبة
- الحرب القذرة في ليبيا
- مرتزقة من روسيا لمسانده حفتر
- اللامبالية
- المسكالين والإدراك
- عناقيد المطر
- عن الصبار المكسيكي
- الحجاب والغياب
- من الجنون للجنون
- أزلام الله - الذئاب المقدسة
- الشجرة والمكعب
- الموت المغناطيسي
- عالم الصور الإفلاطوني
- الحجر المجوف
- خارطة القبور
- بلد العميان
- العين وآلية الرؤية
- إنتحار إنكيدو


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - الهروب في الليالي الممطرة