الحرب القذرة في ليبيا

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)

الحوار المتمدن-العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

٢ - الحرب الحفترية على طرابلس
في منتصف شهر أكتوبر ٢٠١٩، بدأت أول الجثث للمرتزقة والجنود الروس الذين قتلوا في الحرب الحفترية في ليبيا للوصول إلى بلادهم ليدفنوا فيها بين أهاليهم. من الناحية الرسمية، روسيا دولة محايدة بخصوص الحرب الليبية ولا تشارك أو تساند أي من الطرفين المتنازعين على السلطة، غير أن الحقيقة غير ذلك على الإطلاق، حيث أثبت الإعلام الغربي وجود العديد من العسكر الروس يقاتلون بجانب ما يسمى بـ "الجيش العربي الليبي" في محاولته البائسة لإحتلال العاصمة الليبية طرابلس، ويقدم هؤلاء المقاتلون الروس دعماً فنيا وتقنياهائلاً لجانب واحد من النزاع، وذلك في مقابل "النفط والسكك الحديدية والطرق السريعة" التي وعد بها العقيد حفتر وعصابته حلفاءه الروس. كما قامت روسيا عدة مرات بإستعمال حق الفيتو في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لعرقلة بيانات تدين صراحة الهجوم الحفتري على طرابلس. وحسب التحقيق الذي قامت به الصحفية ليليا ياباروفا Liliya Yapparova من صحيفة ميدوزا Meduza، أن وكالة عسكرية روسية خاصة سيئة السمعة تكبدت عشرات الضحايا في ليبيا، وعثرت على بعض أسماء المرتزقة المفقودين وصورهم وعناوينهم على الرغم من الجهود المبذولة للحفاظ على سرية المعلومات والتي تصل لدرجة حجب جثث المرتزقة عن أهاليهم.
ونحن نعرف اليوم أن ما يصل إلى 35 مقاتلا روسيا من PMG فاغنر، هذه الوكالة السيئة السمعة، قتلوا في الصراع الليبي على حدود طرابلس. منهم خمسة من مرتزقة وقادة PMC، فضلا عن حفنة من FSB وهو البوليس السري الروسي Russia’s Federal Security Service و MVD veterans موظفون من قبل وزارة الداخلية الروسية Russia’s Internal Affairs Ministry. وأشارت الصحف الروسية إلى أن المقاتلين المعنيين كانوا من مناطق كراسنودار الروسية Krasnodar وسفيردلوفسك Sverdlovsk ومورمانسك Murmansk. في حين أن أغلب عائلات المقاتلين الذين قُتلوا في ليبيا لم تصلهم أية معلومات عن أبنائهم، ذلك أن الحكومة الروسية وفاغنر لم تبلغ هذه العائلات رسميًا بأي وفيات قتالية. وهذا يتعارض مع الممارسة المعتادة التي تتبعها PMC، وهي إرسال شهادات الوفاة وكذلك الميداليات والنياشين العسكرية التابعة للقتيل للعائلات أو لأقارب المقاتلين.
طلب خليفة حفتر لأول مرة دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا روسيًا في عام 2015. وقال مصدر مطلع على هذه العلاقة لـ Meduza إن المشرف الميداني الليبي اتصل بالمسؤولين الروس بعد إطلاعه على العمليات العسكرية الروسية في الحرب السورية. وحذر حفتر من أن استحواذه على ليبيا سيكون" دمويًا"، لكن مصدر ميدوزا قال إنه وعد في نفس الوقت بـ "النفط والسكك الحديدية والطرق السريعة وأي شيء تريده روسيا" وذلك مقابل القوات العسكرية والأسلحة والخبراء وطائرات الإستخبارات إلخ، وكذلك مقابل المساندة الدبلوماسية دوليا ويالذات استخدام حق الفيتو الذي تتمتع به روسيا في الأمم المتحدة والذي سيساعده في الوصول إلى هدفه.
في البداية ، أشار المصدر إلى أن وزارة الدفاع الروسية كانت متشككة في اقتراح حفتر، ولم تتم دعوة العقيد - ماريشال إلى موسكو، لكنه كان قد التقى سابقًا بمسؤولين عسكريين رفيعي المستوى ومع مالك فاجنر PMC وصديق بوتين بلحمه وشحمه Evgeny Prigozhin. وللمزيد من تعمية الرأي العام، أجرى ممثلو الحكومة الروسية مفاوضات مع حفتر ومعارضيه المدعومين من الأمم المتحدة في العاصمة الشيشانية جروزنيGrozny. ورغم سرية الإتصالات والمفاوضات فإن المصادر الإعلامية سرعان ما تمكنت من الإطلاع على العديد من الأخبار التي تسربت من قبل بعض القنوات وسارعت في نشرها. وتم الإبلاغ عن إرسال عشرات المدربين والخبراء الروس وأعداد من القوات الخاصة إلى ليبيا في عام 2018، والمرتزقة الروس بدأوا يظهرون بشكل متزايد لحماية المواقع والمنشآت النفطية التابعة للعقيد الجنرال المتقاعد.
مع اقتراب تقدم حفتر نحو طرابلس ، بدأت صور المقاتلين الروس في ليبيا تظهر بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي، وأبلغت صحيفة تلغراف The Telegraph عن وجود حوالي 300 جندي مرتزق في ليبيا، شاركوا بنشاط في المهام التحضيرية والدفاع عن خط الإمداد في الأشهر الأولى من عام 2019. وأضاف مصدر آخر قريب من المفاوضات الروسية الليبية أن حفتر يستمر في الاستفادة من الدعم الروسي العسكري والدبلوماسي، ولكنه في نفس الوقت يتمتع بدعم شديد الفعالية من مصر والسعودية والإمارات، بمعنى أنه لا يعتمد على جهة واحدة في حربه على طرابلس، وإنما يتلقى الدعم من جهات مختلفة.

#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل