أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - قلقامش الصغير














المزيد.....

قلقامش الصغير


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6461 - 2020 / 1 / 10 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


إحفر في كل مكان تجد عشبة الخلود . لقد سقطت من فم الأفعى المتغطرسة لما طاردها عفريت من الجن. إنها مدفونة في مكان ما من هذا العالم. قد تكون داخل حيطان حجرتك المعتمة أو في صحن البيت. أو في أحد شوارع المدينة المحاذية لطابور الموتى.
لا تيأس كما يئس قلقامش . الموت على بعد أمتار من حديقة رأسك.
لم يك بد من إلحاق الهزيمة بالموت واستئصال شأفته.
يقفز ( ع ) من شرفة النوم مثل قطار مبحوح الحنجرة مصطفقا مثل ورقة في مهب الريح. وقد نالت منه هذه الكوابيس المزعجة جدا .
يلتقط فأسا حادة ويظل يحفر هنا وهناك منقرا عن هذه العشبة الملعونة.
لا بد من العثور على هذا الكنز وإبطال مفاعيل الموت. هذا الغول المتوحش الذي إلتهم خالصتي وأفرغ رصاصاته في شجرة الأسلاف الجميلة.
لقد حفر حفرا كثيرة في البيت بحثا عن تلك العشبة السحرية ثم إمتدت يده خلسة إلى كنيسة مجاورة لبيته. كان حفارا فذا غير آبه بمآل الأمور.
- سأصطاد هذه العشبة المتخفية تحت جلد الأرض وأنتصر على الموت وإرادته الأبدية المدمرة لجوهر الأشياء الجميلة.
لقد أتعبه الموت إلى حد الجنون.
تخطف صديقه أنكيدو أو الهاشمي الذي قاسمه الضرب في مناكب الماورائيات وقتل الثور المجنح وقطع أشجار غابة الأرز وإطلاق النار على ذلك الحارس البهلوان خومبابا.
لقد بكى بحرقة عند إختفاء الهاشمي صديقه اليومي الصميم .
ذاك الأعزب السريالي الذي أفرده جميع الناس واغتدى ظله الذي لا تمحي معالمه .
لقد حلقوا شعر رأسه المهوش قبل دخوله إلى غرفة العمليات بمستشفى الأعصاب بشفرة طبية حادة إثر تعرضه إلى جلطة دماغية حادة.
لكن لم يدر بخلده أن الموت يترصده مثل قناص شوفيني.
بيد أن الهاشمي خرج جثة هامدة من بيت العمليات .
رفض دفنه أسبوعا كاملا بما أنه لا يؤمن بحتمية الموت وقوته الضاربة في معدن الأشياء.
أخيرا حمله على ظهره خلسة ودفنه في حديقة بيته منتظرا المعجزة أو قيامة صديقه البائس .
ظل يجلس بمفرده في مقهى الميناء محلقة عيناه مثل نورسين مذعورين فوق الأمواج العبثية.
مات الهاشمي وكثير من أصدقائه
خدعهم الموت هذا الدجال المهجوس بسرقة الأرواح الشفافة المتوهجة. وإفراغ الأشياء من معناها الجميل.
لم تكن أمه من جنس الآلهة وتحدر أبوه من عائلة غير متدينة .
صار يؤرقه فعل الموت في الأشياء.
وظل يحفر في كل مكان بحثا وتنقيبا عن العشبة التي أخفتها الساحرة في باطن الأرض.
لقد كست التجاعيد جسده الهش
وغارت عيناه المتلامعتان.
الموت يخرج لسانه الطويل المعقوف ساخرا من عمله العبثي والحفر الغزيرة التي أنجزها دون إدراك مبتغاه والحصول على عشبة الخلود.
بينما كان منغمسا في نوم عميق لاح له طيف أنكيدو صديقه الهاشمي الذي مات في المستشفى
مثل آلاف الناس.
كف عن الحفر يا صديقي.
العشبة في بطن الأفعى التي تحولت إلى جزيئات من الغبار الشفيف.
أصح يا صاح. صدقني بالفعل الخلاق وحده ستنتصر على الموت. من ثم أنت مجبر على مقارعته بديمومة الخلق والإبتكار والإنشاء .



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دفاتر بهلول
- دعاء الأرمل
- العائد من جبل الموت
- الساحر في خلوته
- نهايات غير منتظرة
- تغريدة الصباح٣
- عطور نادرة
- عذابات إرميا المهذب
- قطار ينبح في حديقة ألأرملة
- الشاعر في عوده الأبدي
- لنتفاوض يا الله
- المجد لجميزة حتحور
- متسول سيميائيات
- لأ أريد إفناءك يا هضابي
- لعنة مالدرور
- أمير نائم في زورق هادئ.
- الرجل الذي أكل جسده
- مات كل شيء
- تمثال يعوي في العتمة
- في مكان هادئ داخل صدري


المزيد.....




- -فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م ...
- فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل ...
- “فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا ...
- موسيقيون جزائريون يشاركون في مهرجان الجاز بالأورال الروسية
- الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء ...
- شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع ...
- بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
- توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد ...
- قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل ...
- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...


المزيد.....

- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - قلقامش الصغير