أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - القراءة كترفيه عنيف, والمقالة كحلبة ملاكمة














المزيد.....

القراءة كترفيه عنيف, والمقالة كحلبة ملاكمة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتبت بين الجد والهزل لصديق كان يعتذر ان كان اغضبني ان لايقلق فأنا "ان غضبت كتبت مقالة, فاحول ذلك الغضب الى ما يسعدني."
وحين اقرأ في مواقع الإنترنيت اجد غالبا من يكتب في المساء ليعيد الصفعات التي تلقاها نهاراً, ومن يقرأ ويقيم فأنما يفعل ذلك كمشاهد لجولة ملاكمة, جاء ليفرغ توترات يومه واحباطاته ومقالقه بمشاهد العنف الثقافية. إنه يقيم ما يقرأ بقدر ما يكيل الملاكم الذي يحبه, الضربات الى خصمه, خصم القارئ, ليخرج من قراءته, ليس بمعلومات اضافية او وجهة نظر جديدة, بل بمتعة جديدة وابتسامة عريضة, او تجهم في الوجه.

أنه يقلب المقالات كمن ينتقي الحلبات التي سيشاهدها. يمر على المقالة سريعا, ملقياً نظرة سريعة من باب الحلبة نصف المفتوح ليرى ان كانت المقالة – الحلبة مرشحة ان تسره بإنتصارات ملاكمه ام تثير الغم فيه حين يتلقى الرأي الذي يعتنقه, او البطل الذي يحبه, اللكمات المستقيمة المؤلمة.

بعض المواقع الألكترونية تتيح للقاريء المتحمس ان يشارك في النزال بلكمة يكيلها الى الكاتب او الى خصم الكاتب, مستفيداً من امكانية تقييم المقالة, فيعطيها الدرجة الدنيا او القصوى, او من خلال كتابة تعليق محطم او مصفق.

كلنا يفعل ذلك بدرجة او اخرى, رغم اننا جميعاً نؤمن بالمثل الأعلى في المباريات: "ليكن الفوز للأفضل".
لكن التوتر مستعجل للإفراغ بالتمتع, بينما الأمثال العليا يمكنها ان تنتظر. لذا نفرح ان فاز فريقنا ولو بضربة حظ كما اننا سنتساهل عن بعض الغش البسيط هنا وهناك ان كان يساعدنا على الفوز.

لقد كتبت العديد من المقالات من مختلف الأنواع, ولاحظت ان المقالات الدراسية المليئة بالاستشهادات والتي تأخذ من وقتي اكثر من غيرها, ليست الأكثر شعبية بين القراء, رغم انها من المفروض ان تقدم محتوى أغنى, ومساهمة اكبر في البحث عن الحقيقة.
لكن "الحقيقة" ليست بالشعبية التي نتصورها. يقول نيتشة: " لقد اثبت التأريخ ان حاجة الإنسان للوهم اكبر من حاجته الى الحقيقة". ويبدو لي ان حاجة الإنسان ليست تماماً الى "الوهم" بل لعلها الحاجة الى الإطمئنان, والوهم الذي يسمح لنا ان نشكله حسبما نريد, اقدر عادة على تقديم هذا الإطمئنان السريع, من قدرة الحقيقة الحيادية القاسية على ذلك, خاصة عندما يكون التوتر والقلق عالياً مستعجلاً, كما هو الحال غالباً اليوم.

"الحقيقة" يمكنها هي الأخرى ان تعطي الشعور بالإطمئنان, إلا في الحالات الميؤس منها تماماً. فالحقيقة تقدم جواً نهارياً مضيئاً يكشف الوحوش المخيفة واسنانها اللامعة, لكنه يكشف ايضاً الطريق الى الخلاص, ولعل هذا ما يدفع البعض للبحث عنها بحب واصرار.ومثل هؤلاء يصعب على الوهم ان يعطيهم الأمان.

لكن "امان الحقيقة" أمان محدود مهدد ويتطلب دائماً جهدا لتحقيقه, لذا فأن شديد القلق والمتعب لن يجد ضالته فيها غالباً, فيتحول الى الوهم. لذا ليس من الواقعية ان نتوقع قارئأً يقرأ من اجل الحقيقة المجردة في ظروف الحرب أو الإرهاب او الإضطهاد الدكتاتوري, او كاتباً يكتب من اجل تلك الحقيقة فقط.

ورغم ان الحقيقة المجردة هي اكثر الطرق كفاءة للوصول الى حل, لكن الإنسان ليس حاسبة, ودماغه ليس قرص صلب يملأ بالمعلومات بضغطة على لوحة المفاتيح. انه يبحث عن المعلومات والأجوبة فقط حين يحار وتقلقه الأسئلة وتقض رقاده. يقول مثل فرنسي: "رجل سعيد, رجل لا يفكر"

فكيف الحل لهذا الإشكال: الحقيقة هي الطريق الأنسب لحل المشاكل, لكننا لا نفكر إلا عندما نقلق, وعندها نبحث عادة عن الوهم وليس الحقيقة! او بعبارة اخرى ان الحافز للبحث عن حل, هو نفس الحافز لتجنب الحقيقة لحساب البحث عن الوهم, وكلما ازداد الحافز حدة, ازداد النشاط للبحث عن حل, وازدادت معه الرغبة في اللجؤ الى الوهم. فما الحل؟

يبدو لي ان خير ما نستطيعه مع طبيعتنا المتناقضة هذه هو ان نستعين بالوعي بهذه الإشكالية ليزيد من ارادتنا بالإبتعاد عن الوهم الدافئ اللذيد وتحمل البقاء قرب الحقيقة الباردة اطول مدة ممكنة. أن نراقب ميولنا, وان نتفهمها...وتعالوا نتفق ان ننظر الى ايدينا قبل ان نكتب او نقرأ او نقيم, لنر ان كانت تحمل قلماً ام ترتدي قفاز ملاكمة!



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيان حرسي ماكان:قصة فضيحة ديمقراطية عريقة
- القاء اللوم على البيادق: الى اين نوجه انظارنا في العراق؟
- لذة الحلول المسمومة
- حكومة تولد في قفص الإتهام
- إعادة الإعتبار للإنحطاط: رد على (الدكتاتور الرائع) لعلي الصر ...
- أفضل مفاوضي الحكم في العراق: متابعات في الوضع العراقي الراهن
- برج الحرباء يمر على سماء بغداد
- لو حكم سليمان الحكيم لأعطاها للجعفري فوراً
- الكرامة مسألة اعتبارية
- العامة والسادة في حافلة نقل الركاب: خيار بين الإمام علي ومعا ...
- تحذير عاجل من حملة غش بالإنترنيت على العراقيين
- الحمد لله ليس ما في العراق حرب اهلية!
- أيها الجعفري لاتنسحب
- المصباح الوحيد في الشارع
- مبدأ مقهى ابو فاتح
- ما ايسر بيت قلته؟ هدية مشاغبة الى الحزب الشيوعي العراقي بعيد ...
- سلام عليك بلادنا
- إنه العشق يا نزار جاف
- الخيارات الأمريكية للعراقيين: علاوي أو الحرب الأهلية– سيناري ...
- لنمتنع عن ذكر الهوية الطائفية للضحايا: مشروع قانون لتفادي ال ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صائب خليل - القراءة كترفيه عنيف, والمقالة كحلبة ملاكمة