أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - كيف تكون شيوعياً جيداً؟















المزيد.....

كيف تكون شيوعياً جيداً؟


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6441 - 2019 / 12 / 18 - 15:58
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


أحاول من أربعين عاماً أن أفهم كيف يكون الإنسان شيوعياً جيداً، لم أُفلح في ذلك، ولم أصل حتى اليوم إلى نتيجة مرضية. ما السر يا ترى؟ الشيوعية كفكرة متاحة للجميع، مشاع، يمكن فهمها نظرياً من الكتب. فقط اقرأ "البيان الشيوعي" وستفهم. ولكن عندما "زُرعتْ" في أرض "الواقع" كانت نتيجة الحصاد خليطة فيها القمح والشعير والزيوان والتبن والحصى والتراب والعدس والجلبان. غربل إن كنت تستطيع الغربلة، وفي المثل: "من غربل الناس نخلوه".

هل الشيوعية هي أحد أنماط اقتصاد مستقبل العالم لبناء المجتمعات الإنسانية والتي ستصل إليه شاء من شاء وأبى من أبى، كما يؤمن بذلك البعض من الشيوعيين، أم هي فكرة تتبع الفلسفية الماركسية وتتجسد في كفاح الشعوب وفق منهج "المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية" وتجلياتهما. وهل هناك فرق بين الشيوعية والماركسية؟ وما الفرق بين الأحزاب الشيوعية العالمية والشيوعية كنظرية كما اكتشفها أو طورها ماركس - أنجلز؟ أم يجب أن نقول: ستالين- لينين - أنجلز - ماركس. كما هي الصورة التي ترفعها بعض الأحزاب الشيوعية العربية في مؤتمراتها وهي التي - أي الأحزاب الشيوعية - تحارب الشيوعية. هل فعلاً بعض الأحزاب الشيوعية تحارب الشيوعية؟ وهل الفساد ملَّة واحدة كما أكد هادي العلوي في مقاله التي رفضت الصحف العربية نشره وجاء تحت عنوان" الفساد ملَّة واحدة: اسلاميون يحاربون الإسلام وشيوعيون يحاربون الشيوعية" تجده منشوراً في كتابه المهم "المرئي و اللامرئي في الأدب والسياسة" الصادر عن دار المدى في طبعته الأولى عام 1998.

هل كي أكون شيوعياً جيداً عليَّ أن أكون أولاً وأخيراً معادياً للإمبريالية الأمريكية. وما هو الرابط بينهما؟ أنا شيوعي من إدلب ما علاقتي بالإمبريالية العالمية؟ هل يمكن أن أكون شيوعياً جيداً ولا أعادي للإمبريالية؟ أم ان الأمر يتلخص بالتالي: أنت شيوعي فأنت معادي للإمبريالية. أو أترك الشيوعية لأهلها.

طيب، أنا معك، ولكن ماذا أفعل بأهلي ورفاقي الذين يعيشون اليوم في الدول "الإمبريالية" ويأخذون جنسيتها ويأكلون من خيراتها، هل أتبرأ منهم وأشتمهم في مثلث أمهم المتساوي الساقين؟ كيف أحارب الإمبريالية يا رفيق هل عندك وصفة لذلك؟ ولا تُصعب الأمر عليَّ، فأنا آكل خبزي من عملي في معمل جينز في مدينة أزمير على شاطئ بحر إيجة تابع للإمبريالية الهولندية.

في الأمس القريب ناقشت شيوعياً مخضرماً في الحزب الشيوعي السوري فأكد لي أن النظام القائم في كوريا الشمالية يسير نحو الشيوعية "بنكهة" كورية وقد أسس لهذه الشيوعية كيم إيل سونغ وعائلته الابن كيم جون إيل ومن ثمَّ الحفيد الحالي كيم جون أون. والناس يعيشون في ظلها أفضل مما يعيشون في ظل الحكم الرأسمالي في كوريا الجنوبية.
قلتُ له:
- بتحكي عن جد يا رفيق؟
قال:
-عن جد بكل تأكيد، لأن أغلب الأحزاب الشيوعية العربية والعالمية تقيم علاقات طيبة مع قيادة كوريا الشمالية فهل تعتقد أن الجميع على خطأ؟ جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تسير في النهج المعادي للإمبريالية.
قلتُ:
- أيّ يسار هذا المعادي للإمبريالية؟ هم على خطأ بكل تأكيد، الناس في كوريا الجنوبية في الواقع يعيشون حياة أفضل من حياة الناس في كوريا الشمالية. ولا مقارنة بين الشطرين، الفروقات هائلة، تكاد تكون جنة ونار.
-أنت شيوعي وتقول ذلك، خاطرك، نلتقي فيما بعد.
كأن أفعى لدغته، استأذن، وانصرف، رحل على عجل، وهذا وجه الضيف لم أره بعدها مطلقاً. وفي المثل الدارج "نحصد ما نزرع" فأنت لن تحصد قمحاً إذا زرعت شعيراً. ولن تحصد سلاماً إن زرعت إرهاباً. ولكن هيهات أن يُرضيه هذا الكلام.

أنا لا افهم الأمر، هل تحولت الشيوعية في مفهومات الأحزاب الشيوعية إلى أيديولوجية، وبالتالي أصبحت عقيدة لا يُقْبل الجدل فيها مع أنها أم الديالكتيك وأخته، هل أمست عقيدة دينية، تعتمد الاعتقاد لا العمل. وهذا يُخالف "أسس الشيوعية" وفي اعتقادي حتى الله يُحاسب البشر على أعمالهم لا على عقيدتهم ونواياهم. العقيدة هي شر ما يملكه أهل الشيوعيَّة، يؤكد هادي العلوي البغدادي: "هي الرقيب الداخلي الذي لا يقل سوءاً عن الرقيب الرسمي. والعقيدة هي المسؤولة عن تكوين الوجدان القمعي للأفراد ومصادرة حرية الضمير والوجدان. وهي وإن كانت مفيدة لتحريك الجمهور في منعطف تاريخي معين، يجب أن تبقى في منأى عن النضال اليومي لئلا تكون كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي حجاباً يمنع من النظر إلى حقائق الأشياء"

في حادثة حقيقية رواها لي أحد الرفاق القدماء في الحزب الشيوعي السوري في مدينة إدلب، تُجسد العقيدة بأبشع صورها، مع انه كان يراها مثالاً فذاً لصلابة الشيوعي وبطولته وتفانيه في خدمة حزبه وأيديولوجيته. يقول بفخر واعتزاز:

كانت الأيام برداً زمهريراً، وكنتُ أسكن مع زوجتي في "بيت على قدنا" يتألف من غرفة واحدة وشبه مطبخ وحمام. وفي مساء ذلك اليوم أوقدنا المدفأة وجلسنا حولها نشرب الشاي. بعد قليل سمعت صوت نداء أحد الرفاق في الشارع، فتحت الباب فإذا أربعة رفاق في الخلية الحزبية التي أنتمي إليها قد نقلوا الاجتماع إلى بيتي. دخلت البيت وقلت لزوجتي أين سأضعك الآن؟ بعد مشاورات رضيت أن تدخل في خزانة الثياب وتنتظر هُناك إلى حين انتهاء "اجتماع الخلية الحزبية السري" حول المدفأة. وفعلاً بقيت محبوسة في خزانة الثياب لساعات عديدة دون حركة ولا صوت، هذا هو الشيوعي الحقيقي. قلتُ في سري الله لا يعطيك العافية على هذا العمل المشين.

رويتُ هذه الحكاية في دبي للأديب السوري الساخر حسيب كيالي-كان محسوباً على الحزب الشيوعي السوري وسجن أيام الوحدة بين سورية ومصر بسبب ذلك- فقال بعد أن ضحك كثيراً- أضحك الله سنكم-: والله لو كنت مكان المرأة تلك لأخرجت "الخيزرانة" من خلف الخزانة وبدأتُ ضرب هؤلاء الرفاق بما فيهم الزوج ولحقت بهم وهم يصيحون أمامي ويركضون ولا اتركهم حتى حدود تركيا.

تحميل كتاب هادي العلوي "المرئي و اللامرئي في الأدب والسياسة"

https://www.books4arab.com/%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8-%D9%88



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على عتبة المؤتمر
- في الحيلة لدفع الأحزان
- منصور الأتاسي وداعاً
- غزة في الوجدان
- براميل متفجرة وطناجر مطبخ
- دقيقتان مع ونستون تشرشل
- مات طباخ الرئيس
- عبدالله حنا يكتب عن خالد بكداش
- امرأة شجاعة من أهل البادية السورية
- قِلَّة أدب
- لينين حكيماً
- المستطرف الصغير
- لينين مات قبل أوانه
- وافق شَنٌّ طَبَقَة
- هل كان عروة بن الورد شيوعياً؟
- السخرية في رسالة الغفران
- عزيزي القناص لماذا قتلتني؟
- عبد المعين مع الكادحين
- علاء اللامي يكتب في رحيل هادي العلوي
- 90مليون شيوعي


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - كيف تكون شيوعياً جيداً؟