أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - غزة في الوجدان















المزيد.....

غزة في الوجدان


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6428 - 2019 / 12 / 4 - 14:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاء غلاف العدد 522 من مجلة الهدف الصادر يوم السبت 24كانون الثاني عام 1981 نصرة لأهل غزة. الرسم على الغلاف "بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس" على حدِّ تعبير الشاعر السوري رياض الصالح الحسين. اصبعان مرفوعان للأعلى يمثلان علامة النصر والعلم الفلسطيني، باقي الأصابع مضمومة في قبضة تمتزج لتشكل قنبلة يدوية، وتحتها كلمة غزة، كتبت بخط النسخ الجميل على خلفية بيضاء، في أعلى الرسم كلمة "الهدف" الحقيقة، كل الحقيقة للجماهير.

كلَّما رأيت هذا الغلاف من مجلة الهدف تخطر في وجداني قصيدة أحبها، وأقول عنها هي من أجمل القصائد التي قرأتها في حياتي، كتبها الشاعر إبراهيم نصر الله و عنوانها "الحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق" حيث جاء في الاهداء:
الى جمال قبلان. مجدي ابو جامع. صبحي ابو جامع بركه. ابطال عملية عسقلان رفح . الى مجدي وصبحي اللذين استشهدا تحت هراوات الجيش الصهيوني بعد اسرهما.

وكانت هذه القصيدة قد نُشرت أولاً في مجلة الهدف، وقرأتها مرات ومرات للرفاق في مدينة إدلب. لا أذكر رقم وتاريخ صدورها الآن، لأن أعداد مجلة الهدف بقيت في مكتبتي في الشمال الغربي من سورية. ثمَّ طبعت في ديوان شعر صادر عن دار الشروق عام 1994. غلاف مجلة الهدف هذا ومقاطع من قصيدة إبراهيم نصر الله حملتهما معي على "فلاشة" كمبيوتر إلى ديار أخرى علَّقنا أحلامنا على مشاجبها، وتركنا بسقوف بيوتنا في شمال الشام، بصلاً, وبامية, ورماناً, وتيناً يابساً, وثوماً للشتاء, تركنا حليباً في أَضرع ماعزنا, وتركنا رفَّ حمامنا المنزليّ بلا ماء, و تركنا الطائرات الحربية تُحلّق في الأجواء, وأعطينا لزغب القطا طوق النجاة, ثمَّ عبرنا جسر الموت إلى الحياة.

مقاطع من ملحمة
الحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق

هادئٌ بحرُ غزةَ
ماءٌ وأشرعةٌ
زرقةٌ وصباحٌ عريضٌ
ونافذةٌ للنوارسِ أو جدولٌ في الوريدْ
هادئٌ بحر غزةَ
لي رغبةٌ: أن أرى وجهَ أُمي ومدرستي
وأن أقفَ الآنَ في الصفِّ طفلاً
وأُطلقَ في البرّ خيلَ النشيدْ
وبي رغبةٌ
أن أمرّ على وردةٍ في الجوارِ
أُسرُّ لها أن أرضَ المخيمِ حقلٌ
وهذا الرحيلُ البعيدْ
لستُ أمضي إلى الموتِ مبتسماً
بينَ هذي الرصاصةِ والشمسِ أرفعُ أُغنيةً
رايةً للحياةْ
أُحبُّ الصغارَ كثيراً
وإن لمْ أكنْ ذاتَ يومٍ هناكَ صغيراً يلاحقُ سرّ الأعاصيرِ
والموجِ حينَ تثورُ المياهْ
كلُّ أسئلتي انتشرتْ فيّ موجاً
فقدْ يبسَ الغصنُ
لكنّ أسئلتي اكتملتْ
واستوتْ برتقالاً
وأغنيتي تعرفُ الدربَ للحبِّ
تعجبُ؟
لا بأسَ
لكنني أعرفُ البحرَ منذُ صباه
طاعنٌ في الزغاريد والعرسِ والشمسِ
هذا أنا وجبينٌ إلهْ
لا أقول لكَ الآنَ إني سأمضي إلى الموتِ
لا أعشق الموتَ
لكنه سُلَّمي للحياةْ

هادئٌ بحرُ غزةَ
هذا الصباحُ أليفٌ وأطيبُ مما شربناهُ
لا وردَ في الطرقاتِ
أجلْ
ولكنّ وردتَنا الأغنياتْ
وهنا باعةُ السمكِ
الطالباتُ
الحوانيتُ
آخرُ فصل الشتاءْ
صِبْيَةٌ يحبسونَ النوارس في الدفترِ المدرسيِّ
ويندفعونَ طيوراً إلى الماءْ
فأسٌ على كتفٍ
عنبٌ في الشفاهِ
وأشرعةٌ
حين تعلو ستسألُ
هل أبصرُ الآنَ أشرعةً
أم سماءْ؟
حناجرُ مُخْضَرَّةٌ وخضارٌ
حقولٌ تجيءُ إلى السوقِ ناضجةً بالغناءْ
هادئٌ بحرُ غزةَ
هذي البيوتُ التي تسكنُ الروحَ تشبهني
خطوةُ الضوءِ ألفتُهُ
وضجيجُ المحطاتِ يشبهني
غيمةٌ تحملُ الأرضَ حتى النجومِ
وبيارةُ البرتقالِ الحدائقُ
تشبهني
حزنُ جدي حكاياتُهُ ويداهُ
عروقُ أبي
وجهُ أمي الحبيبُ
خيولُ المعاركِ
تشبهني
جارتي جارُنا
طفلُهما حينما اختطفتْهُ الرصاصةُ من عندليبِ البراءةِ
أُبصرهُ كلّ يومٍ على بابِ مدرسةٍ
عابراً زمني
وهو يشبهني
كلُّ ما يتجمَّعُ حولي وفيَّ
سمائي التي ظلَّلتْ وطني

هادئٌ بحرُ غزةَ
هلْ جهّزتْ أُمُّكَ الزادَ
نصفَ رغيفِ وعشرينَ زيتونةً برتقالهْ
فالطريقُ طويلٌ إلى عسقلان
ركضتْ تحتَ سقفينِ
دارتْ هنالكَ في الحوشِ
سبعونَ عاماً
ولما تزلْ طفلةً كغزالهْ
قُلتُ يا أُمُّ : ها عسقلانُ هنا
وهي أقرب من بابنا
لا عليكَ إذن لا عليكْ
واسمع الآنَ ما سأقول:
إذا كَـثُرَ الجنُدُ كنْ يا صغيري قوياً
وكنْ مثلَ نهدي الذي أرضعكْ
ومثل حليبـي الذي جف من زمنٍ طيباً
ولا ترتبكْ
إن قلبي معكْ
وخبئ سلاحكَ
لا شيء أجمل منكَ سوى وردةٍ زَيّنَتْ مدفعَكْ
لا تطلق النارَ يا ولدي باتجاه الشجرْ
فهي أشجارُنا
وإذ تطلق النارَ حاذرْ إذن أن تصيبَ صغيراً
فأنكَ ما زلتَ في عين أُمكَ تعدو على طرقاتِ الصِّـغرْ
ربما غيّرتكَ الحروبُ
أجلْ
ولكنني أذكرُ الآنَ إنك لم تكُ يوماً تحبُّ الدماءَ
وكسّرتَ مدفعكَ الخشبيّ مراراً هنا أو هنا
فوقَ هذا الحجرْ
وكنتَ صديقَ البراعمِ
حتى إذا ما أتى الصيفُ صرت حبيبَ الثمرْ
أرضُ غزةَ يا ولدي وجهُنا
ومن طينها ندهنُ الخدَّ كي يتوردَ يا ولدي
ونباهي القمر
هل تجهزتَ؟
آهِ
تقولُ تأخرتَ
لا تتأخرْ كثيراً عليّ
سأعجنُ أغسلُ صحنَ العجينِ وبعضَ الثيابِ
ثيابَكَ
أخبزُ
يا ولدي
مثلَ كلّ نهارٍ
وحينَ يجيءُ المساءُ
سأتركُ قلبي على عتبةِ الدارِ عيناً
وأُغنيةً تنتظرْ
فكنْ مثلَ نهدي الذي أرضعكْ
ومثلَ حليبـي الذي جفّ من زمنٍ طيباً
ولا ترتبكْ
إن قلبي معكْ

أوصيكَ يا ولدي دائماً:
حين تمتدّ أرضُ السواحل عاريةً
أو يكثرُ الجندُ حولكَ
كنْ في امتدادِ السهولِ جبلْ
وكنْ أنت دولتكَ العاليةْ
حين تسقطُ خلفكَ كلّ الدّولْ

قصيدة "الحوار الأخيرة قبل مقتل العصفور بدقائق"
كاملة في هذا الرابط:
https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=13439

قصيدة "الحوار الأخير قبل مقتل العصفور بدقائق" بصوت الشاعر إبراهيم نصر الله:
https://soundcloud.com/ibrahim-nasrallah-1/ibrahim-nasrallah-3



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- براميل متفجرة وطناجر مطبخ
- دقيقتان مع ونستون تشرشل
- مات طباخ الرئيس
- عبدالله حنا يكتب عن خالد بكداش
- امرأة شجاعة من أهل البادية السورية
- قِلَّة أدب
- لينين حكيماً
- المستطرف الصغير
- لينين مات قبل أوانه
- وافق شَنٌّ طَبَقَة
- هل كان عروة بن الورد شيوعياً؟
- السخرية في رسالة الغفران
- عزيزي القناص لماذا قتلتني؟
- عبد المعين مع الكادحين
- علاء اللامي يكتب في رحيل هادي العلوي
- 90مليون شيوعي
- ماركس بلا ماركسية
- عمّار الأمير في شتيمة موصوفة
- هل الإسلام ضد الغرب؟
- تجربتي مع الصيام


المزيد.....




- مادورو: بوتين أحد أعظم قادة العالم
- مستوطنون يهاجمون قوافل المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة (فيديو ...
- الخارجية الروسية تكشف حقيقة احتجاز عسكري أمريكي في فلاديفوست ...
- Times: عدم فعالية نظام مكافحة الدرونات يزيد خطر الهجمات الإر ...
- الجيش الاسرائيلي يعلن مقتل ضابطي احتياط في هجوم جوي نفذه حزب ...
- الجيش الألماني يؤكد على ضرورة جمع بيانات جميع الأشخاص المناس ...
- واجهة دماغية حاسوبية غير جراحية تساعد على التحكم في الأشياء ...
- -إذا اضطررت للعراك عليك أن تضرب أولا-.. كيف غير بوتين وجه رو ...
- إعلام: الدبابات الإسرائيلية تتوغل في رفح بعد موافقة مجلس وزر ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /07.05.2024/ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - غزة في الوجدان