أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - هل كان عروة بن الورد شيوعياً؟














المزيد.....

هل كان عروة بن الورد شيوعياً؟


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6387 - 2019 / 10 / 22 - 19:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المأزق الذي نحن فيه، أقصد أصحاب الفكر الشيوعي، يتلخص في التناقض بين جوهر الشيوعية الحقيقي، وبين ظاهر الشيوعية، الشكل، المظهر، البرستيج، والذي يتبدى في الأحزاب الشيوعية الرسمية التي تحتكر هذا المدى الفسيح للفكر الشيوعي وتجعل منه عقيدة، شريعة، مطرقة ومنجل، لا يأتيها الباطل لا من بين يديها ولا من خلفها، شعارات، أيقونات، معبودات، مثل شجرة الزقوم التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ويغيب الجوهر الحقيقي للفكر الشيوعي، ويصبح المتخيل أكثر حضوراً من الواقعي، وبذلك يتوقف قلب الشيوعية عن الخفقان، بوصفها حركة ثورية، وتتحول إلى شبح مهجن، كسول، لا يُرعب أحداً، ويمسي الشيوعي متجهم الفكر والوجه، سوداوي، كئيب، عابس، لا يضحك، يميل إلى الانطواء، والخوف من الآخر، ورفضه، ويتمترس هذا الشيوعي خلف أوهامه، ويتحجر فكره، ويفقد صفة العطاء، ويطرح الجدل من حياته، ويعيش في عزلة، فينفض الخلق من حوله، فلا يطال لا عنب الشام ولا بلح اليمن. وهذا عملياً حال الأحزاب الشيوعية في أغلب دول العالم. ما العمل؟

قلتُ سابقاً، وأعيد القول: إن التصريح الخطير الذي جاء في مقدمة كتاب المفكر العراقي هادي العلوي البغدادي (مدارات صوفية - تراث الثورة المشاعيَّة في الشرق) والذي يقول فيه: كي يكون الإنسان شيوعياً جيداً يجب أن يكون له قلب شيوعي لا مجرد فكر شيوعي. هو الأساس في الكفاح اليومي للشيوعي، وأعتقد من وجه نظري أن الهادي فهم الشيوعية على حقيقتها وطبقها على نفسه حتى آخر يوم من حياته.

الشيوعيَّة-المشاعيَّة تجنح نحو تحقيق سيرورة إنهاض تحتاجها طبقة عاملة كادحة في الحقل والمصنع وتضم على هامشها فئات واسعة من المعدمين والمهمشين والمساكين وأصحاب السبيل الذين أعيتهم لقمة العيش. هؤلاء وغيرهم في حاجة إلى باب الرفق والرحمة والحنان البشري مع حق الدفاع عن النفس في وجه جبروت الثروة وطاغوت القوة بعدما عانوا مما يزيد عن الكفاية من القهر والذُّل. وهل يمكنني القول مثلاً أن المرء يمكن أن يكون ماركسياً ولا يكون شيوعياً؟ فأنا أعتبر أن عنترة العبسي اقترب من أن يكون شيوعياً-وهو ليس ماركسياً بالتأكيد- لأنه قال:

يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي
أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

أما رفيقي عروة بن الورد فقد كان شيوعياً حقيقياً بكل تأكيد وهو القائل:

إني امرؤ عافي إنائي شركة
وأنتَ امرؤ عافي إنائِكَ واحدُ
اتهزأ مني أن سمنت وأن ترى
بوجهي شحوبَ الحقِّ، والحقُّ جاهد
أُقسّمُ جسمي في جسوم كثيرة
وأحسو قراح الماء والماء بارد

الشيوعية أو المشاعية على العموم ليست بدعة من بدع الغرب، وهي بالتأكيد لها شروش ضاربة في الشرق. هؤلاء وغيرهم من أصحاب خط ما تحت الفقر-الصعاليك إن شئت وهي البروليتاريا الرثة في الغرب- يحتاجون إلى شيوعيين من نسيجهم يملكون قلوباً حارَّة شجاعة تستطيع-بلا مِنَّة من أحد- الوقوف معهم في الشدائد والمحن. هل نستنطق الأمل في أن هذه الفئة من الخلق ستُعيد اكتشاف نفسها ليس فقط من خلال معاناتها، بل وأيضاً من خلال هاجس إخراجها من ورطات الذُّل والفقر وتمليكها ما تستغني به عن التعب والكد، مما لا يتم دون إعادة توزيع الثروة الاجتماعية؟

وأختم بنصِّ من كتاب "ديوان الوجد" حيث يقول الهادي الشيوعي:
ليس ذا زمنَ العقلِ بل زمنُ الجوعِ، والعصرُ عصرُ الجنونِ الذي بشرونا بهِ وقالوا هو الكلُّ والعالمُ الأكملُ، وفي زمنِ الجوعِ كلُّ حنينٍ لغيرِ السلاحِ جفاء. فكيفَ يحنُ الترابُ إلى الماءِ والنخيلُ إلى الشمسِ والقمحُ للسنبلِ بل كيفَ أحنُّ إليكَ وما بي حنينٌ إلى رايةٍ يستظلُ الجياعُ بها ليقتحموا شاهقاتِ القصورِ والقلاعَ الحصينةَ بالجندِ والمالِ فيمضي الجنودُ إلى أهلهم وتعودُ القلاعُ إلى أهلِها ويفرحُ بالعدل أهلُ السماء! سلامٌ عليكَ فإنّا احترقنا جميعًا لكي يحكمَ الموتُ أرضَ العماءِ فتنبثقُ المعصراتُ بحارًا من الوجدِ تغنى الألوفُ بها ويمطرُ توقُ الجياعِ، سلامًا وفيضَ مسرة.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السخرية في رسالة الغفران
- عزيزي القناص لماذا قتلتني؟
- عبد المعين مع الكادحين
- علاء اللامي يكتب في رحيل هادي العلوي
- 90مليون شيوعي
- ماركس بلا ماركسية
- عمّار الأمير في شتيمة موصوفة
- هل الإسلام ضد الغرب؟
- تجربتي مع الصيام
- اشكالية العلمانية في العالم الإسلامي
- حسيب كيالي في دبي
- هل كان محمود درويش شيوعياً؟
- بين سلمى وعيوني بندقية
- من قاسيون أُطلُّ يا وطني!
- تفتيش المرأة جسدياً
- الإرهاب والكباب
- صورة فيدل كاسترو
- في رحيل الرفيق إبراهيم الخياط
- فيلسوف معرة النعمان
- ماركس فيلسوفاً


المزيد.....




- بثلاثين لغة عالمية، يصدر كتاب حول الذكاء الاصطناعي مجانا بدع ...
- رائد فهمي في خيمة {طريق الشعب}: مواجهة المخاطر الخارجية تتطل ...
- قبل عام على الانتخابات - مناظرة بين رئيس الوزراء والمحافظين ...
- تأجيل الحكم بشأن عزل زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي
- لازالت الحلول الأمنية هى سيدة الموقف وكأنه ليست هناك وزارة ا ...
- تحت ضغط احتشاد العمال والعاملات وهتافهم “سيبوه ..سيبوه”
- “لينين جروب” تستجيب لمطالب العمال
- متضامنون مع أهالي طوسون بالاسكندرية.. لن نترك منازلنا
- مطالبات بالإفراج الفوري عن هدى عبد المنعم.. وسط تدهور حالتها ...
- حاكم جمهوري: قاتل تشارلي كيرك يحمل أيديولوجية يسارية


المزيد.....

- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - هل كان عروة بن الورد شيوعياً؟