أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم المحبشي - العلمانية ليس ايديولوجيا بل تقنية سياسية ناجعة ومجربة















المزيد.....

العلمانية ليس ايديولوجيا بل تقنية سياسية ناجعة ومجربة


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 6441 - 2019 / 12 / 18 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول المستشرق لجرنز وويل «كم ألفاً من السنين بقيت هذه الحالة من الوجود (أي كون العرب يعيشون في (حالة حرب) دائمة سيخبرنا أولئك الذي سيقرأون أقدم سجلات الصحراء الداخلية، ذلك أنها تعود إلى أولهم لكن العربي عبر القرون كلها لم يستفيد حكمة من التجربة، فهو غير آمن أبداً ومع ذلك فإنه يتصرف وكأن الأمان خبزه اليومي؟».هكذا يعاود سؤال السياسي والسياسة الحضور كالجرح النازف ذلك لأن السياسة هي الزمن الذي لا يمر! وليس بمقدور أحد تجاوز استحقاقها أبدا، والسياسة تؤثر في حياة الناس بأشد مما تؤثر فيهم تقلبات الظروف الطبيعية: (المناخ والحر والبرد والخصب والجدب والعواصف والفيضانات والزلازل والبراكين …إلخ) حسب فاليري. وما نعيشه اليوم من شرور الفساد السياسي في غير قطر عربي في (فلسطين والعراق والجزائر ولبنان وليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال وغيرها لا يقاس بأي حال من الأحوال بما يمكن أن تفعله أي كوارث طبيعية محتملة. والوضع مرشح للمزيد في ظل هذه الموجة العاصفة من الحروب الطائفية التي تذكّر بحرب الثلاثين عاما في أوروبا التقليدية. (كيف دمرت الحروب المذهبية أوروبا؟) كتب، هاشم صالح قائلا: «لكي أفهم ما يجري الآن في العالم العربي فإنني مضطر للبحث عن سوابق تاريخية من أجل المقارنة. إذا لم نكن قادرين على إسعاف الناس عمليا فعلى الأقل لنساعدهم نظريا. كيف؟ عن طريق شرح ما يحصل لهم من فواجع وكوارث تنزل على رؤوسهم دون أن يدركوا أسبابها العميقة بالضرورة».حقا إننا «العرب» نعيش لحظة كارثية ومصيراً فاجعاً بعد أن تحطمت – شعاراتنا وأحلامنا ومشاريعنا وأوهامنا الكبيرة بالجامعة الإسلامية والوحدة القومية والاشتراكية الأممية والاستقلال والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية ..إلخ – على صخرة التاريخ العتيدة إذ بتنا أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج في كل الاتجاه بعد أن فقدت البوصلة ولا تلوح في الأفق القريب بارقة أمل للنجاة. إن مأساتنا تكمن في أننا تعاملنا مع التاريخ بحسن نية ساذجة ومنحناه معنى ليس من طبيعته في شيء، حينما توهمنا أنه أشبه «ببغلٍ حرون يمكن قيادته بالسوط لترويضه" بحسب أحمد برقاوي. والسؤال هو كيف يمكن قراءة وتفسير المشهد العربي الراهن بما يعيشه من أحداث دامية وحروب مستعرة وما الذي يفسر انبعاث هذه الموجة الكاسحة من خطابات الهويات الأصولية التي أخذت تشيع في المجتمعات العربية الإسلامية اليوم على نحو خطير ومثير للحيرة والفزع؟ حروب دينية طائفية عشائرية جهوية سياسية مستعرة في كل مكان (شيعية، سنيه مسيحية، عربية كردية، في العراق وسوريا. ومسيحية، شيعية، سنية، درزية، في لبنان. وزيديه، حوثية، اثنا عشرية، سنية، سلفية، عشائرية، جهوية في اليمن، ولغوية أثنية عربية، أمازيغية بربرية إسلامية في الجزائر، ومسيحية إسلامية، جهوية في السودان، وعشائرية طائفية مناطقية في ليبيا.. الخ) يحتدم كل هذا في فضاء ثقافي نفسي مشحون بعنف مادي ورمزي، وهستيريا عصابية جماعية عدائية شديدة التحريض والانفجار( دواعش روافض، نواصب خوارج، مجوسية، صفوية، قاعدة، أنصار الشريعة، شيعية، حزب الله، أنصار الله، داعش والنصرة.. إلخ). والسؤال الملح هنا والآن هو ما الذي جعل هذا التنوع الهوياتي في المجتمع العربي الإسلامي يتحول إلى شر مستطير، بينما هو في مجتمعات كثيرة أخرى مصدر قوة ودليل صحة وعافية كما هو الحال في الهند والصين وروسيا وأميركا واستراليا وغيرها من الدول التي تضم طيفا واسعا من الهويات (ديانات، أقليات، أعراق، إثنيات، لغات، طوائف، ملل، نحل، ومذاهب وما لا يعد ولا يحصى من الجماعات الثقافية المتنوعة). الجواب ببساطة العلمانية هي التقنية السياسية الانجع في تأسيس الدول واستقرارها وازدهارها.فما الذي يدفع الناس إلى تبديل هوياتهم وإنشاب مخالبهم في بعضهم بعضا تحت راياتها وبتحفيز منها كسراطين البحر حتى الموت؟! وهنا يلزمنا النظر إلى العنف حينما يكون مقدسا، إذ أن الصراع حينما يكسب صفة مقدسة، (دينية أو أيديولوجية) يتحول إلى ثأر مزدوج جاهلي وعصبوي ديني، وربما كان الثأر من بين جميع مظاهر العنف هو أخطرها على الإطلاق، ذلك لأن (الثار الحر) يشكل حلقة مفرغة وعملية لامتناهية ولا محدودة، ففي كل مرة ينبثق منها من أيّ نقطة ما من الجماعة مهما تكن صغيرة، يميل إلى الاتساع والانتشار (كالنار في الهشيم) إلى أن يعم مجمل الجسد الاجتماعي، ويهدد وجوده بالخطر. وهذا ما نراه ماثلا اليوم في العراق، حيث يصف (المالكي حربه مع داعش بثارات الحسين) ومن المعروف في مثل هذه الحالات كيف أن أقل عنف يمكن أن يدفع إلى تصاعد كإرثي، ومشهد العنف له شيء من (العدوى) ويكاد يستحيل أحيانا الهروب من هذه العدوى، “فاتجاه العنف يمكن بعد التمحيص يظهر التعصب مدمرا كالتسامح، وعندما يصبح العنف ظاهرا، يوجد أناس ينساقون إليه بحرية وحماس، ويوجد آخرون منهم يعارضون نجاحاته ولكنهم أنفسهم، غالبا الذين يتيحون له النصر” وفي ظل غياب مؤسسة محايدة للعدالة، أقصد الدولة الحديثة القائمة على الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) واستقلال المجالات، (السياسي والديني والمدني والاقتصادي والثقافي والعلمي.. الخ) فيستحيل إيجاد وسيلة ناجعة يمكنها السيطرة على ظاهرة الحروب الطائفية المشتعلة، وكل المحاولات الراهنة المعتمدة على المدخل الأمني في ضبط ظاهرة العنف في المجتمعات العربية بالقوة العسكرية العارية المحلية أو الخارجية، من المؤكد أنها تزيده اشتعالاً مثل (اللهب الذي يلتهم كل ما يمكن أن يلقى عليه بقصد إطفائه). فهل آن الاوان الى إعادة التفكير بالعلمانية بعيدا عن المنظور الأيديولوجي الذي يشوّش معناه التقني الحقيقي، بوصفها تقنية سياسية ناجعة مجربة ومختبرة عبر ثلاثة قرون من التاريخ السياسي للدولة الحديثة ليس في أوروبا وأميركا فحسب بل في كثير من دول أسيأ وأفريقيا المستقرة والمزدهرة اليوم من الصين الى جنوب افريقيا وفي مجتمعات إسلامية مماثلة لمجتمعاتنا العربية الإسلامية، ومنها ماليزيا وأندونيسيا وباكستان وغيرها. إذ أن الفصل بين المجال السياسي والمجال المدني يستلزم بالنتيجة استقلال المجال الديني عن هيمنة السياسي، وبهذا تكون العلمانية ليس كما جرى ويجرى تصويرها بوصفها ضد الدين والتدين بل هي في حقيقة الأمر تحرير المقدس من تبعيته للمدنّس واستعادت روح الدين الإسلامي الحقة الذي جاء رحمة للعالمين ومتتماً مكارم الأخلاق بما حمله من تعاليم وقيم إنسانية سامية كما قال سبحانه وتعالى “يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا” (الحجرات الآية 13) أو “أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” (سورة النحل الآية 125)، “ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن” (العنكبوت الآية 46)، أو ما جاء في السنة الشريفة “لا يرحم الله من لا يرحم الناس″، “لا يحل لمسلم أن يروّع مسلماً” وغير ذلك مما احتواه الدين الإسلامي الحنيف من قيم تحث على الرحمة واللطف والصفح والرفق والإنصاف والعدل والاعتراف والتسامح والتصالح والعفو والإيثار والتعاون والتضامن والشفقة والمودة والعطف والمحبة والصبر والحلم والحكمة والتفكير والتبصر والتواضع والبشر وإفشاء السلام وعدم الغضب ونهى عن الغيبة والنميمة وسوء الظن والكذب والخداع والسب والتنابز بالألقاب والكبر والغرور والتطرف والتعصب والجهل والعنف والغدر والتعذيب والتمثيل.. الخ.



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الستار الراوي ورحلته الفلسفية من بغداد الى الاسكندرية.
- مقاربة المجتمع المدني المفهوم والسياق
- ملاحظات أولية في فلسفة الفن والجمال
- يوم أمس في زيارتي الثانية لأهرامات الجيزة
- في توقع مآلات ثورة الفرصة الأخيرة .. خاب ظنه وصدق حدسي
- فاطمة مصطفى و بحث العلاقة بين الفلسفة والسينما
- الثورة: تحولات المفهوم وسياقات المعنى؛ من وحي مؤتمر العقل وا ...
- في الثورة والعلم والثقافة والأيديولوجيا
- في إستشكال مفهومي العقل والثورة.
- أولفين توفلر فيلسوف تاريخ يا توفيق!
- المرأة وتثقيفها في صالون بنت البادية الثقافي
- في معنى الثورات العلمية وتغيير الباراديم
- انتحار الشهيد .. قصة واقعية من اليمن السعيد
- ملاحظات أولية في نظرية الاستشارة الفلسفية
- بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة .. وعودة النموذج السقراطي في م ...
- اليونسكو .. الغياب الدائم والحضور المفترض
- حاجة العرب الى تدريس الفلسفة للأطفال أكثر من حاجة الغرب والأ ...
- مدني صالح .. مقاربة الاسم والمعنى
- الثورة التي ادهشت العالم!
- الهُوية إشكالية المفهوم وسياقات المعنى


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم المحبشي - العلمانية ليس ايديولوجيا بل تقنية سياسية ناجعة ومجربة