التسطيح الثقافي

محمد التهامي بنيس

الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 16:39
المحور: الادب والفن
    

كنت مقتنعا إلى حين , أن الواقع الثقافي هو المعيار الصحيح للواقع الاجتماعي , وأن الواقع الاجتماعي هو المنهل الذي يغذي حركة الإبداع , وإذا كان المجتمع مأزوما , سينتج إبداعا مأزوما , وقد يكون العكس صحيحا في إطار التنوع الثقافي والإبداعات المتميزة . لكن الملاحظ أن التجربة الثقافية في العقدين الأخيرين تشير إلى الاتجاه السلبي , فعلى قدر ما عرفته حركة الإبداع من نشاط يبدو مزدهر الإنتاج , على قدر ما زاد التسيب الثقافي , ولحق الواقع الاجتماعي إهمال مقصود , وطغى على ساحته الأدبية والفنية مثلا , فقر ثقافي أحدث فجوة , ما زالت تتعمق بين الواقع الاجتماعي كمنهل , والواقع الثقافي كمرآة لما يحدث في المجتمع , مما أعطى الفرصة للثرثرة كي تحتل قمم الإبداع , أدبا وفنا – كم نسبي وكيف هابط تافه – ومن الغرابة في زمن الرداءة , أن يجد من يروجه أو يروج له , تشجيعا على الابتذال , في المواضيع وفي المحتوى بذريعة أن ذلك خاضع للتغير المجتمعي , وهو ما لا أستسيغه لمجتمعنا , لأنه أوعى من أن يقبل بالثقافة التافهة حتى ولو ألبست لبوس الصراع بين الثقافات المتعاقبة , حيث الأمر مردود على دعاة التهريج لأن الأجيال في هذا الوطن متداخلة , رغم الاختلاف الخصوصي في منطقة , مقارنة مع منطقة أخرى , حيث قد يبدو أن هناك صراعا شبه خفي بين هذه المناطق , ولكنه في عمقه نوع من التنافس , وهذا ما يخدم مصلحة الثقافة الأساسية المرجوة , لو لم تبدأ بالمهادنة مع التهريج . ثم بدعم التهريج لتسطيح الذوق وتمييع دور الثقافة , وتغييب التزامها الأخلاقي في التكوين ونشر الوعي , لإيقاظ غفوة المواطنين من تهديدات الميوعة التي اكتنفت وتكتنف واحات الثقافة والحرية والأمن العام

#محمد_التهامي_بنيس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات