أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيبان حسين ابراهيم - تطور الحرف القديمة ( الفخار - البغاء )















المزيد.....

تطور الحرف القديمة ( الفخار - البغاء )


سيبان حسين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 12 - 00:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إن في العصور القديمة وعند بداية تشكّل الوعي البشري وانتقال الإنسان من الحياة البدائية البسيطة إلى الحياة الاجتماعية والمدنية وازدياد موارد الغذاء وتهجين الحيوانات والإستفادة منها لم يكن هذا الانتقال انتقالا بسيطا بل كان أشبه بمخاض الولادة الذي استغرق مئات السنين من التطور الشامل الذي كان يرتكز جميعها على بداية تطور الوعي لدى الإنسان فهذا الانتقال من الحياة والموارد رافقه تطور و ولادة حرف ومهن جديدة لم يكن يعرفها البشر من قبل .
ببساطة لأنه لم يكن يحتاج لها أساسا وعندما احتاج لهذه المهن وأصبحت ضرورة لابد منها ومع تقدم وعي الانسان وما رافقه من تطور مهاراته لبناء هذه المهن والحرف وإكمال حياته وبدورها هذه المهن تطورت تدريجيا لمواكبة زيادة وعي الإنسان وازدياد حاجاته ومتطلباته ومن هذه الحرف نتحدث اليوم عن الفخار والبغاء ويمكننا أن نعتبر هذه المهن إنها كانت مرحلة ثانية بعد التطور الأول للإنسان بعد صناعته للأدوات الحجرية والمعدنية للأكل والصيد والدفاع عن النفس واكتشافه الزراعة فترتب بعد هذا التطور الولادة الثانية للإنسان بممارسة مهن آخرى ليكمل مسيرته في بناء أسس الحضارة التي ننعم بها الآن .
1- الفخار
إنها واحدة من أهم تلك الحرف وبشكل عام تعتبر النقب الفخارية واحدة من أهم وأكثر الآثار التي تكتشف في التنقيبات الأثرية وهذا يدل لأهميتها ومكانتها الضرورية في الحياة اليومية للإنسان في تلك الأزمنة كما أن الفخار له دور كبير وعظيم في دراسات علم آثار حيث يبين لنا تاريخ المواقع ولأي ثقافة تنتمي حتى أنها تبين لنا التداخل الثقافي بين الشعوب حين ذاك وعلاقتهم التجارية واقتباسهم نقوش على الفخار من بعض حتى أنها توضح مستوى الوعي الذي وجد في كل فترة من الفترات بالإضافة إلى أن النقوش على الفخار كانت واحدة من أساسيات الفنون التي انطلق منها فن النحت والرسم ،إن ازدياد مصادر الأكل والإنتاج لدى الإنسان القديم وتطور مستوى أكله جعله في حاجة للأواني لحفظ هذه السلع فيها،
ويمكننا القول لإن تطور الفخار مرّ بمراحل كثيرة: ففي البداية كان الفخار يصنع من صلصال ويترك في الشمس ليجف ويستخدم ولكنه كان ضعيف البنيان ويتهشم بسرعة فاخترع الإنسان الأفران الأحادية الغرف حيث كان يوضع الفخار بعد صنعه في غرف حجرية وتوضع اخشاب معها وتشعل وهذا الإحتراق المباشر أعطى الفخار قوة ومتانة ولكنه كان يجعلها تلوّن بألوان مختلفة حسب قوة النار ويترك بقع عليها إلى أن طوّر الإنسان تلك الأفران وجعلها أفرانا ذو طابقين (موقع تل حسونة ) والتي مازلت تستخدم منذ ذلك الوقت إلى الآن حيث صنعت أفران من طابقين توضع الفخاريات في طابق علوي بها وتوقد تحتها في غرفة سفلة وهذا أعطاها متانة أكثر ولم تغير بألوانها حيث أن توزع الحرارة بانتظام ودون التعرض للنار مباشرة ، وهذا دليل على تطور الإنسان وتعلمه من تجاربه وحاجاته للتغيير والتطوير المستمر وبحثه عن الأفضل دائما ، كما أن كل حضارة أو موقع أثري امتاز بنوع فخار ميزه عن غيره فمثلا في فخاريات تل حسونة 5800 _ 5100 ق.م الواقعة على الضفة اليمنى لنهر دجلة على مسافة 35 كم إلى الجنوب من مدينة الموصل قد تميزت فخاراتهم بصناعة يدوية وبشكل البطن الدائري و الرقبة الأسطوانية القصيرة المزينة بالتشكيلات الهندسية من خطوط شبكية أو متعرجة ذات لون بني، أحمر أو برتقالي
أو كما في فخارات عصر سامراء في بداية الألف الخامس ق.م حيث استخدمت تربة غضارية صفراء في صناعة الفخار واستخدموا حرارة معتدلة في شيّ الفخار حيث يظهر هذا جليا في الألوان المتعدة للفخارة الواحدة من أسود وبنفسج وأخضر غامق والبني والأحمر وكل هذا يدل على تفاوت الحرارة في شيّ الفخار وقد اسخدم في هذا النوع من الفخار الأشكال التجريدية في الرسم من صور الغزلان والأسماك وهي تسبح في برك الماء والطيور وهي تحاول الطيران
أو كما هي فخار تل حلف (5000- 4500ق.م ) حيث كان أشهر الفخاريات وقتها وأفضلها وتميز بجودة وقوة وجمال فريد فقد أوجد حلفيون الفرن المغلق حيث يكون الفخار بعيد عن نار مباشرة وبهذا يكون فخار نقيا وبعيدا من تداخل الألوان بسبب ملامسة النيران وكربون الناتج منها وهذا كان يعطي نقاء للفخار كما كان يساعد لمعان الفخار وصلابته كما أن فخار تل حلف امتاز باستخدم عملية التزجية (عملية إضفاء طبقة رقيقة من الخامات المكونة للزجاج على سطح الآنية الفخارية، وكيمياوياً هو تفاعل المواد الحامضية والقاعدية بمساعدة عناصر مساعدة من درجات حرارة تحددها عادة نوعية المواد المستخدمة في تلك العملية وفي صناعات فخارية استخدم أكسيد القصدير وأكسيد النحاس وأكسيد الحديد والملح الرصاص والاثمد والكحل ) حيث كان فخار تل حلف يضاف له أكسيد النحاس والكحل في عملية تزجيته وشويّه بحرارة عالية ليعطي بريقا ولمعانا مميزا
وكانت تشتهر فخاريات حلفين بصليب معقوف والفؤوس مزدوجة الرأس للحيونات مثل الثعابين والطيور والأسماك وبالأخص الثور المقدس وأغلب الفخاريات الحلفية كانت تلوّن بلونين معا مثل الأحمر والأسود أو أحمر والأبيض
2- البغاء
أما المهنة الثانية التي كان لها وجودها القوي والمؤثر في الحضارات القديمة هي مهنة البغاء التي يعتبرها البعض أقدم مهنة مُرست في العالم بينما أجد أن الرسام كافن (كهف لاسكو في فرنسا )والفخار كامهنة كانت أولى المهن ولكن هذا لا يلغي أن البغاء (الدعارة ) كانت لها وظيفة دينية مقدسة في ذلك الوقت ومع تطور الوعي البشري وما له من دور بنظرهم لإرضاء آلهة الخصوبة لتبارك في الأرض وتمنع القحط بقي البغاء مرتبطا بالمعبد إلى أن تم فصل بيوت الدعارة عن المعابد في أثينا حيث افتتح بيت سولون للدعارة وقتها أما قبل ذلك كان فناء المعبد أو غربه ضمن المعبد ذاته هي التي تتكفل بهذا الأمر ويعتبر واجبا دينيا تلتزم به كل النساء فالمعبد ميليتا في بابل كان أحد أشهر تلك المواقع حيث على كل امرأة في بابل أن تذهب إلى هناك مرة على الأقل في عمرها وتضاجع رجلا غريبا حيث تجلس نساء في فناء العبد وأي رجل يمر ويرمي بعض نقود في حجرها (مهما كانت قيمة نقود فالعملة لم تكن إلا تقديم هبة مقدسة ورمزية ) فتسير معه المرأة وتمارس معه الجنس وتكون بذلك قد قدمت ما عليها من واجبات تجاه آلهة الخصوبة وهذا الأمر وجد في الحضارة المصرية القديمة أيضا وكان يطلق عليهن اسم حريم آمون وكان واجبا دينيا مقدسا أيضا حتى أن شرائع حمورابي ضمت مواد (178- 179- 180- 181-182) كلها متعلقة بالجنس المقدّس حيث كانت هناك نساء مخصصة لتقديم أجسادهن للمعابد وبرأيي أن ربط الجنس بالدين ظاهرة قديمة تتعلق بخصوبة التربة والإنتقال الذكوري للآلهة وما حملته الأساطير السومرية القديمة من دلالات جنسية دينية مثل أسطورة شهر عسل في الجحيم وقصيدة عروس الملك (شو سين ) وبذلك اعتبر الجنس نوع من تقديس الخصوبة وطريقا للتقرب وإرضاء الآلهة مثل انانا وعشتار وميليتا وافروديت

المصادر
1- موسوعة حضارة العراق القديم
2- الفخار القديم و الخزف نشأته – تطوره – تقانات تصنيعه 
3- مستندات الدعارة الرسمية في مصر /نبيل سيف
4- حضارات ماقبل التاريخ / د. خزعل الماجدي
5- من ألواح سومر / صمويل كريمر



#سيبان_حسين_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزيرة الفراتية وتواجد العرب بها
- دراسة في بداية تغير الاستقرار البشري
- الكورد سكان كوردستان
- كوردستان ام بلاد اشور
- السينما الكوردية
- كتاب الياقوتة النادرة
- غرب كوردستان تحت المجهر
- عن اي عراق يتحدثون
- عيد نوروز
- الرحالة الكوردي ابن حوقل
- قصص من تراث الشعبي الكوردي
- البرامكة
- بذرة الحضارة ازهرت في كوردستان
- في كوردستان ولدت الحضارة


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيبان حسين ابراهيم - تطور الحرف القديمة ( الفخار - البغاء )