أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - علاقة الفكر بالمجتمع














المزيد.....

علاقة الفكر بالمجتمع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 20:08
المحور: الادب والفن
    


شكّل مؤتمر «فكر 17» الذي انعقد في الظهران مؤخراً تظاهرة حقيقية لمراجعة تيارات الفكر العربي والمفاهيم السائدة، وذلك في ضوء التحوّلات العميقة التي يشهدها عالمنا وازدياد حجم المعرفة العلمية المختلفة ونتائج ثورة الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا الإعلام، الأمر الذي يطرح على المثقفين العرب أسئلة ملحّة راهنة ومستقبلية تتعلق بموقع الإنسان العربي من هذه التحوّلات وأي فكر عربي جديد يحتاج، خصوصاً أن الفكر هو انعكاس للواقع الاجتماعي والاقتصادي ودرجة تطور المجتمع.
وكان ثمة محاور اقترحتها مؤسسة الفكر العربي للنقاش والحوار تتعلق بالسياسات التربوية ودور العلوم الاجتماعية والإنسانية والثورة الصناعية الرابعة والمفهوم الجديد للتنمية والاقتصاد الرقمي، ومفاهيم الدولة والمواطنة والمشاركة وثقافة التسامح ودور الثقافة والمثقفين في بلورة رؤى وتصورات جديدة يمكن أن تشكل ملامح أولية لفكر عربي جديد، إضافة إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه مؤسسات المجتمع الأهلي في تجديد الفكر العربي.
وإذا كان ثمة مجتمع أهلي فإنه يختلط بغيره من المفاهيم، فهو غير المجتمع المدني، الذي نطلق عليه أحياناً اسم «القطاع الثالث» (أي بين القطاعين العام والخاص)، أو القطاع غير الهادف إلى الربح، أو المعفى من الضرائب أو «القطاع المستقل» أو المنظمات التطوّعية، ويقصد به أحياناً المؤسسات الخيرية وهذه التسميات جميعها تصف شيئاً واحداً، هو وجود مؤسسات غير حكومية مستقلة عن أجهزة الدولة، وإنْ كانت مختلفة ومتنوّعة في أهدافها ووسائلها.
وفي المجتمع الأهلي تنشأ العلاقات بصورة تقليدية ومتوارثة في الكثير من الأحيان عبر العائلة أو العشيرة أو الدين أو الطائفة أو القومية أو المنطقة الجغرافية أو غير ذلك. أما في المجتمع المدني فهي غير متوارثة، أي أن الانتساب إليها حرٌّ ووفقاً لخيارات الإنسان، وتخضع لمبدأ الانتخاب والتداول. وبهذا المعنى تختلف مؤسسات المجتمع المدني عن هيئات المجتمع الأهلي، ففي حين أن الأولى مفتوحة وحداثية، فإن الثانية محصورة بالعشيرة أو الطائفة أو المنطقة، أو غيرها ولا تقبل الانتساب إليها من خارج الدائرة الضيقة. وبهذا المعنى فإن مؤسسات المجتمع المدني تمتاز بالتنوّع والاختلاف والتعدّدية داخلها، أما الثانية فهي هيئات فئوية خاصة أي مقتصرة على مجموعة محدّدة بحكم رابطتها الخاصة ولا تسمح بالانضمام إليها إلّا لمن هم من نفس الصنف.
وهكذا تختلف هيئات المجتمع المدني عن هيئات المجتمع الأهلي من حيث الأهداف والوسائل:
أولها- أنها لا تستهدف الوصول إلى السلطة ولا تنخرط في الصراع الإيديولوجي والسياسي الدائر في المجتمع وأنها تضع مسافة واحدة بينها وبين السلطات من جهة وبينها وبين المعارضات من جهة أخرى، وهدفها دعم خطط ومشاريع التنمية والسعي للمشاركة في اتخاذ القرار وفي تنفيذه ومراقبة حسن الأداء للجهات الحكومية.
وثانيها- اقتراح مشاريع قوانين ولوائح وأنظمة وتقديمها إلى الجهات التشريعية والحكومات، ومناقشة ما يصدر عنها، سواء في إعدادها أو بعد صدورها.
وثالثها- الإسهام في بناء مواطنة سليمة ومتكافئة ودون تمييز لأي سبب كان من خلال نشر وتعميم قيم التسامح والسلام واللّاعنف والمساواة والعدالة والمشاركة والتعايش وقبول الآخر.
ورابعها- العمل على بناء قدرات الأفراد وتأهيلهم وتنمية مهاراتهم وتدريبهم ليساهموا مع مجتمعاتهم وفي مؤسساتهم المهنية والاجتماعية والنقابية للدفاع عن مصالح منتسبيها وعن مصالح المجتمع ككل، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية وتنمية روح الحوار والتفكير الحر والحق في التعبير.
وخامسها- تشجيع الجهود التطوّعية والمبادرات الفردية والجماعية، بما يعزّز التضامن والتكافل والتعاون والتساند بين جميع الفاعليات.
باختصار فإن المفروض في هيئات المجتمع المدني أن تصبح «قوة اقتراح» وشريكاً ومكمّلاً للدولة، وهذا يحتاج إلى توفر شروط وأسس قانونية واقتصادية - اجتماعية وثقافية واستقلالية مالية لكي تقوم بدورها، وذلك في إطار تلازم بين الدولة والمجتمع والمواطن والسوق، ولا يمكن تصوّر دولة دون مجتمع، كما لا يمكن تصوّر مجتمع دون دولة، أي قوانين وأنظمة ومؤسسات لحفظ النظام والأمن العام وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، ويفترض أن تسعى الدولة لتوفير مستلزمات العيش الكريم لمواطنيها وتهيئة الفرص المتكافئة أمامهم للتطوّر والمنافسة الحرة.
لقد أصبح وجود هيئات مجتمع مدني اليوم عاملاً أساسياً من عوامل نجاح التنمية المستدامة، في المجالات المختلفة، إذْ لا يمكن للدولة القيام بمهماتها دون مساعدة ومساندة ودعم منها. وهكذا فإن وجود هيئات للمجتمع المدني العربي، وهو أمر قائم، وتوسيع دورها الفعلي يفتحان الباب لشراكة جديدة في الحياة العامة لتفعيل وتجديد الفكر العربي ومنظوراته إزاء قضية التنمية الإنسانية الشاملة والمستدامة، إذْ لا يمكن إحداث تغيير فكري حقيقي دون مساهمة جادة من جانب المجتمع المدني، وذلك جزء من مسار كوني لا يمكن لأي مجتمع أن يعفي نفسه منه، وهنا يكمن التوازن والتكامل بين الدولة والمجتمع، فوجود هيئات للمجتمع المدني نشيطة وفاعلة وشريكة، يعني وجود دولة قوية ومواطنة حيوية ومتكافئة وفكر منفتح يتقبل الاختلاف.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: هل سيتم إعادة تدوير الزوايا..؟
- الكوموتراجيديا العراقية بين فقه الواقع وفقه الضرورة
- لبنان.. الوجه الآخر!
- موريتانيا وتحديات التداول السلمي للسلطة
- الحوار العربي - الكردي : وقفة مراجعة
- شعبان يلتقي الرئيس الكولومبي
- عن أي رؤية حقوقية نهضوية نتحدث؟
- الحراك يعيد رسم الخريطة السياسية : الأوضاع الاستثنائية في ال ...
- الإعلام التنموي والتنمية المستدامة
- ما زال الفكر العربي يعاني من الركود وعدم الحيوية
- اللحظة العراقية - اللبنانية
- العراق : أزمة تلو أزمة
- التطرّف والعنف: سوريا تحت المجهر
- اتفاق سوتشي
- «نبع السلام» أم «بؤرة الحرب»؟
- حركة الاحتجاج التشرينية وإعادة قراءة المشهد العراقي
- الجواهري وعبد الكريم قاسم
- المنفى فضاء رحب لمقاومة العزلة والشيخوخة والفداحة
- ماركس في -مدينة الغنج والدلال-
- الترامبية في بعض ملامحها


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - علاقة الفكر بالمجتمع