أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - ماركس في -مدينة الغنج والدلال-














المزيد.....

ماركس في -مدينة الغنج والدلال-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6381 - 2019 / 10 / 16 - 18:37
المحور: الادب والفن
    


منذ الصباح الباكر أجلس في المقهى:
طنجة تستيقظ
لست أنا من يوقظ طنجة
من قال: الحلمُ ينام؟
...
...
...
طنجة سيّدة الأنوار السبعة
أغنية البحار
سعدي يوسف
من قصيدة طنجة -"ديوان طنجة" 2011
إذا كان " الحب من أول نظرة"، فعشق طنجة من أول زيارة، فتهيم غراماً بها وتزداد عشقاً لها كلّما اكتشفت مكنونات روحها بما فيه من سحر وألغاز، وحسب بربارا هايتن "طنجة هي الحياة"، وكما كتبت على لوحة رخامية في منزلها " الجنة هنا.. هنا.. هنا" وهي تعني طنجة .
الألوان والأنغام تختلط في طنجة ، وما الحياة سوى لون ونغم، "وحق الهوى أن الهـوى سبب الهـوى .. ولولا الهوى في القلب ما وجد الهوى"، كما يقول محي الدين بن عربي ، فالزرقة للسماء والبحر، والخضرة تكسو الوديان والسفوح مطرّزةً بالأصفر والوردي، حتى لتبدو طنجة وكأنها حديقة أو غيمة سندس تفوح منها كل الأطايب، وتتفرّع على جانبيها أزقة وبيوت وأبواب ملوّنة تشمّ منها عبق التاريخ.
منذ أن قرأت " الخبز الحافي" هامت روحي بطنجة، فقد كان الروائي محمد شكري بارعاً بجنونه الفائق وعوالمه الليلية والنهارية الشائقة وشخصياته الهامشية الفاتنة التي روى حكاياتها التي تُحكى ولا تُحكى، فعدتُ أفتش عن " مجنون الورد" و"الخيمة" و"غواية الشحرور الأبيض"، مقتفياً خطاه في المقاهي والحانات، من مقهى الحافة إلى مقهى الرقّاصة في السوق القديم وصولاً إلى مقهى باريس ومقهى روكسي وغيرها، وهكذا بدأ الحبل السرّي بيني وبين تلك المدينة الساحرة.
واجتذبت طنجة عدداً كبيراً من كبار المبدعين الذين تردّدوا عليها وعاشوا فيها مثل جان جينه والبرتومورافيا وأرنست همنغواي والجواهري وأدونيس وسعدي يوسف وخوان غوتيسولو ومارسيل خليفة وغيرهم، ولكل قصته وعشقه. ومن أزقة طنجة بزغ ابن بطوطة ليلفّ العالم، ثم يعود ليرقد محتضناً أطالس الجغرافيا وكتب التاريخ وحكايات المجتمعات المتنوعة والشعوب المتمايزة.
هكذا تتبدّى لك الأندلس حتى لتشعر أن العالم كله في عهدتك، فـ "المدينة الحلم"، حسب بول باولز، صوّرها الرسام هنري ماتيس في لوحته الشهيرة العام 1912" نافذة من طنجة"، الموجودة حالياً في متحف بوشكين في موسكو وعلّق عليها قائلاً: طنجة " جنّة الرسام" و"المرآة المفتوحة على العالم". ومكث ماتيس في فندق فيلا دي فرانس، وصادف في إحدى زياراتي لطنجة أن نزلتُ في الفندق ذاته وبجوار غرفته الرقم 35 وطلبت حينها من عامل الفندق أن يفتحها لي، فوجدت الضوء يملؤها من جميع الجوانب.
وتعلّق الجواهري هو الآخر بطنجة التي وصفها بأنها مدينة " الدلال والغنج"حيث ينطلق الليل من جفنيها، وينفرج الصبح عن نهديها، وذلك حين زارها في العام 1974، وقصة الجواهري مع طنجة مثيرة وملتبسة وسأعود إليها في وقت لاحق.
فكيف حلّ ماركس ضيفاً على طنجة التي لم يزرها؟، لكن "للأفكار أجنحة" على حد تعبير ابن رشد، فقد زارت أفكاره طنجة وحلّقت فوق البحرين (البحر المتوسط والمحيط الأطلسي) حيث يلتقيان في طنجة في لقاء حميم لا مثيل له. وكانت "عودة ماركس" إلى طنجة عبر مهرجان ثويزا حيث دعيت للحديث عنها ، فاستعدتُ مقابلة لي في جريدة "أنوال" المغربية قبل ثلاثة عقود من الزمان، عن "أزمة الماركسية"، وهو الموضوع الذي توسّعت في تناوله بكتابين الأول "تحطيم المرايا في الماركسية والاختلاف " والثاني "الحبر الأسود والحبر الأحمر- من ماركس إلى الماركسية". فهل العودة إلى استحضار ماركس دليل طمأنينة أم إشارة قلق؟ وهل هو سؤال شك وأزمة أم جواب يقين وثقة؟
لكننا لسنا وحدنا من يعود إلى قراءة ماركس، فقد أخذ مدراء بنوك وشركات كبرى يشجعون على قراءته، فبعد أزمة العام 2008 كان كتاب " رأس المال" الأكثر اهتماماً وكانت نتائج استفتاء لهيئة الإذاعة البريطانية BBC قد صنّفت ماركس كأحد المؤثرين في العالم بين 100 شخصية.
والمهم كيف نقرأ ماركس والماركسية من بعده وأعني "المادية التاريخية" فقد كان هو الحلقة الذهبية الأولى فيها. أعداؤها حاولوا تأثيمها وأبلستها لأنها مثلت خطراً على مصالحهم الطبقية، أما أتباعها فصنّموها وألّهوها وربطوها بشخص ماركس ومن جاء بعده، حتى أن بعض أصحابنا أضفى عليها نزعة ريفية أو بدوية بالضد من جوهرها المدني الحداثي.
وإذا كان الأعداء والخصوم قد لعنوها وطاردوها، فإن الأتباع والمريدين كانوا عبيد النصوص ، والنصوص كما هو معلوم منتهية، أما الواقع فمتغيّر، وهو لا متناهي، وبغض النظر عن منهج ماركس ، فإن تعليماته كانت تصلح لعصره وقد تجاوز الزمن العديد منها، فما بالك حين أخفقت بالتجربة، وإذا كان المنهج يقتضي قراءة الواقع، فلا بدّ إذاً من استنباط الأحكام منه، والمرجعية أولاً وأخيراً للواقع الملموس وليس للنصوص، والممارسة جزء من النظرية مثلما الوسيلة جزء من الغاية.
ولو عاد ماركس اليوم لأعاد النظر بالكثير من المسلمات والأحكام، خصوصاً في ظلّ العولمة والعصر الرقمي، حتى وإن تشبث المريدون بجعله أيقونة تصلح للمتحف. وتلك كانت جوهر مداخلة طنجة في فضائها الفكري المفتوح.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترامبية في بعض ملامحها
- اليسار وعاشوراء : مشهد بانورامي
- السياسة بوصفها «فعل خير»
- عبد الناصر في انفراداته الوطنية والقومية
- في خفايا تجارة الأعضاء البشرية
- نبوءة فوكوياما
- وعد نتنياهو
- من فيض ذاكرة إدوارد سعيد
- الاحتلال «الإسرائيلي» وهدم المنازل
- شينزن وليس تيانانمين
- الشاعر شيركو بيكه.. نبض الروح وضوء الشعر
- نحو فكر عربي جديد
- في تفسير الظاهرة الإرهابية
- بلد الفصاحة والشعر يحتفي بالمفكر العراقي عبد الحسين شعبان
- «الاسلاموفوبيا» و«الويستفوبيا»
- «تفاهة الشر»
- 67 دقيقة.. مانديلا!
- نوري عبد الرزاق- الذاكرة والزمن الجميل
- الفساد ضد الفساد
- «سلطانات الرمل»


المزيد.....




- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - ماركس في -مدينة الغنج والدلال-