أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - «سلطانات الرمل»














المزيد.....

«سلطانات الرمل»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 22:16
المحور: الادب والفن
    



لم أكن قد تعرّفت إلى البادية السورية قبل تعرّفي إلى الروائية السورية لينا هويّان الحسن، وبالتحديد بعد قراءة روايتها المدهشة «سلطانات الرمل» التي دوّنت فيها «سيرة أشهر فاتنات بادية الشام بين 1880 و1950»، وحين قرأت الرواية شعرت بأن الحسن لا تمتلك خيالاً خصباً فحسب، بل ولغة أنيقة، وجملة رشيقة، ورؤية مثيرة، مثلما اكتشفت الكمّ الهائل من المعلومات الغنيّة عن البادية، والتفاصيل الوفيرة عن العشائر، باستعادة دور العشيرة، ليس بصفتها ماضياً فحسب، بل باعتبارها حاضراً.
وإذا كان وجود قانون للعشائر في العراق يعود لفترة الاحتلال البريطاني (1914-1918)، فإن قانون العشائر السوري حديث نسبياً، ولكن إلغاء القانونين جاء متساوقاً مع أحداث «ثورية» حصلت في البلدين، أولها قيام الوحدة المصرية- السورية، وثانيها قيام ثورة 14 يوليو/ تموز في العراق، وكلاهما حصل في العام 1958، وقد نشرت الروائية لينا الحسن نص قرار إلغاء قانون العشائر بتوقيع الرئيس جمال عبد الناصر الذي صدر في 28 سبتمبر/ أيلول، وجاء فيه: يلغى قانون العشائر الصادر بقرار رئيس مجلس النواب السوري رقم 31 بتاريخ 13/6/1956 ويخضع أفراد العشائر إلى كل القوانين والقرارات والأنظمة المطبقة على المواطنين الحضريين في الإقليم السوري.
وعلى الرغم من مضي أكثر من 6 عقود على إلغاء قانوني العشائر في العراق وسوريا، وتراجع دور العشيرة فعلياً بحكم توجّهات الدولة المدنية في البلدين، فإن العودة إلى العشائرية أخذ يتسلّل مجدداً بالترافق مع تراجع هيبة الدولة، وعدم قدرتها على بسط نفوذها، وسلطانها على كامل البلاد.
لقد عملت بريطانيا على كسب بعض رؤساء العشائر لمصلحة أهدافها الاستعمارية، ومقابل ذلك أغدقت عليهم ليكون لهم دور سياسي أيضاً، ويصبحوا أعضاء دائمين في مجلسي النواب والأعيان، كما وزّعت عليهم الأراضي، ومنحتهم امتيازات وصلاحيات موازية للقضاء والحكومة في مناطقهم وإقطاعياتهم، بما فيها الفصل في النزاعات، إضافة إلى أحكام وسجون خاصة لإخضاع أبناء عشائرهم، وضمان موالاتهم.
لكن دور العشائر بدأ ينحسر بالتدريج بعد العام 1958 في العراق وفي سوريا بعد إلغاء قانوني العشائر، وإضعاف القاعدة المادية الاقتصادية والاجتماعية لرؤساء العشائر، وتوزّع أبناء العشائر، خصوصاً بعد الهجرة الواسعة من الريف، أو البادية باتجاه المدن على الأحزاب والنقابات والجمعيات، وساهم الإصلاح الزراعي بغض النظر عن أخطائه وتأثيره السلبي على الزراعة في إضعاف دور العشيرة.
وبعد غزو القوات العراقية للكويت العام 1990 وحرب قوات التحالف ضده في العام 1991، شهد العراق عودة العشائرية بقرار حكومي، حيث بدأ الرئيس السابق صدام حسين باستقبالهم وتكريمهم، بل إن بعض العشائر تم تصنيعها ظنّاً منه أنه بالإمكان حماية نظامه، وبالغ بعض هؤلاء في التوقيع له بالدم على «وثيقة حفظ العهد»، وقد حاول الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر توظيف بعضهم لمصلحة المشروع الأمريكي، مستغلاً الخلافات السياسية والطائفية، من جهة وضعف مرجعية الدولة، من جهة أخرى.
وهكذا أصبح لبعض هؤلاء شأن كبير استغله إلى حدود بعيدة. وتنقل مجلة «الإيكونوميست» البريطانية الدور الجديد الذي يقوم به بعض رؤساء العشائر في الوقت الحاضر، وجاء في مقالة بعنوان «العشائر في العراق»، مع عنوان فرعي «استأجر شيخاً»، ما يلي: «بعد سقوط صدام حسين عام 2003، ملأ الشيوخ الفراغ بعد نشوء دولة هشّة، وفاسدة، ويقوم اليوم حتى بعض المحامين بتقديم النصيحة لزبائنهم باستخدام مجالس العشيرة بدلاً من اللجوء إلى المحاكم، خاصة بعد أن أقام الشيوخ علاقات وطيدة مع الميليشيات ذات النفوذ، وهذا ما أدّى إلى ازدهار»بزنس«جديد، حيث يقوم الشيوخ بعرض خدماتهم».
وبالعودة إلى رواية «سلطانات الرمل» شعرتُ وأنا أتابع تفاصيلها المتداخلة، والأسماء المتدافعة والأمكنة والأزمنة، بأن ثمة واقعاً جديداً في كل من سوريا والعراق، كأنه عودة القهقرى إلى ما قبل قرن من الزمان، خصوصاً بقطع خط التطوّر التدرّجي والتراجع إلى مرجعيات ما دون الدولة، وما قبلها، فضلاً عن استغلال بعض الإرهابيين، ولاسيّما «داعش»، لبعض تلك التشكيلات.
لقد أصبحت الظاهرة العشائرية التي كان حضورها باهتاً في سوريا لافتة للنظر، لجهة التداخل الخارجي من جهة، ومن جهة أخرى لجهة استعادة الدولة لمكانتها، وهيبتها. أمّا في العراق الذي تتنازعه مرجعيات عدة، فقد أصبحت طاغية لدرجة أن الدولة اضطرت لإصدار مرسوم حول «الدكّة العشائرية» نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، التي اعتبرتها ضرباً من الإرهاب، والدكّة تهديد أولي، أو إنذار، بالمحذور الآتي لدفع الطرف المعني للتنازل وتنفيذ ما يُطلب منه، حيث يتم إطلاق النار على منزل المراد تهديده، قبل القيام بعمل أكبر.
وإذا كانت رواية «سلطانات الرمل» تتحدّث عن مرحلة دخول المدنية إلى الريف، وعالم البدو، فإن مرحلة ما بعد نحو قرن من الزمان تظهر العكس، حيث تم ترييف المدن والحواضر، بل «بدونتها» في حين يدخل العالم إلى ما بعد «الحداثة».



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «عبء» الديمقراطية!
- حين يُضرب السفير البولندي في «تل أبيب»!
- إيران و«تخوم الحرب»!
- أوجاع العرب وكوابيس المستقبل
- «ما بعد» العدالة الانتقالية
- تشويه معنى التضامن الدولي
- مفهوم السلطة بين الأمّة والملّة
- نابولي تحتضن للمرّة الثانية اجتماع حقوقيي البحر المتوسط
- بلند الحيدري خفقة الإبداع وريادة ما قبل الحداثة
- تحديات العمل الإنساني
- «ألغاز إرهابية»
- «عدالة» لاهاي!
- العراق: تفاعلات القوة ومعادلات التوازن
- حوار الكرد والعرب.. «القوة الناعمة»
- حرّية المعتقد:ضوء على وضعية المسيحيين في المشرق العربي
- الهوّية والتنوّع: الواقع والمستقبل
- العراق بين إشكاليتين - دويلات داخل الدولة وأزمات داخل الأزمة
- الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ
- الاستثمار في التربية على السلام واللّاعنف
- نخشى العسكر أم «نلوذ» بهم؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - «سلطانات الرمل»