أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تشويه معنى التضامن الدولي














المزيد.....

تشويه معنى التضامن الدولي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6256 - 2019 / 6 / 10 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أعادني اجتماع نابولي لحقوقيي البحر المتوسط إلى عقود خلت، كان فيها لكلمة التضامن وقع شديد وتأثير فاعل، ولا سيّما في الأوساط الحقوقية والقانونية، وتحسب لها السلطات ألف حساب، وخصوصاً لردود الأفعال التي قد تترتّب عليها داخلياً وخارجياً. وكان للتضامن الدولي دوره الكبير في تغيير اتجاه أو التراجع عن خطوة أو التوقف عن إجراء يتعلق بقضايا سياسية أو تحسين معاملة لسجين رأي أو إطلاق سراح معتقل أو غير ذلك.
وقد روى لي المناضل الفلسطيني الراحل تيسير قبعة يوم كان سجيناً في الأرض المحتلة، مدى التأثير والتأثّر الذي حصل في تعامل سلطات الاحتلال معه، جرّاء الحملة التي انطلقت في عواصم عالمية وعربية لتوضيح مصيره ومن ثم المطالبة بحرّيته، كما كانت حملة التضامن العالمي وراء القوة المعنوية التي امتلكها نيلسون مانديلا الذي استمر حبسه 27 عاماً، خصوصاً في «اللحظة السحرية» حين كان يعلم فيها انطلاق حملات تضامن حقوقية معه، وكان لسلوكه الإنساني اللاحق دور كبير في سيادة قيم التسامح والسلام والتعايش وعدم الانتقام أو الثأر أو الكراهية.
ويمكنني القول: إن التضامن أصبح حقاً من حقوق الإنسان في البلدان التي يكون فيها الرأي العام صوتاً مسموعاً، خصوصاً بصدور قرار الأمم المتحدة رقم 55 لعام 2005، بخصوص الحق في التضامن، سواء كان مع الشعوب أم مع بعض الجماعات والقوى أم مع الأفراد، وهو ما يتطلّب إجراءات وقائية وأخرى حمائية، ووضع استراتيجيات لمنع حدوث الانتهاكات والتجاوزات.
وبقدر ما أصبح التضامن ضرورة لا بدّ للمجتمع الدولي من الاضطلاع بها، فإن بعض تطبيقاته امتازت بالتوظيف السياسي، والأمر شمل الضحايا واللاجئين والمهمشين والبيئة والأوبئة والأمراض والحروب والاتجار بالبشر والمخدرات وتجارة السلاح والتعصب والتطرف والعنف والإرهاب. وبعد انتهاء الحرب الباردة في أواخر الثمانينات وهيمنة قطب واحد على العلاقات الدولية، ضَعُفَ دور التضامن وتأثيره، وتصدّعت جبهة المتضامنين، وخشي الكثير منهم من التشويه الذي يمكن أن يلحق به، كما لم تعد الحكومات تعيره الأهمية ذاتها التي كان يحتلها يوم كانت تأخذ بنظر الاعتبار حجمه وامتداده، بما يؤثر في سياستها الداخلية ومواقفها إزاء بعض القضايا الدولية، حتى اعتُبِرَ من يتضامن مع المقاومة ويدافع عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني العادلة والمشروعة «إرهابياً» أو يُحسب على ملاك «الإرهاب»، ولا سيّما بعد تشويه صورة التضامن وإلصاق التهم جزافاً بمن يتضامن، وتلك مفارقة حقيقية.
ولعلّ أبرز وأهم حملة تضامن بعد انهيار جدار برلين في ال 9 من نوفمبر / تشرين الثاني عام 1989 والإطاحة بأنظمة أوروبا الشرقية، وتحلّل الاتحاد السوفييتي، كانت عشية الحرب على العراق (عام 2003)، والتي شملت أكثر من عشرة ملايين إنسان وعشرات العواصم والمدن الأوروبية، وكانت مطالبها الأساسية منع الحرب وحماية السكان المدنيين الذين عانوا من الحصار لنحو 12 عاماً، فضلاً عن زيف ادعاءات القوى والبلدان التي تريد شنّ الحرب بزعم وجود أسلحة دمار شامل، وعلاقة نظامه الديكتاتوري السابق بالإرهاب الدولي، والسعي لإيجاد نظام ديمقراطي بديل عنه.
وعلى الرغم من محاولات التضليل والخداع التي كانت تمارس بأشكال مختلفة للحيلولة دون أن يصل التضامن إلى مبتغاه، فإن الكثير من الحقائق باتت جلية وواضحة، الأمر الذي سيعيد إلى التضامن بريقه الباهر وصورته البهية، سواء على الضحايا أو على المرتكبين، وذلك لعدة دلالات:
أولها: أن حملات التضامن حتى وإن لم تؤتِ ثمارها في اللحظة المعينة، لكنها تشكّل رصيداً مستقبلياً يمكن المراكمة عليه، لتأكيد عدالة القضية التي يتضامن معها العالم.
وثانيها: أن التضامن معيار أخلاقي لرفض الظلم والدعوة إلى تحقيق العدالة بغض النظر عن الموقف السياسي، مثلما هو تعبير عن شراكة إنسانية وصداقة قائمة أو محتملة لما يتركه فعل التضامن من تأثير في النفس.
وثالثها: أن الشعوب والحركات والأفراد الذين يُتضامن معهم يشعرون بالقوة في مواجهة التعسف، لأنهم ليسوا وحدهم في المعركة.
ورابعها: أن الأطراف المرْتكِبَة حتى وإن أظهرت عدم اكتراثها بأصوات التضامن وازدراءها للحملات التضامنية، لكنها لا بدّ أن تعيد حساباتها، والمسألة مرتبطة بتصاعد حركة التضامن وامتداداتها لتصل إلى داخل صفوفها، وهو ما لا يمكن تجاهله إلى ما لا نهاية.
ولذلك كان إعلان نابولي الذي صدر عن اجتماع حقوقيي البحر المتوسط منسجماً مع المعايير الأربعة، حين أكّد على حقوق الشعب العربي الفلسطيني، وفي المقدمة منها حقه في تقرير المصير، وعلى احترام الإرادة الحرة لشعوب المنطقة، وعلى تصدّيها للإرهاب الدولي، وحقها في التنمية المستقلة، وإدانته وشجبه سياسة الرئيس الأمريكي ترامب، بشأن اعتبار القدس عاصمة ل «إسرائيل»، خلافاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 لعام 1980، أو اعتبار الجولان السورية «إسرائيلية» بالضد من القرار رقم 497 لعام 1981، كما اعتبر الإعلان «إسرائيل» بممارساتها العنصرية بؤرة حرب مستمرة وخطراً على السلم والأمن الدوليين. وفي ذلك فعل من أفعال المواجهة لتأكيد عدالة القضايا الإنسانية، وترابطها على المستوى الكوني.
[email protected]



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم السلطة بين الأمّة والملّة
- نابولي تحتضن للمرّة الثانية اجتماع حقوقيي البحر المتوسط
- بلند الحيدري خفقة الإبداع وريادة ما قبل الحداثة
- تحديات العمل الإنساني
- «ألغاز إرهابية»
- «عدالة» لاهاي!
- العراق: تفاعلات القوة ومعادلات التوازن
- حوار الكرد والعرب.. «القوة الناعمة»
- حرّية المعتقد:ضوء على وضعية المسيحيين في المشرق العربي
- الهوّية والتنوّع: الواقع والمستقبل
- العراق بين إشكاليتين - دويلات داخل الدولة وأزمات داخل الأزمة
- الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ
- الاستثمار في التربية على السلام واللّاعنف
- نخشى العسكر أم «نلوذ» بهم؟
- عبد الرحمن اليوسفي - -الإجماع- حين يكون استثناء
- أخلاقيات التضامن الإنساني
- النساء والتطرّف
- «إسرائيلية» الجولان
- من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
- مأزق ال «بريكست»


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تشويه معنى التضامن الدولي