أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - مأزق ال «بريكست»














المزيد.....

مأزق ال «بريكست»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6178 - 2019 / 3 / 20 - 20:43
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    



انتقلت الكرة من ملعب لندن إلى ملعب بروكسل بعد منح البرلمان البريطاني موافقته لحكومة تيريزا ماي 14 مارس /آذار الجاري على تأجيل موعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن كان مقرراً حسم الموقف يوم 29 مارس /آذار الجاري. ويتوقع أن تعيد رئيسة الوزراء تيريزا ماي طرح خطتها ل «بريكست» للتصويت أمام النواب للمرّة الثالثة. وكانت قد حذّرت من التأجيل الطويل الأمد (21 شهراً) كما يطالب بعض النواب. وحسب الآلية القانونية التي تؤطر الانسحاب، فهي تتمثل بالمادة 50 من اتفاقية لشبونة التي تتطلب موافقة دول الاتحاد بالإجماع (27 دولة).
ويأتي هذا الانسحاب على خلفية الاستفتاء الذي جرى يوم 23 يونيو/حزيران 2016، حيث صوّت 51.9% لصالحه، وقد وافق قادة الاتحاد الأوروبي على تنظيم اتفاقية «بريكست»، وذلك في اجتماعهم في بروكسل (بلجيكا) في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لكن الاختلاف بين الحكومة ومجلس العموم أدخل العلاقة البريطانية - الأوروبية في مأزق جديد.
وكانت غالبية أعضاء مجلس العموم البريطاني قد رفضت اتفاق ماي (للمرّة الثانية) بشأن تنظيم «بريكست». وعلى الرغم من قرار التأجيل، فإنها اعتبرته لن يحلّ الأزمة، بل يزيد من تفاقمها، وعبّرت عن مخاوفها إزاء الانسحاب دون تنظيم اتفاق خلال زيارتها إلى شرق إنجلترا بقولها: ادعموه (أي الاتفاق) وسوف تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي أو ارفضوه ولن يعلم أحد ما الذي سيحدث؟ وهو الأمر الذي ظلّت تردّده طيلة العام الماضي كلّه. كما أنها حاولت في ستراسبورغ انتزاع تنازلات جديدة من قادة الاتحاد الأوروبي لتعزيز موقفها ولكن دون جدوى، باستثناء التعهدات في مسألة الحدود مع جمهورية إيرلندا. ويبرّر أصحاب قرار القفز من سفينة الاتحاد الأوروبي بأن تأثير بريطانيا سيعود بقوة في المستوى العالمي بعد فشل المعالجات التي أدارها الاتحاد الأوروبي لنحو عقد ونيّف من الزمان، خصوصاً في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي تعاظمت في العام 2008 وتركت أثرها الثقيل في بريطانيا، وما زالت تبعاتها ماثلة حتى الآن، بارتفاع معدلات البطالة وسعر الفائدة والتضخم الاقتصادي، ناهيك عن مشاكل الأمن واللاجئين ومحاربة الإرهاب.
وقد وضعت تلك السياسات العديد من البلدان والشعوب الأوروبية أمام اختيارات قاسية، حيث لم تتمكّن الدول الصغيرة أو «أسواق الأطراف» من تحقيق معدلات نمو اقتصادي، وهو ما دفع سكان العديد من هذه البلدان للبحث عن عمل في البلدان المتقدمة مثل بريطانيا بسبب برامج الضمان الاجتماعي، وهكذا شهدت بلدان مثل بولونيا وهنغاريا واليونان وقبرص وغيرها انتقالاً واسعاً إلى بريطانيا، في حين ظلّت سويسرا خارج دائرة الاتحاد، لكنها امتلكت اقتصاداً أفضل ونمواً بمعدلات أعلى وبطالة أقل وعملة قوية، فما الحاجة إذاً لانضمام بريطانيا للاتحاد الأوروبي؟ وما الفائدة التي ستجنيها؟
وإذا كان دعاة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يتوقّعون تحسّن أوضاعها على المستويين العام والفردي، ولاسيّما على المدى الطويل، فإن هناك تقديرات عكسية متشائمة باحتمال سوء الأوضاع الاقتصادية وتردّي الحالة المعيشية خلال الخمسة عشر عاماً القادمة مقارنة بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، وحسب جريدة «الفايننشال تايمز» فإنه منذ الاستفتاء في يونيو/حزيران عام 2016 ولغاية ديسمبر/كانون الأول عام 2017، فإن الدخل القومي البريطاني انخفض بما يعادل 350 مليون جنيه استرليني في الأسبوع، خصوصاً بانخفاض ثقة المستهلك وتراجع الإنفاق إلى أدنى مستوى.
وسيبقى الجدل والنقاش مفتوحين، سواء اتّخذ القرار النهائي أم لم يتّخذ، وسواء حصل استفتاء جديد أم لم يحصل، فاللوحة لا تزال معقدة وغامضة وملتبسة والتكهنات بشأنها متضاربة ومتعاكسة، والزمن كفيل بتبيان أي الخيارات كان صائباً وأيها كان خاطئاً؟ وهو ما ستقرّره السياسة اللاحقة، ولاسيّما صناديق الاقتراع التي ستعكس مدى قناعة البريطانيين من عدمها.
وقدّم الأوروبيون بعض التنازلات لإقناع أعضاء مجلس العموم البريطاني للمصادقة على الاتفاق المبرم بين بروكسل ولندن، وأبدوا استعدادهم لإضفاء طابع ملزم عليه، لاسيّما ما يتعلق بتفادي الحساسية بشأن جمهورية إيرلندا (العضو في الاتحاد)، ولعل من ضمن أهدافهم الحفاظ على اتفاق السلام بين بريطانيا وإيرلندا وأحزاب إيرلندا الشمالية الموقع عام 1998 والمعروف باسم «اتفاق الجمعة العظيمة» أو اتفاق بلفاست، إضافة إلى التبعات الاقتصادية والمالية، على كل بلد وعلى الاتحاد ككل، لاسيّما وقد أخذت الثقة تتزعزع بقدرته على الاستمرار بالحيوية والطموح الذي بدأه. وقد اعتبر بعض أعضاء مجلس العموم مثل ذلك «العرض» «فخّاً» يُبقي بريطانيا ضمن الاتحاد على الرغم من انسحابها، ولذلك طلب سقفاً زمنياً لنفاذه.
لا شكّ في أن ماي وأنصارها وخصومها والأطراف جميعاً في لحظة أزمة، بل إنهم في مأزق كبير، فإن ما حصل سيعرّض سفينة الاتحاد الأوروبي لعواصف هوجاء جديدة قد تأخذها بعيداً في التخبط دون مرسى قريب، خصوصاً بعد شحوب الكثير من الآمال التي عوّلت عليها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار والسترات الصفراء
- الأكراد و«حوار العقلاء»
- أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل ...
- أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس
- جار الله عمر كبرياء التواضع
- انحسار الديمقراطية
- شعبان يحاضر في اتحاد الحقوقيين العراقيين
- كوبا «الثورة والدولة» في دستور جديد
- حين يكون القضاء «بخير»
- الإمارات و«دبابات» البابا
- كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
- الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة
- طه صفوك الجبوري اسم في الذاكرة
- الإعلام والأمن السيبراني
- الثقافة والذاكرة
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ...
- فنجان قهوة .. مع الموسوعي د. عبد الحسين شعبان
- -اسرائيل- خارج اليونسكو
- -حكم القانون- والأمن الإنساني
- طريق حكومة عادل عبد المهدي- وألغام الدولة العميقة


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - مأزق ال «بريكست»