|
«إسرائيلية» الجولان
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 27 - 21:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
«إن من ينزل عن هضبة الجولان، يكون قد تخلّى عن أمن «إسرائيل»، ذلك ما قاله إسحاق رابين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق الذي اغتيل في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995، بعد أن احتلت «إسرائيل» 80% من مساحة هضبة الجولان السورية في عدوان 5 يونيو/ حزيران العام 1967، والتي حرّرت سوريا جزءاً منها في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، (100 كم) بما فيها مدينة القنيطرة . إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، «إسرائيلية» الجولان يعيد إلى الأذهان مقولة رابين، وإصرار السياسة «الإسرائيلية» طيلة ما يزيد على نصف قرن على تهويد الجولان، وضمها نهائياً إلى «إسرائيل». ويأتي موقف ترامب مستفزّاً للمشاعر الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية، ولقواعد القانون الدولي بعد قراره في 14 مايو/ أيار 2018 نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، باعتبارها عاصمة لدولة «إسرائيل»، الأمر الذي يؤكد الخطة المنهجية المتصاعدة في تأييد الاحتلال « الإسرائيلي»، والتنكّر للحقوق العادلة والمشروعة للشعب العربي الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها «القدس». وتتنكّر واشنطن بإجراءاتها تلك ل «الشرعية الدولية»، فضلاً عن القواعد العامة للقانون الدولي المعاصر، بما فيها قواعد القانون الإنساني الدولي، خصوصاً اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977، حيث كان مجلس الأمن الدولي أصدر قراراً رقم 476 بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 1980 يعلن فيه بطلان الإجراءات التي اتخذتها « إسرائيل» لتغيير طابع القدس، ثم أعقبه بقرار رقم 478 بتاريخ 20 أغسطس/ آب من العام نفسه، يقضي بعدم الاعتراف بقرار الكنيست بشأن ضم القدس. كما أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 497، الذي اتخذ بالإجماع في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1981، الذي يدعو دولة «إسرائيل» إلى إلغاء قرارها بضم مرتفعات الجولان، ويعتبر فرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة ملغى وباطلاً، ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي. ومن المفارقة أن يأتي إعلان ترامب «إسرائيلية» الجولان متزامناً مع الذكرى السادسة عشرة للحرب الأمريكية على العراق واحتلاله في العام 2003، واستمرار معاناة شعبه المتعاظمة والمركّبة، فضلاً عن تزايد التدخلات الإقليمية والدولية في شؤونه، فضلاً عن انفتاح الباب على مصراعيه لنشاط المنظمات الإرهابية فيه، وفي مقدمتها تنظيما القاعدة، ووريثها «داعش». وعلى مستوى التوقيت يأتي إعلان ترامب عن «إسرائيلية» الجولان كأنه خشبة خلاص لنتنياهو الذي تدهورت سمعته وفقد الكثير من شعبيته لاتهامه بالفساد، واحتمال مثوله أمام القضاء، كما يأتي هذا الإعلان قبل 20 يوماً من الانتخابات «الإسرائيلية». لقد مارست «إسرائيل» خلال احتلالها الذي استمر نحو 52 عاماً سياسة تطهير عرقي لتغيير الواقع القومي والتركيب السكاني للجولان، ورفضت الانسحاب إلى ما وراء خطوط الهدنة، مستخفّة بقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار 242 لعام 1967 والقرار 338 لعام 1973 ومتجاوزة على مبدأ أمر من مبادئ القانون الدولي الذي لا يجيز الاستيلاء بالقوة على أراضي الغير. وكانت «إسرائيل» اعتبرت الجولان منذ اليوم الأول «منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الناس دخولها» ثم أقامت المستوطنات عليها، آخذة في الاعتبار أهميتها الاستراتيجية، ابتداء من سفوح جبل الشيخ (قرب بانياس) وبمحاذاة خط وقف إطلاق النار (في 10 يونيو/ حزيران 1967) حتى القنيطرة، وانتهاء بحدود الشواطئ الشرقية لبحيرة طبريا (جنوب غربي الجولان). واستهدفت بذلك إقامة «بناء دفاعي» يضمن الحفاظ على مصادر المياه، ومنابع نهر الأردن، وتوفير الحماية لمستوطنات وادي الحولة والجليل، وهو ما تضمنه مشروع إيغال آلون الذي نشره في مجلة الشؤون الدولية (الأمريكية) على شكل مقالة في أكتوبر/ تشرين الأول 1976. ولذلك شرعت في اتخاذ طائفة من الإجراءات المتدرّجة لمحو الطابع العربي للجولان، ابتداء من حل المجالس البلدية وإلغاء القوانين السورية وإبدالها بقوانين «إسرائيلية» (بعد قوانين الاحتلال)، وتغيير العملة، وفرض الرسوم، وتغيير رخص السيارات والإجازات الخاصة، وفرض منهج تعليمي « إسرائيلي» عنصري، وجميع ما يتعلق بالبريد والبرق والهاتف، وكل ما من شأنه تغيير طابع المنطقة قانونياً وإدارياً وفعلياً، لاسيّما استبدال هويّة الأحوال المدنية السورية ببطاقات «إسرائيلية»، ثم أقدم الكنيست بعد مرور 14 عاماً على احتلال الجولان إلى إصدار قرار بضمها إلى «إسرائيل»، خلافاً لقواعد القانون الدولي، وما يسمّى بالشرعية الدولية . وتبرر «إسرائيل» تمسكها بهضبة الجولان بثلاث قضايا مركزية وحيوية لا تريد التخلي عنها، وهي تجمعها في عناوين رئيسية هي: الأمن والمياه والأرض، فالجولان خزّان مياه ومصدر للثروة المائية لا تريد التخلي عنه، وحسب رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، هي مصدر أساسي للأمن المائي، وهذا الأخير مصدر حيوي للأمن الغذائي، وبالتالي فهي عمق استراتيجي لأمنها لا غنى عنه.
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
-
مأزق ال «بريكست»
-
اليسار والسترات الصفراء
-
الأكراد و«حوار العقلاء»
-
أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل
...
-
أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس
-
جار الله عمر كبرياء التواضع
-
انحسار الديمقراطية
-
شعبان يحاضر في اتحاد الحقوقيين العراقيين
-
كوبا «الثورة والدولة» في دستور جديد
-
حين يكون القضاء «بخير»
-
الإمارات و«دبابات» البابا
-
كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
-
الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة
-
طه صفوك الجبوري اسم في الذاكرة
-
الإعلام والأمن السيبراني
-
الثقافة والذاكرة
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
-
فنجان قهوة .. مع الموسوعي د. عبد الحسين شعبان
-
-اسرائيل- خارج اليونسكو
المزيد.....
-
أهراءات مرفأ بيروت... صرح شاهد على أضخم انفجار شهده لبنان يض
...
-
زياد رحباني، الكائن الذي خُلق ليبدع ويلتزم
-
غزة.. 70 قتيلا منذ الفجر و-أوكسفام- تحذّر من إبادة جماعية
-
روسيا تدمر 18 مسيرة أوكرانية وحريق بمحطة قطارات فولغوغراد
-
دخلتا المجال الجوي المحظور.. اعتراض طائرتين فوق منتجع ترامب
...
-
اليمن.. مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب
-
استطلاع: 38% فقط من الألمان مستعدون للقتال من أجل وطنهم
-
الرئيس اللبناني: العدالة لن تموت الحساب آت لا محالة
-
علاء مبارك يشعل تفاعلا بفيديوهات لوالده عن دور مصر في دعم غز
...
-
-حصار السفارات-: اعتداءات على بعثات دبلوماسية أردنية ومصرية
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|