أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ














المزيد.....

الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6218 - 2019 / 5 / 2 - 18:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تثير مسألة الاجتهاد في الإسلام اختلافات حادة، وتباينات عميقة لدى أوساط مختلفة فكرية، وسياسية، وثقافية، ودينية، لجهة مرجعيتها وعلاقتها بقضية التجديد والتغيير، مثلما يثير الوعي بالتاريخ مثل هذا التعارض والتناقض في الفهم والسيرورة، لدى هذه الأوساط. ولهذه الأسباب، حسناً فعلت إدارة معرض الكتاب الدولي في تونس، بدورته الخامسة والثلاثين، بإدراج الموضوعين في محور واحد للنقاش المفتوح في جلسة حوارية مثيرة، وكما هو متوقع فقد كانت ردود الأفعال حامية، والمناقشات عالية النبرة.
فالاجتهاد يعني استنباط الأحكام بما ينسجم مع المتغيّرات والمستجدات والتطوّرات التي تحصل في المجتمعات على صعيد العلم، والتكنولوجيا، والفقه القانوني والدستوري والسياسي، والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أما الوعي بالتاريخ، فلا يعني استعادته، بل استحضاره، بمعنى أخذ الدروس والعِبَرْ منه بما يفيد الحاضر والمستقبل، وتلك جزء من مهمة الاجتهاد، حيث يمكن أن تحدث النقلة النوعية في مستوى التفكير، بتعمّق الوعي، في إطار مسار طويل وتراكم تدرّجي وهو ما يؤدي إلى تطوير الخطاب الديني بشكل عام، بحيث يستجيب لمتطلبات العصر، والأمر بقدر تعلقه بالإسلام، فإنه يتعلق بالأديان الأخرى أيضاً.
وخطورة الخطاب الديني تتأتّى من كونه يحاكي القلب، وليس العقل، وبالتالي يمكن أن يكون تأثيره عاطفياً وسطحياً وسريعاً، وهو مثل الموسيقى يمكن أن تصل إلى عدد كبير من الناس، وتؤثر فيهم مقارنة ببقية الفنون الأخرى كالشعر، والقصة، والرواية، والفنون التشكيلية، والمعمارية، وغيرها.
الخطاب الديني يؤثر أيضاً في المشاعر التي قد تجنح بعيداً، فتدفع المرء إلى التعصّب ووليده التطرّف، وهذا الأخير إذا ما تحوّل إلى سلوك، أي إلى فعل، فإنه سيصبح عنفاً، أي ينتقل من التفكير إلى التدبير، والعنف إذا ضرب عشوائياً سيصير إرهاباً، خصوصاً إذا استهدف إرعاب المجتمع، وإحداث الفزع في صفوفه، وإحداث نوع من عدم الثقة بالدولة والقانون.
كيف يمكن إذاً، معالجة مسألة الاجتهاد بما يتجاوز الراهن الراكد والتقليدي الساكن، حتى ليبدو «الثبات»، وإن كان نسبياً، أقرب إلى التحجّر أحياناً، لأن كل شيء في الحياة والكون يتغيّر، فما بالك بالاجتهادات، فهي حتى لو صلحت لعصرها، فإن زمانها قد ولّى، أو أنها لم تعد تصلح لزماننا، وتلك حكمة التاريخ، حيث «تتغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان»، وهي قاعدة فقهية معروفة، يضاف إلى ذلك، أن لكل زمان قوانينه التي تعبّر عن درجة تطوّر المجتمع، فما كان محظوراً في عصر قد يصبح مسموحاً في عصر آخر، و«للضرورة أحكام»، كما يُقال.
والاجتهاد بقدر تعلّقه بالفكر الإسلامي يطرح سؤالاً محورياً: هل الإسلام دين ودولة، ويصلح لكل زمان ومكان؟ وكيف السبيل للتعاطي مع المتغيّرات، بما فيها الحداثة، والعلاقة بين الديني والعلماني، وبين الاجتهاد ولغة الفكر، أو الاجتهاد وفكر اللغة. باختصار، هل يحتاج الإسلام إلى التحديث والتجديد ونحن في زمن العولمة والثورة الرقمية «الديجيتل»، والانفجار الإعلامي الرقمي السيبراني؟ وإذا كان الجواب لا: فالأمر يقود إلى التحجّر والصنمية والجمود، أما إذا كان الجواب نعم: فكيف، ومن أين نبدأ؟ هل نبدأ من الفرد، أم من المجتمع، أم الدولة، وماذا نريد؟
ويتفرّع عن هذا السؤال «أسئلة الجدل» القديمة - الجديدة تلك التي تحدّد العلاقة بين الدين والعقل، وهي تطرح سؤال الدين من داخله، وسؤال الدين خارجه، وكلاهما ينشغل بالهمّ الفكري والإنساني والروحي، سواءً تفسيراته المثالية، أو المادية، بأسبقية الوعي على المادة، أو ألحقيته باعتباره انعكاساً للوجود المادي.
والمطلوب من التجديد لا تغيير النصوص وإن كان بعضها استنفد سياقه التاريخي، بل تغيير الفهم لتلك النصوص، بما يتناسب مع العصر، والمطلوب التدبّر والبحث عما يتوافق ويتناسب مع واقع اليوم. وهناك في هذا المجال تحدّيان أساسيان: الأول يتعلق بتحديد الأهداف والأولويات في ما يتعلق بالبحث والاستنباط، والثاني باختيار الوسائل المناسبة للتجديد في إطار من الاجتهاد والحريّة من دون وصاية، أو تابوهات، أو محرّمات باستثناءات «ثوابت الدين»، كما يُقال.
هناك حواجز فقهية ومعرفية اصطنعها بعض «رجال الدين» تحتاج إلى إعادة النظر في معانيها، ومبانيها، انطلاقاً من قبول الاختلاف والحق في الاجتهاد، وقد سبق للإمام الشافعي أن قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب. إذاً، لا بدّ من البحث عن حالة جديدة تتناسب والواقع الجديد، وليس البقاء مرتهنين لكتب السلف الصالح، والتفتيش فيها عن حلول قديمة لواقع جديد. وإذا كان القرآن الأجمل والأحسن والأكمل، فإن فيه دعوة إلى العلم والتعلّم.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستثمار في التربية على السلام واللّاعنف
- نخشى العسكر أم «نلوذ» بهم؟
- عبد الرحمن اليوسفي - -الإجماع- حين يكون استثناء
- أخلاقيات التضامن الإنساني
- النساء والتطرّف
- «إسرائيلية» الجولان
- من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
- مأزق ال «بريكست»
- اليسار والسترات الصفراء
- الأكراد و«حوار العقلاء»
- أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل ...
- أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس
- جار الله عمر كبرياء التواضع
- انحسار الديمقراطية
- شعبان يحاضر في اتحاد الحقوقيين العراقيين
- كوبا «الثورة والدولة» في دستور جديد
- حين يكون القضاء «بخير»
- الإمارات و«دبابات» البابا
- كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
- الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة


المزيد.....




- حقن العشرات بإبر غامضة خلال حفل موسيقي في فرنسا.. إليكم ما ق ...
- الدولة والتوقيت؟.. أول رحلة خارجية لوزير دفاع إيران بعد ضربا ...
- مذيع CNN يوجه انتقادات لاذعة لترامب وهجومه على تغطية الضربات ...
- بعد ثلاث سنوات على تشريعه... تايلاند تُعيد تجريم القنب وتربك ...
- عطلة نهاية أسبوع دامية بألمانيا: 15 حالة وفاة بالغرق في أسوأ ...
- اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية الأردنية: متضامنون م ...
- مقتل 21 فلسطينيا على الأقل في غزة و3 آخرين برصاص الجيش الإسر ...
- محللون إسرائيليون: هذا ما يجعل جنودنا صيدا سهلا في غزة
- شائعات جديدة عن -آيفون 17-
- زهران ممداني أول مسلم يترشح لمنصب عمدة نيويورك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الاجتهاد في الإسلام والوعي بالتاريخ