أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أخلاقيات التضامن الإنساني














المزيد.....

أخلاقيات التضامن الإنساني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6197 - 2019 / 4 / 10 - 18:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حين ينظم المعهد الملكي للدراسات الدينية في عمان، حلقة نقاشية لعدد من الخبراء والمختصين بشأن «أخلاقيات التضامن الإنساني»، فهذا يعني أن ثمة حاجة ضرورية وملحّة لاستكمال مقوّمات الحياة الاجتماعية والثقافية في إطار المنتظم الوطني والدولي.
وإذا كان ثمة حيرة تستبطن سؤالاً فسيكون سؤال قلق وعدم طمأنينة انطلاقاً من واقع مأزوم، سواءً على الصعيد الداخلي أم على صعيد العلاقات الدولية، حيث يشهد العالم تحوّلات كبرى بعضها موضوعي وآخر ذاتي، وقسم منها إيجابي والآخر سلبي، ولاسيّما ما يتعلق بمحاولات فرض الهيمنة والاستتباع والاستحواذ على خيرات الشعوب وثرواتها، ناهيك عن التفاوت الاجتماعي بين المتخومين والمحرومين على صعيد بلداننا، وعلى الصعيد العالمي بين البلدان الغنية والفقيرة، أو بين بلدان الشمال والجنوب، الأمر الذي زاد العالم انقساماً، بل توحشاً في ظل العولمة. وبعد ذلك ماذا يحتاج التضامن الإنساني لكي يرسي على أخلاقيات تعلي من شأنه وترفع من قيمته، خصوصاً والعالم لا يعتمد على الأخلاق بقدر قيامه على المصالح؟
إن القيمة الحقيقية لأي فكرة أو هدف أو فلسفة، هي مقدار اقترابها من تحقيق سعادة الإنسان، الذي هو «مقياس كل شيء»، على حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس، فلا قيمة للنمو الاقتصادي والنفوذ السياسي والقوة العسكرية والاكتشافات العلمية والتطور التكنولوجي، ما لم يصبّ في خدمة الإنسان ويساهم في رفاهة البشر.
ويأتي ذلك من النزعة الإنسانية التي تدرك أن كل فرد هو إنسان ليس أكثر وليس أقل، وله حقوق وعليه واجبات، ومن تلك النقطة الإنسانية يمكن البحث عن المشتركات في تضامن البشر وتعاضدهم، سواء على مستوى الجيل الحالي بحفظ حق الحياة وكرامة الإنسان أم على مستوى مسؤوليتهم إزاء الأجيال القادمة بحماية السلام وإبعاد خطر الحروب وحماية البيئة وضمان مستقبل أكثر رفاهاً لسكان الأرض، خصوصاً بترشيد استخدام الموارد وتوسيع آفاق المعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي لمنفعة البشرية وتقدمها.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اتخذت قراراً برقم 55 في العام 2005 بشأن التضامن الدولي، وذلك انطلاقاً من مراعاة مؤتمرات القمة العالمية الكبرى التي عقدتها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، انطلاقاً من مفهوم التضامن الإنساني الذي يقوم على تلاقي المصالح والمقاصد والأهداف بين الأفراد والشعوب والأمم والبلدان، للحفاظ على التطور الإنساني وتحقيق الأهداف المشتركة بما يعزز القيم المشتركة أيضاً.
وتقوم فلسفة النزعة الإنسانية على ثلاثة أبعاد منظوراً إليها أخلاقياً، بحيث تستطيع مواكبة الحاجات المتزايدة في العالم المعاصر، وهذه الأبعاد كما وردت في تقرير أصدرته «الهيئة المستقلة الخاصة بالقضايا الإنسانية» وتحت عنوان «هل تكسب الإنسانية معركتها؟» كتب مقدمته الأمير الحسن بن طلال وصدر الدين آغاخان (مقررا اللجنة) 1987، وهذه الأبعاد هي: البعد الأفقي يشمل أوسع قدر من البلدان والشعوب والأفراد، والبعد العمودي يتناول توسيع الجوانب الأخلاقية للتضامن الإنساني، والبعد الزمني يختص في الأجيال القادمة.
وإذا كان قد مضى ثلاثة عقود ونيّف على إصدار تلك الدعوة ذات الشحنة الإنسانية العالية، فإن الدعوة اليوم لميثاق يضمن «أخلاقيات التضامن الإنساني» تصبح أكثر إلحاحاً وراهنية، ولا شك فهي تحتاج إلى توفر إرادة سياسية ضرورية على مستوى كل بلد أو على المستوى الدولي، وهذا يتطلب إصلاح أنظمة الحكم ومؤسساته وتأكيد حكم القانون الذي هو انعكاس لقيم المجتمع ودرجة تطوره، وقد يسهم القانون في تطوير هذه القيم، لكنه لا ينبغي أن يكون منفصلاً عن الواقع، وحسب مونتسكيو، فالقانون ينبغي أن يسري على الجميع وهو «مثل الموت لا ينبغي أن يستثني أحداً».
وبالنسبة لمجتمعاتنا حين نقول إن سؤال أخلاقيات التضامن الإنساني هو سؤال أزمة فلأنها أزمة هويّة، وكان شكيب أرسلان قد سأل: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم؟ وسؤال الأزمة يتطلب: الاعتراف بها وتحديد مظاهرها ثم سبل معالجتها، والأمر له علاقة بالمعنى والدلالة، فما معنى الأخلاق وكيف تتأكّد من التحقّق والامتلاء وماذا تعني حالة الفداحة والتبدّد التي نعيشها؟ والمعنى والدلالة له علاقة بالجمال والسلام واللّاعنف والتسامح والمساواة والعدالة، وتلك هي أخلاقيات التضامن الإنساني.
وكان روسو أكد عدم فصل السياسة عن الأخلاق، ولو توقفنا عند حالة اليابان فسنرى أنها لا تتبع ديناً موحّداً، حيث لا جنة ولا نار ولا آخرة ولا ثواب، لكن المجتمع يقوم على تربية الناس على أخلاقيات التضامن، تلك التي تتجسّد بحكم القانون والمساءلة والعدالة والسلام، وهذا ما تفتقده مجتمعاتنا.
نحن نحتاج إلى رياضة نفسية طويلة الأمد وإلى مراجعة ونقد ذاتي لتصحيح البيئة الأخلاقية وترميم الجوانب المتصدّعة فيها. ولا يقتضي مواجهة عدم الأخلاق باللّا أخلاق، بل على العكس، فرذيلتان لا تنجبان فضيلة، وعنفان لا يجلبان سلاماً، وجريمتان لا تنتجان عدالة، والقيم المشتركة هي التي تسمو وتحقق مواطنة سليمة ومتكافئة تقوم على الحرية والمساواة والعدالة والشراكة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء والتطرّف
- «إسرائيلية» الجولان
- من يقرأ الدين بطريقة خاطئة سيتوصل إلى حاضر ومستقبل خاطئ
- مأزق ال «بريكست»
- اليسار والسترات الصفراء
- الأكراد و«حوار العقلاء»
- أتحفظ على مصطلح -المكوّنات- فالدولة هي اتحاد مواطنين أحرار ل ...
- أمريكا اللاتينية.. من اليمين إلى اليسار والعكس
- جار الله عمر كبرياء التواضع
- انحسار الديمقراطية
- شعبان يحاضر في اتحاد الحقوقيين العراقيين
- كوبا «الثورة والدولة» في دستور جديد
- حين يكون القضاء «بخير»
- الإمارات و«دبابات» البابا
- كتاب سلام عادل - الدال والمدلول وما يمكث وما يزول
- الملف الكردي بين واشنطن وأنقرة
- طه صفوك الجبوري اسم في الذاكرة
- الإعلام والأمن السيبراني
- الثقافة والذاكرة
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ...


المزيد.....




- رئيسة المكسيك تكشف ما قالته لترامب عندما عرض إرسال قوات أمري ...
- لواء مصري يكشف بالتفاصيل حقيقة الأنباء عن إنشاء قاعدة عسكرية ...
- نتنياهو يطالب قطر -بالكف عن اللعب على الجانبين- في مفاوضات غ ...
- والد أحمد الشرع يهدد إسرائيل: سنقاتلكم بأظافرنا ونعرف متى نض ...
- مؤسسة -هند رجب- تكشف هوية الضابط الإسرائيلي المسؤول عن قتل ا ...
- السفارة الروسية لدى السويد تدين الحملة المعادية لموسكو في وس ...
- تحطم طائرة فوق منازل في سيمي فالي بولاية كاليفورنيا الأمريكي ...
- الخارجية السودانية تتهم -قوات الدعم السريع- بقتل 300 مدني غر ...
- الجزيرة ترصد أوضاع الأطفال داخل مستشفى الرنتيسي بغزة
- على وقع تظاهرات مستمرة.. هذه أبرز مطالب الأحزاب في بنغلاديش ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أخلاقيات التضامن الإنساني