أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - «الاسلاموفوبيا» و«الويستفوبيا»














المزيد.....

«الاسلاموفوبيا» و«الويستفوبيا»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ الأزمة المالية والاقتصادية التي عرفها العالم العام 2008، يشهد الغرب صعوداً لتيار شعبوي وارتفاعاً لموجة عنصرية شوفينية استعلائية ضد الأجانب، خصوصاً بتدفّق مئات الآلاف من اللاجئين في ظل هجرة لم يشهد لها العالم مثيلاً، إضافة إلى ما صاحب ذلك من حملة عالمية ضد ما سمّي ب «الإرهاب الدولي»، وترافقت هذه الوضعية مع نزعات لنفي التنوّع والتعدّدية الثقافية أو التضييق على الحقوق والحرّيات المدنية بزعم الدفاع عن «قيم الثقافة الغربية».
وهكذا تعززت ظاهرة ما سمّي ب «الزينوفوبيا» أي (الرهاب من الأجانب)، تلك التي دانها «المؤتمر الدولي ضد العنصرية» الذي انعقد في ديربن (جنوب إفريقيا) العام 2001، والذي اختتم أعماله عشيّة أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة ودانت فيه 3 آلاف منظمة حقوقية، ممارسات «إسرائيل» العنصرية، إلا أن محطة 11 سبتمبر سرقت الأضواء من هذه التظاهرة العالمية وحوّلت الأنظار من العنصرية إلى إسباغ الإسلام بالدموية والعنف، في إطار رد فعل شديد ضد الأجانب في الغرب وأصبح الموقف منه نقطة دائمة ومثيرة في البرامج الانتخابية، خصوصاً وأن الجدل احتدم بشأن طالبي اللجوء والمهاجرين بالتلازم مع انتعاش التيارات العنصرية والفاشية والاستعلائية الجديدة والقديمة.
وتقع ظاهرة «الإسلامفوبيا» (الرهاب من الإسلام) في صميم الزينوفوبيا، التي جرت محاولات لأبلسة شعوب برمتها وشيطنة أمم بكاملها، بزعم أن دينها يحضّ على العنف ويشجّع على الإرهاب، واستند أصحاب هذه الحملة إلى بعض أطروحات ماضوية، ناهيك عن ارتكابات للتنظيمات «الإسلاموية»، مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش» وأخواتهما، والتي كانت تأثيراتها السلبية أشد خطورة على الشعوب والبلدان العربية والإسلامية، قبل الغرب، وأكثر منه بكثير، حيث شهدت هذه البلدان ساحة عملياتها الإرهابية الأساسية، تحت رايات التكفير والتأثيم والتحريم والتجريم.
وإذا كان التيار الشعبوي المعادي للأجانب بشكل عام والعرب والمسلمين بشكل خاص قد اتخذ من الزينوفوبيا أو الإسلامفوبيا، شمّاعة يعلّق عليها مواقفه المتطرّفة ونظرته المتعصّبة إزاء مجتمعات وأمم وشعوب وأديان وملل ونحل كما يقال، فإن ما يقابله في مجتمعاتنا هو الويستفوبيا، أي «الرهاب من الغرب»، واعتبار كل ما هو غربي غريباً، وكل غريب أجنبياً وبالتالي كل أجنبي مريباً، بل ويندرج في خانة الخصم أو العدو، وغير ذلك من التصنيفات الجاهزة، التي تستعدي كل آخر مهما كان.
فالآخر «عدو» حسب وجهة النظر الإرهابية طالما يخالف توجهاتها وتفسيراتها للشريعة السمحاء، والأساس في هذا التفكير التكفيري هو التعصّب الذي يتحوّل إلى تطرّف إذا ما انتقل من التفكير إلى الممارسة، والتطرّف إذا أصبح سلوكاً ينتج عنفاً، والعنف بهذا المعنى يستهدف تصفية الخصم أو العدو أو إسكاته أو حجب حقه في التعبير، لأسباب دينية أو طائفية أو إثنية أو سلالية أو لغوية أو لاعتبارات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو غير ذلك، لأنه يستهدف الضحايا بذاتهم ولذاتهم، لكن العنف يصبح إرهاباً إذا ضرب عشوائياً، بهدف زعزعة ثقة المواطن بالدولة، وإضعاف ثقة المجتمع بها، مثلما يقود إلى إضعاف ثقة الدولة بنفسها.
ولا يفرق أصحاب التوجهات «الإسلاموية» المتعصّبة والمتطرّفة ونموذجها «القاعدة» و«داعش»، بين الغرب الثقافي والإنساني، وبين الغرب السياسي الاستعلائي، وإذا كان هذا الأخير يعبّر عن فلسفات ومصالح ونزعات استعمارية وعنصرية وسعي للهيمنة ونهب ثروات الشعوب ومحاولة استتباعها، فإن الغرب الثقافي والإنساني، أو أجزاء مهمّة منه على الأقل، وقف إلى جانب الكثير من قضايانا العادلة وفي المقدمة منها حقوق الشعب العربي الفلسطيني، وبعد ذلك فلا بدّ من نظرة أشمل وأوسع، لأن الغرب، بغضّ النظر عن توجّهاته العدوانية ومصالحه الأنانية، يمثّل مستودعاً كبيراً للثقافة والحداثة والعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى الجمال والعمران والفن والأدب، وأفادت منه البشرية كثيراً، وهو التتمة الحضارية لما أنجزته الإنسانية من تقدّم وتراكم عبر العصور المختلفة.
الإسلامفوبيا وعكسها الويستفوبيا يزعمان امتلاك الحقيقة أو النطق باسمها، مثلما يدّعيان حقهما في «احتكار العدالة»، تحت عناوين مختلفة، فهناك في الغرب من يتصرّف من موقع السيّد والمتنفّذ باعتباره القاضي الدولي المخوّل حتى دون محكمة أو محاكمة، وبالطبع دون تفويض وخلافاً لقواعد القانون الدولي المعاصر وميثاق الأمم المتحدة، وهناك من يرفض كل قانون أو حق أو حقيقة، إلّا وجهة نظره ويتصرّف خارج كل هذه السياقات، تحت زعم «قيم السماء» و«الشريعة» وغير ذلك، وكلاهما لا يقيم وزناً للقانون أو احتراماً للآخر أو اعترافاً بحقه في الاختلاف.
كل طرف يريد إلغاء الطرف الآخر، ف«وجه» التعصّب الغربي «قفاه» التعصّب الإسلاموي، بل إنهما وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يمارسان الانتقام والثأر والكيدية، وتلك ليست بقاعدة في العلاقات الدولية والقانون الدولي المعاصر، بل إن فرضها سيؤدي إلى سيادة منطق الغاب وهيمنة الفوضى واستشراء العنف وسيطرة الإرهاب، وذلك هو الزاد التعصّبي المتطرّف للإسلامفوبيا والويستفوبيا، ولثقافة الكراهية وادّعاء الأفضليات.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «تفاهة الشر»
- 67 دقيقة.. مانديلا!
- نوري عبد الرزاق- الذاكرة والزمن الجميل
- الفساد ضد الفساد
- «سلطانات الرمل»
- «عبء» الديمقراطية!
- حين يُضرب السفير البولندي في «تل أبيب»!
- إيران و«تخوم الحرب»!
- أوجاع العرب وكوابيس المستقبل
- «ما بعد» العدالة الانتقالية
- تشويه معنى التضامن الدولي
- مفهوم السلطة بين الأمّة والملّة
- نابولي تحتضن للمرّة الثانية اجتماع حقوقيي البحر المتوسط
- بلند الحيدري خفقة الإبداع وريادة ما قبل الحداثة
- تحديات العمل الإنساني
- «ألغاز إرهابية»
- «عدالة» لاهاي!
- العراق: تفاعلات القوة ومعادلات التوازن
- حوار الكرد والعرب.. «القوة الناعمة»
- حرّية المعتقد:ضوء على وضعية المسيحيين في المشرق العربي


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - «الاسلاموفوبيا» و«الويستفوبيا»