|
اليقين الكردي ... اليقين اليهودي أين يفترقان وأين يلتقيان
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 1561 - 2006 / 5 / 25 - 11:57
المحور:
القضية الكردية
ليس العراق صنما جميلا نتعبد له دهرا ، ثم نأكله حين نجوع ، كما كان يفعل أسلافنا ، وكما يفعل اليوم سفهاءنا ... ! ليس للعراق قداسة أكثر من قداسة أن يكون مرضيا عنه من قبل كل أعراقه ، متفق عليه من قبل كل أعراقه ...! منسجمةٌ متحابةٌ فيه كل أعراقه . هذه قناعة أولوية لدي ، ومنها تتشكل جملة من القناعات .... أبرزها حق الكرد ، كأمة عريضة كبيرة في تقرير المصير بالإنفصال عن العراق ، أو بالحفاظ على الشكل الدستوري الذي أقر ، أعني الفيدرالية . ليس لأحد غير شعب كردستان الإفتاء في حق تقرير مصير الكرد ، لا حق لعربي عراقي أو خارج العراق أن يتدخل بهذا الحق بأي شكل من الأشكال ولو وجد الكرد بإجماعهم وعبر الإستفتاء الديموقراطي أن ينفصلوا ، فإجماعهم وحده هو من يتوجب أن ينفذ على الجميع . لكن ... هل إن هناك يقين كردي بالدولة المستقلة ؟ هل إمتلك الكرد يقينهم ، كما امتلك اليهود يقينهم لأكثر من الفي عام ؟ للأسف الشديد لا ، لم يمتلك الكرد يقينهم ... ! حتى البارحة ، حتى اللحظة ... حتى بعد زعيق ونعيق ونهيق مقتدى والضاري وووو ، لم يمتلك الكرد يقينهم الراسخ الأكيد بحق الدولة ، الدولة الكردية الحرة المستقلة ، وهذا ما يؤسف له بقوة . عبر عشرات السنين من النضال العنيد الشاق ، كان الحلم دون الدولة ، ولأنه كذلك كان حلم الدولة يبتعد اكثر واكثر . اليهود حملوا اورشليم في قلوبهم ، في كروموسوماتهم ( مورثاتهم الجينية ) ، توارثوا الحلم جيلا إثر جيل ، وحين أزفت اللحظة المناسبة بسقوط الكابوس العثماني وتحرر الشرق ، بدأت بداية ميلاد إسرائيل ، وحين أُعلنت ، لم تلد عرجاء ، لم يتقاتل اليهود بينهم ، لم يضطربوا ، لم يسرقوا خزينة دولتهم الفتية ، ثم ... لم ينهزموا في أكثر من اربع حروب ، وفي قتال شرس متواصل على أربع جبهات .... ! تقول لي كان الغرب معهم ، حسنا ويمكن أن يكون الغرب مع الكرد إذا كان الكرد منسجمون مع انفسهم وحاملون لرسالة حضارية واعدة . اليهود جاءوا من اوربا ، تماما كما جاء الأمريكان الأوائل من اوربا ، ولهذا أحب الأمريكان إسرائيل ودعموها ولا زالوا يفعلون ، وأحب الأوربيون إسرائيل ودعموها ولا زالوا يفعلون . وإسرائيل جاءت للغرب عامة بألف وعد حضاري ... ديموقراطية ... جبهة قتالية متقدمة ضد التخلف الإسلامي والعربي ، جبهة مشرقية متقدمة ضد الشيوعية سابقا ، قاعدة مستقرة للديموقراطية الغربية والعولمة ، حضور قريب من منابع البترول ووووو الخ . طيب ألا يملك الكرد مثل هذا ؟ بل يملكون وأكثر . بل والكرد أقرب عرقيا للأوربيين من أي قوم آخرين لأنهم هندو اوربيين اصلا . وإذن فالدرب سالكة لدولة الكرد ، اليوم أو غدا أو بعد مائة عام ، لكن يبقى هم نسج الحلم وتحويله إلى يقين . هل يملك الكرد ذلك ؟ لا أشك أنهم أخذوا في العراق فيدرالية ، وربما يأخذون مثلها في إيران أو تركيا بعد عام أو عشرة ، إنما عملية تحول الحلم إلى يقين ، وتحول اليقين إلى حقيقة .... هذا هو الأساس الصلب للإنتصار . وهذا هو ما يجب أن يرعى الكرد بذرته اليوم قبل الغد . كيف ... بأن يعيشوا الحلم وكأنه قائم الآن ، ويتصرفوا بلغة ما هو قائم لا لغة ما سيقوم .
-2-
من أجمل ما يمكن أن نتعلمه من العبقري العربي محمد ، هو خصوبة خياله وقدرته على تصور المستقبل وكأنه قائم الآن . هذا الجانب لم يلتفت له الكثيرون وللأسف والتفتوا فقط إلى الجانب الغيبي في دعوته فأخذوا هذا الجانب بعناد وكأنه حقيقة لا مراء فيها ولا شك . في قناعتي أن محمد هو اجمل واعظم وأخطر مفكر في تاريخ العرب والمسلمين عامة ، من حيث حيوية ونشاط خياله وقدرته الرهيبة على تأكيد ذاته وإقناع الآخرين بآرائه . دعك عن ترهات الدين وأوهامه ، وخذ خياله الرهيب الجميل للغاية ، وقوة إيمانه بهذا الذي هو مقتنع به . لقد آمن بتوحيد العرب ، وفعل ، وآمن بسقوط عرش كسرى ، وحصل ، وآمن بغزو الروم والإنتصار عليهم ، وفعل ... وتحول إيمانه إلى إمبراطورية عظيمة . آمن بقريش ، وهم أقل العرب شأنا وخلق منهم دولة حكمت الشرق لأكثر من ستمائة عام ، ولا زالت تتنازع حتى يوم الله هذا ميراثه وتقاتل من أجل قناعاته وتحكم الناس بإسمه . آمن بأن جبريل أخرج قلبه وهو طفل وغسله من الخطأ ومنحه العصمة ، وتصرف على هذا الأساس ، بشعور من لا يخطيء . آمن بأن لديه قوة اربعين رجلا ، وفعلا كان يتصرف مع نساءه التسع ، في كل يوم وليلة ، بقوة اربعين رجل . وكذلك فعل غاندي الجميل ، ومارتن لوثر كنغ وغيرهم كثيرون ، وإن بصيغ مختلفة وعبر أخلاقيات مغايرة لأخلاقيات رسول العرب ومبتدع الإسلام ، محمد القرشي . تحويل الحلم إلى يقين ، وممارسته على أنه يقين قائم ، ثم حين تزف اللحظة ، يكون التطبيق محكما لا يتخلله الباطل من بين يديه ولا من خلفه . أيها الكرد ، لقنوا اطفالكم واطفال مواطنيكم الآخرين روح الديموقراطية الكردستانية التي تستوعب كل الأعراق في كردستان الجميلة . زجوا بكوادر البيشمركة والموظفين في دورات تأهيلية على بناء الدولة الحلم . أبنوا الدولة الآن في العقول والمدارس والمعاهد والمعامل ، تصرفوا بعقلية مواطن الدولة الديموقراطية الكردستانية المستقلة . لا تتركوا شيئا للمستقبل ، أفعلوا كل شيء الآن في الأذهان والعقول قبل أن تنضج الثمرة وتسقط يانعة في الفم . فكروا كقيادات وقواعد ومواطني دولة إسمها كردستان . خصبوا الخيال الكردستاني بمفهوم الدولة القائمة الآن في الضمائر ... ! الحياة تعطي ثمارها لمن يريد وبالقدر الذي يريد ، فلا تريدوا أقل من الدولة ، لأن ما هو أقل منها لن يكون ذو نفع لكم على المدى البعيد ، خصوصا وأن أعدائكم لا يجيزون لكم أقل من الحرية التامة أو العبودية المستديمة . وتذكروا تجربة إسرائيل ، تذكروها في كل منعطف من منعطفات الحلم أو اليقين الكردستاني . ____________________________________________________________________________ أوسلو في ال23 من مايس 2006
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصان طروادة الأمريكي
-
عن المسواك والفطائس الإسلامية العفنة
-
إلى الشيوعيين في عيدهم – شعر
-
الطاقة الروحية – العلاج الأنجع لمجمل المتاعب المادية الحياتي
...
-
إلى فضولية حمقاء
-
الطاقة الروحية – العلاج الأنجع لمجمل المتاعب المادية الحياتي
...
-
بابا محمد الذي هبط عبر المدخنة
-
القائمة العراقية ...البديل الوطني العراقي الوحيد
-
الترياق في الحبو عند حوافر البراق
-
هل سننتج دكتاتور آخر في يده مسبحة وعلى الرأس عمامة ؟
-
تلك القبور التي لا زالت تحكمنا
-
عودا حميدا يا أحمد الجلبي
-
من وحي رسالة صديقي المتفائل
-
إلى فينوس فائق .. مرحى.. ولكن لا تتعجلي
-
لنكف عن مصمصة أصابع الأجداد الراحلون
-
أحتفالية عرس الشهداء – شعر ونثر ورجاء
-
حزمة إستراتيجية مخابراتية أمريكية واحدة
-
هل كانت أمريكا غبية كما يتوهمون ؟
-
اللجاجة في تفاصيل الديباجة
-
الفاشوش في دستور قراقوش
المزيد.....
-
رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: قرار الجمعية العام
...
-
خبير مصري يعلق على تصويت الأمم المتحدة لصالح فلسطين
-
بالفيديو.. سفير إسرائيل يمزق نسخة من ميثاق الأمم المتحدة خلا
...
-
أبرز الدول التي امتنعت عن التصويت على ضم فلسطين بعضوية كاملة
...
-
ماذا بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم العضوية الك
...
-
بالفيديو..ممثل الاحتلال لدى الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأمم
...
-
الأونروا تغلق مجمع مكاتبها في القدس المحتلة بعد اعتداءات الم
...
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت بغالبية كبرى تأييدا لطلب ع
...
-
الجمعية العامة تتخذ قرارا بأحقية فلسطين بالعضوية الكاملة في
...
-
غضب عارم في إسرائيل على قرار الجمعية العامة رفع مكانة فلسطين
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|