أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل السعدون - من وحي رسالة صديقي المتفائل















المزيد.....

من وحي رسالة صديقي المتفائل


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 1365 - 2005 / 11 / 1 - 08:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-
عن النووي رحمه الله في شرحه لمسلم قال في التطير أنه التشاؤم أما أصله فهو الشيء المكروه من قول أو فعل ، وكان العرب قبل الإسلام … ينفرون ـ أي يهيجون ـ الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطيرة " وفى حديث آخر "الطيرة شرك" أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد .

-2-

ما عاد في العراق ظباءٌ نهيجها نحن حملة الأقلام الإلكترونية ، ولا عاد في العراق طيرٌ يمكن أن يجتمع لنُنفره ، وليس من قوافل نسيرها في تجارة ، بل وحتى قوافل الحصص التموينية البائسة لا تأمن من قراصنة البعث .
لكن ... مقابل هذا ..هناك قوافل عظيمة أفلتت من طيرة المتطيرين وخرجت لتحرير العراق من القتلة والظلاميين .
ليس قوافل اللطم حسب من تحرر من قبضة الغراب الصدامي ، بل وقوافل أهل البناء والإعمار والباحثون عن الرزق والعلم والوظيفة .
هناك قوافل البحث عن صندوق التصويت .,. هناك قوافل البحث عن مكاتب السفر لغرض الذهاب إلى العمرة أو الحج .. هناك قوافل التجار والطلاب التي تذهب ( أو تبعثها الدولة إلى الخارج ) لزيادة الخبرة المهنية والعملية .
وهناك قوافل الباحثين عن القتلة لتصفيتهم وتنقية العراق من شرورهم .. !
فأين نحن الكتاب من كل هذا ؟
يقول صاحبي العراقي الجميل المغترب المشرد في إتصال إلكتروني معي : يا أخي أكتبوا عن الأشياء الجميلة التي تحصل ، هل إن كل ما في العراق موتٌ ودمارٌ وحرائق ومآسي ؟
وأجدني أشعر بالإنكسار والخجل ، فما يقوله الرجل صحيح كل الصحة ، ولكننا نبحث عن السلب فقط وللأسف .. !
بلى يا صاحبي .. بلى أيها العراقي العاشق لنخل بلده وأهواره وأنفاس الأنبياء والأولياء التي لما تزل تفيض من جنبات هذا العراق العتيق الجميل حد الدهشة .
بلى يا سيدي .. صدقت والله فليس هو فقط تلك الرصاصات الطائشة أو تلك النزوات اللصوصية الطائشة أو تلك الإزدواجية في الولاء وتلك النعرات الغريبة الناشزة المعبرة عن ردود أفعال لتاريخ من القمع والشطب والإقصاء .
ليس العراق كذلك وليس كل ما يحصل سلبي ، بل إن الإيجاب الذي حصل أبهر العالم كله :
إنتخابات ودستور وفيدرالية وعمران وعشرات الأحزاب ومئات الصحف الحرة وأرقام أنيقة مشرقة لحركة بناء وعمران وإمدادات طاقة وخطوط هاتف وبيوت لم يدخلها النور أو الماء النقي منذ قرن ، صارت تشرب زلالا وتنعم بالكهرباء .
في بيتنا ... في بيتنا العتيق في البصرة ... أربع بنات يعملن ويكسبن ما يقارب الألف دولار في الشهر ، في حين كن يعانين من البطالة قبل التحرير وكان تقاعد أمي هو كل ما يعيل البيت وكان هذا التقاعد لا يتجاوز الدولارين شهريا .
في بيتنا العتيق هاتف كنا نراه في الافلام المصرية حسب .
بعد التحرير صار لدى الأسرة ثلاث هواتف نقالة وهاتف ثابت .
وفي العراق كل العراق حركة دراماتيكية رائعة كبيرة ، صراع سياسي إيجابي فكري محتدم لم يبلغ ولن يبلغ حد الإقتتال الأهلي السفيه ..!
أليس هذا وحده دليل العافية .. أن نتصارع سياسيا دون أن يسفه أحدنا الآخر أو يترصده خلف ركن شارع ليقتله .
تهاتفني أختي بإنفعال نزق لذيذ قائلة بضحكة مجلجلة :
كل يوم نخرج للتظاهر ، من أجل الراتب وتقليل ساعات العمل ومن أجل العطلة و...و... الخ ، وأجيبها بنزق مقابل مشبع بالأمل والحسرة على صوتي الذي لم يخرج في تظاهرة حرة طيلة خمسون عاما : نعم يا حبيبتي .. تظاهروا من أجل كل شيء ومن أجل اللاشيء ، إياكِ أن تفوتكِ مناسبة من مناسبات التظاهر دون أن تحضريها ، إطلقي صوتكِ بقوة .. تفجري .. تمردي .. إخرجي كل حشرجات العمر الراقدة كالدمامل السوداء فوق القلب وفي تلافيف الدماغ .. أطلقي كل الأسئلة ، فالعراق بخير والديموقراطية بخير ولا ينبغي أن يحجب صوتك بعد الآن أو يرسب في جوف القلب .
هناك خير عظيم أيها الأحبة .. خير عظيم يحصل في العراق ، لا مثيل له في العالم الثالث كله ولا أقول الشرق فقط .
حريٌ بنا أن نغذي شجرة الحرية بمزيد من التفاؤل ، لنختر كلماتنا بعناية أكبر ، لننتقي الأجمل منها ، لنكثف الأضواء والألوان على الحدث الجميل مهما كان صغيرا ، أما مقتل جندي أمريكي أو سقوط قذيفة هاون بعثية في مدرسة ، أو حشرجات أهل الردة والمتخلفين ، فما تلك إلا بعض إرهاصات الإعصار المبارك الذي حصل في التاسع من نيسان الخالد .

-3-

توصل العلماء الأمريكان في بحث حديث لهم إلى أن الأشخاص المنشرحي البال ، المتفائلين في نظرتهم للحياة والمتقبلين لمسألة التقدم في السن ، يعيشون فترات أطول من اولئك المتشائمين الناكرين لتقدم السن والناظرين للحياة من خلال منظار أسود معتم .
ونظرة عامة على مستوى التقدم في العمر في الغرب يؤكد هذا ففي بلدان عديدة صار معدل العمر يقارب الثمانين ، ليس لتوفر الماديات والرياضة والرعاية والغذاء الحسن فقط ، بل وللشعور بالأمان وروح التفاؤل وهدوء الاعصاب وإنخفاض حجم التوترات النفسية .
في حين ينخفض معدل العمر في أفريقيا والشرق الأوسط إلى الخمسين أو ما هو دونه .
الأسباب عديدة ، بينها كما أظن نمط الثقافة التي نملكها ويفتقدها الآخرون .
نحن المسلمون بالذات ، مرتبطون إلى عجلة الموت مثل الثيران المربوطة إلى النير أو الناعور .
نحن ظلاميين في الداخل ، رافضون ليس للتقدم في العمر حسب ، بل وللعمر كله والحياة كلها ، إلا أن تكون على شروطنا وتلك هي مصيبتنا ومأساتنا .
نحن لا نستطيع أن نتقبل الآخر وما لدى الآخر من خصوصية وشخصية وثقافة وفكر .
أما نحن أو هو ، وحيث أنه يقاوم كما نقاوم نحن ، من أجل أن يبقى ويعيش ، فإننا نظل في صراع مع هذا الآخر حتى ينهينا أو ينتهي ... !
ولن ينتهي هو ، لأنه مع الحياة ، ولكن يمكن أن ننتهي نحن لأننا عشاق آخرة ودعاة موت .. !

-4-

في نص جميل حكيم قرأته ذات مرة ولا أعرف بالضبط مصدره ولكنه كما أظن مصدرا إسلاميا يقول :
إن الله أوحى إلى داوود : (تريد وأريد، وإنما يكون ما أريد، فإن سلمت لما أريد، كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد).
يا للجمال المبهر ... تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد .. لا يكون إلا ما تريده في النهاية تلك القوة الخلاقة العظيمة السامية الجليلة الحبيبة .
أبانا الذي في السماء ... !
تلك القوة الرحيمة العظيمة الرحبة التي يسميها أهل الإسلام ( الله ) ويخنقونها في قفص ضيق بائس متوهمين أنهم نجحوا في إصطيادها ، بينما هي أسمى وأعظم وأكبر من أن يحتويها إطار أو دين ... !
ولن أقول المزيد فقد قال الرب قولته الأصدق والأجمل والأنبل .



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى فينوس فائق .. مرحى.. ولكن لا تتعجلي
- لنكف عن مصمصة أصابع الأجداد الراحلون
- أحتفالية عرس الشهداء – شعر ونثر ورجاء
- حزمة إستراتيجية مخابراتية أمريكية واحدة
- هل كانت أمريكا غبية كما يتوهمون ؟
- اللجاجة في تفاصيل الديباجة
- الفاشوش في دستور قراقوش
- ليس هؤلاء بصالحين للسباق يا جلبي يا رائع
- لماذا الإصرار على عروبة العراق ؟
- إنتظروا علاوي العائد في القريب
- أهلنا عرب الجنوب …أدفنوا ماضيكم وأنهضوا
- الخطاب الصحفي الكردي القاسي على عرب العراق
- !..أضاعوه وأي عِراق أضاعوا
- عن الإسلام والعلمانية – رد متواضع على مقالة الأستاذ صائب خلي ...
- المرأة والحيوان مفسدات وضوء السيد الرجل
- عن المرأة والدستور في هذا العراق المقهور
- عن المرأة والدستور والإسلام وما به من جورٍ وفجورْ
- عن المرأة والأنفال ودستور أهل الإسلام
- الإسلام مصدر التشريع – خزعبلة دستورية -1
- - ملاحظات على الدستور العراقي المقترح - ج3


المزيد.....




- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل السعدون - من وحي رسالة صديقي المتفائل