أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - الشبابيك تستدرج المطر














المزيد.....

الشبابيك تستدرج المطر


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 6397 - 2019 / 11 / 2 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


نص
——

كُلُّ مكانٍ لا يُؤنث ، لا يُعَوّلُ عليه ( ابن عربي )

دائماً ما تكرر أمي مقولتها الأثيرة ( رحت لبيت الله ومثل بيتي ما لگيت ) ، ما الذي يجعل إمتلاك الانسان لبيت حلماًيتموسق مع حلم الحياة الوردية السعيدة ، لا احد يستطيع ان يتحسس هذه المتعة ( امتلاك بيت ) الا من داست أقدام السنين هيبته وتعثر بأكثر من سؤال وطأطأ الرأس انهزاماً من المجهول وله 4/1دست من الأطفال يدخلون أبواباً هي غير أبوابهم .
أنا مع رأي فيلسوف جماليات المكان ( باشلار ) حين قال ( علينا ان نطيع القوانين البسيطة للرؤية وأن نكون موضوعيين ونتوقف عن التخيل ) تكرار التخيل يقضي على إيقاع الحياة ويساهم في نمو أسئلة غير مشاكسة تعيق التحرك الى الامام .
هذا فخ زُين بجماليات قوس قزح ليجعلوا ذاكرتنا تطفو على سرير التغرب . البيت ليس اجرا مصفوفاًفوق بعضه ، تصالبه وتقوي اواصر علاقته ، الأسمنت القاسي الأخلاق ، فاقد الحيوية ليكون سداً مانعاًللغرباء، تتخلله شبابيك محروسة بسياج حديقة . الشبابيك تتحدث وتطلق النكات والتحايا والصراخ والقُبل المؤمنة منها والماجنة ، فهي مَحج الضوء والهواء ، من خلالها تتسلل أصوات تنبؤك بأنك ليس الوحيد في هذا العالم وإن الاخر سوف لا يتركك وحيداً هنا أيضاً .

كما يتسلل الهواء والضوء من الشبابيك فأن همسات العشاق وتهويماتهم وحركة الاكف بالتحية السرية للمحب تتسلل مع أحلام ممزوجة بالقُبل الوهمية .
يزعل الشباك وينكفيء فيما لو أُسدلت ستائره فتحجبه عن العالم ، حينها يغمض عينيه وتهدأ انفاسه ويلوذ بالصمت ، الشبابيك تستدرج الطيور والعصافير وأغصان اللبلاب ، وعلى ظهر زجاجه تستريح قطرات المطر وحبات البرد وقُبل العشاق . اما الأبواب فهي لسان البيت تؤرخ لكل شخص دخل من خلالها او خرج ، ولكل الأشياء التي تحمل في مضمونها فايروسات السعادة او بذور الخراب .
كل وجه من وجوه الباب يقول أنا الاول يوثق دقائق اليوم ، او يحرث في حقول الفصول ومنها يتداخل الليل بالنهار ، الضوء بالظلمة ، الضحكة باصوات العزاء ، الفرحة بالحزن .
البيت وعاء لاحتواء الأحداث والشخصيات بمعنى اخر هو قارب يعمل على اليابسة لينجينا من غريق محتمل . البيت هوية تميزت عن الاخر منها ومنها يكتنز ثقافة تفرده اجتماعياًفصاحب البيت يتماهى مع محتوياته ويتجانس معها وتصبح هي الاخرى جزءاً من كينونته .
الباب سرد ...
الشباك ثيمة ...
السقف خازن الأسرار ...
الحديقة تحتسي فنجان قهوتها ولا تتجاهل نداء زهورها ...
اما السياج فهو غيمة مسالمة نزلت لتلعب مع القطط ...
اذا الباب دكتاتور ، والشباك حرية ، والسياج هراوة .
في كل الحروب الشبابيك هي التي تقاتل ، منظروا الحروب في جزئهم (الإنساني )من شدة ( خوفهم على شعوبهم ) ! يقتلعون الشبابيك من جذورها ويرمونها مع سكراب الحروب وخردته ، تُغلق النوافذ بالطابوق القاسي خوف الشظايا الشيطانية وثقل بأساطيل الاخر واصوات بوق النحاس الماجن .
الأبواب تبقى تمارس وظيفة روتينية في استقبال وتوديع الكائنات ومنها الانسان تحتفظ بسحناتهم وأشكالهم تدخرهما ليومٍ يأتيها الخراب فتلوذ بأحدهم .
تبقى السقوف مجرد سماء كثيفة مرفوعة بعمد نلونها حيث نكون عراة او نتركها عارية يوم نتدثر بالحب ، تحمينا من المطر والرصاص وتلصص بنات نعش ودرب التبانة .
الاسيجةتحمل وجه داخلي يمثل مرآة العائلة ووجهها المطل على الحديقة والبيت ، محتفظاً بالأسرار والخرائط والخزائن والمشاكسات وصراخ الزوجين مانحاً حرية التنقل والنوم الهانيء والجماع الأنسي ، اما الوجه المطل على الفضاء الخارجي ، يشكو من اثقال التلوثات وازدهاراتها كالكتابات الماجنة وآثار النجاسة وبصمات الشحاذين ، والريح الخبيثة واستمناءات المهووسين.
رغم المساحات الشاسعة امام السياج الا انه معوقاً وكابتا للحريات المشروطة وغير المشروطة في مواجهة العالم رغم التناقض بين وجهي الجدار الا ان بول ايلوار يقول ( بين المدينة والإنسان لم يكن يوجد سمك جدار ) فبقدر ما بين بيوت المدينة من جدران الا ان العلاقة مع الانسان تغدو نظاماً هلامياً متوحداً بين المدينة والإنسان .
نعود الى قول والدتي فيجيبها أنطوان سانت اكزوبري هامسا لها ( اعجب ما في منزل في ان يؤويك ، او في أنك تمتلك منه الجدران . ولكن في هذا الذي يضعه فينا ، هونا ما ، من مؤن العذوبة ).
————————————————————————



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عواء الذئاب
- الجينات الثقافية
- تجاعيدالماء ومسارات النص المفتوح
- روشيرو
- غيمة بلا مزاج
- كيف تصبح أديباً فاشلاً
- أحياناً ... مرتبك انا
- صباح الخير علاوي الحلة ...السيناريو المحايد
- انتخابات الادباء والتحديات الجديدة
- بيت السياب
- فصل من مدينة مناضلة
- سيرة عصفور
- شجرة عيد الميلاد
- غيمة شجرة الميلاد
- رقصة
- كرنفال طريق الشعب
- أصدقاء
- جثة في منفى
- كامل شياع ... النبيل الكثير
- سوناتا الريح


المزيد.....




- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - الشبابيك تستدرج المطر