أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد طنطاوي - -سيرة أبو شمام-














المزيد.....

-سيرة أبو شمام-


سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)


الحوار المتمدن-العدد: 6396 - 2019 / 11 / 1 - 21:38
المحور: الادب والفن
    


جاء في سيرة "أبو شمام"، أن رجلًا ضاقت عليه الدنيا، فأخذ مركبًا في البحر، وسار هائمًا على وجهه، وكان معه ثلاثة رجال، الأول عرف نفسه بأنه سمّاع، يسمع الهمس، والثاني شواف، يرى جناح البعوضة في غرفة ظلماء، والثالث سبابًا للدين، وبينما همّ في الطريق كان كل شيء روتينيًا، فطلب صاحب الرحلة من السماع والشواف أن يقولا شيئًا، فقال الشواف: "أرى على بُعد 50 ألف ميل ابنة ملك كبير تحِيّك فستانها يدويًا، فقاطعه السماع قائلًا: صدقت، لقد سقطت إبرة الحياكة من يدها وسمعت رنتها، فاستشاط صاحب الرحلة غضبًا، ولم يعجبه الأمر فطلب من سباب الدين، أن يطلق صرخاته السبابية لعل المركب تغرق، ويرتاح الجميع.
ذُكر ذلك في إحدى مخطوطات سيرة "أبو شمام"، التي أطلع عليها أحد الحكام، فأعجبته وظيفة سباب الدين، وقرر استحداثها ليستخدمها ضد معارضيه، وكان موفقًا في ذلك، إذ اختار رجلًا يجمع كل التناقضات في بوتقة واحدة، يبكي ويضحك، يقول إنه ملحد ويحافظ على الصلوات الخمس، يحُث الناس على الفضيلة، لكنه غارق مع أبنائه في شد الفواحش، يشيد بالناس ثم ينقلب عليهم، يقول إنه شارك اليساريين نضالهم، ثم يذكرهم بانتصاراته عليهم مع الليبراليين، يرتمى في أحضان الفاشية الدينية، ثم يتفاخر بانتصاراته التنويرية عليهم، ويدعي أنه يشرب النار ماءً، ولا يرويه إلا الفحم المشتعل، حتى احتار الناس في أمره، وتساءلوا من يحمي سباب الدين؟.
البعض كان سؤاله استفهاميًا، والبعض الآخر استنكاريًا، أما من قرأ سيرة "أبو شمام" جيدًا، فعرف السر والمغزى.
كان سباب الدين مطيعًا طاعة الكلب، ينبح أينما وكيفما وُجه، لم يكن هناك حصانة لأحد إلا هو، فظهرت لديه رغبات جامحة في اللعن الجماعي العلني، فأخذ يخرج للناس ويناديهم، ويصرخ: "أيها الناس، سأسبكم وأسب آبائكم وأمهاتكم، وسيصرخ أبنائكم لأرحمكم ولن أُبالي، ومن سيعترض من أبنائكم سأزج به في السجن.
هرب الناس من حيث تجمعوا، وذهبوا إلى الحاكم يشكونه كرامتهم، ناسين أنه هو الذي قرأ السيرة وصنعه، فقال لهم: "من هو؟، ووعد بأن يسأل مستشاريه عن هذا الشخص، لأنه لا يعرفه، وصرخ فيهم: لا أحد فوق القانون، ولو عرفته سأقطع رأسه، فذهب الناس مسرورين، وظنوا أنه يمكن لـ"الحداية" أن تأكل أبنائها، ونسوا أو ربما تناسوا -من مشاغلهم- ما تعرضوا له من إهانات سابقة انتهت بالتناسي.
مرة أخرى، عاد سباب الدين، ليدعو الناس منفردين، كل أصحاب مهنة بمفردهم، النجارين والحدادين والحطابين ورعاة الغنم والطبالين، والجنود، ويسبهم أيضًا، وادعي عليهم فضلًا لم يقدمه لهم، وأخبرهم أنه سيّد كل المهن التي امتهنوها، وأن شيوخ المهن التي سبها، كانوا يقتاتون منه، وأنه تفضل عليهم ببصقاته، فذهب الناس مرة أخرى يشكونه لحاكم المدينة، فقال لهم إنه سيعاقب مستشاريه لأنهم لم يعرفوا منّ الذي يسب الناس، وسيعرفه، ولم يحدث شيئًا.
احتار الناس في أمره، لأنه كان وصل لدرجةٍ جعلت الجميع يظن أنه لن يوقفه إلا إله الخير القادر على إراحتهم منه، لكن جاء المدد من إله الخير بطريقة مختلفة، إذ هدى الشيطان سباب الدين، ليسب الفلاسفة، فلعنهم ظنًا منه أنهم سيحتارون فيه، ثم تحداهم بأن قال لهم إنه زامل أرسطو، وعدل نظريات أفلاطون، ولولاه ما عرفوا شيئًا عن الفلسفة ولا المنطق، وأنه قادر على كسر أرجلهم لو فكروا في الشكوى.
استشاط الفلاسفة غضبًا، غيرةً على أنفسهم وفلسفتهم، فدقوا طبول الحرب، فقال "سباب الدين" إنه قادر على منعهم من كتابة النظريات، إن لم تكن مدحًا لسبابه وتطاولاته، وما ساعده أنه مع كل فئة يشتمها، كان ينضم إليه بعض أفرادها يسبحون بحمد بذاءات لسانه، اتقاءً لشره، وتحقيقًا لمنفعة الفتات الساقط منه.
توحد الفلاسفة، خلف رجلٍ "كامل" كـ"البدر"، "حفيظ" للأدب، وبحثوا في هذه الحالة، حتى وقع في أيديهم ملخص سيرة "أبو شمام"، فجمعوا قرطاسًا وقلمًا، وكتبوا رسالةً له، نصها: "نحن أرباب القلم والفلسفة، إن أيدنا أقمنا الصلاة، وإن عارضنا نقضنا الوضوء، وإن لم يفلح معك هذا ولا ذاك وتماديت، سنغلق غطاء قلمنا على سنه، وسنفعل به ما فعله فيك الصول زكريا".
ما إن قرأ المخطوطة، حتى ذهب إلى سيده مبتل البنطال، فقال له: "أنت غبي، وأنا لازم أحدد إقامتك، فاختفى وتوارى".
عَلِم الفلاسفة أن فيلسوفًا منهم هو الذي أخبر "سباب الدين وسيده" بضرورة الهروب، فعقدوا العزم على أن يستمر في الخفاء، وإن عاد فإراقة الحبر هنا واجبة، وللفلاسفة –فيما بينهم- حساب مؤجل.



#سيد_طنطاوي (هاشتاغ)       Sayed_Tantawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الممر- ضاق علينا.. نظرة ومدد يا وطن
- إلى الدكتور خالد منتصر: -إنما للهبد حدود-
- مروة قناوي ..-يتيمة الابن-
- -نبيهاليا- ..رايحين على أرض النخيل
- -ياسر رزق ..اغسلها وتوكل-
- ..ويظل المذيع يكذب حتى يُكتب عند الناس -قرموطًا-
- -السيسي والطيب- ..ومعركة -أنت عارف وأنا عارف-
- القول المفيد في جرائم -تركي والخطيب- ..الأزمة في السياسة
- ..وهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟
- معتقلو الفسحة ..عيطي يا بهية على القوانين
- إلى الموهوب إبراهيم عيسى: -حمرا -
- في حب النيل وشيرين
- -عبدالناصر- .. كبيرهم الذي علمهم النصب


المزيد.....




- توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد ...
- قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل ...
- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...
- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد طنطاوي - -سيرة أبو شمام-