أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الثورة عنوان هذا الزمن… وستبقى














المزيد.....

الثورة عنوان هذا الزمن… وستبقى


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6388 - 2019 / 10 / 23 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من قلب تونس في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010، انطلقت سيرورة ثورية طويلة الأمد عمّت المنطقة العربية بأسرها خلال ما سمّي بالربيع العربي، بالغة مستوى الانتفاضة العارمة في ستة من بلدان المنطقة. وقد أصيبت تلك السيرورة بدءًا من عام 2013 بانتكاسة شاملة رافقها سقوط ثلاث من ساحاتها الرئيسية في أتون حرب أهلية مدمّرة، اعتقد الكثيرون أنها أجهزت على السيرورة بأكملها. فظنّوا أن الشتاء القارس الذي أعقب ربيع الشعوب العربية أثبت أن تلك الشعوب محكومة بأن تقبع إلى الأبد في الزنزانات العملاقة وأسواق الاستغلال الفاحش التي يُطلق عليها اسم «الدولة» في منطقتنا.
بيد أن التاريخ سوف يسجّل أن السيرورة الثورية الإقليمية شهدت في عامها الثامن انطلاق موجة ثورية جديدة، بدأت في السودان في 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، وانتقلت إلى الجزائر ومنها إلى العراق ومن ثم لبنان، بينما يُنذر احمرار جمر النضالات الاجتماعية والهبّات الاحتجاجية المتعاقبة في المغرب وتونس ومصر والأردن، يُنذر بانتفاضات قادمة في هذه البلدان، ناهيكم من سوريا وليبيا واليمن حيث فاقمت الحرب الأهلية الشروط الاجتماعية بما سوف يؤدّي لا مُحال، عاجلاً أم آجلاً، إلى انتفاضات جديدة.
وفي هذا السياق، فإن العبرة من انتفاضتي العراق ولبنان المندلعتين كليهما في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري لهي عبرة بالغة الأهمية لما يشترك فيه البلدان من اعتياد لدى العصابات الحاكمة فيهما على إطفاء الحريق الاجتماعي بمياه الطائفية الآسنة. والحال أن العراق ولبنان بلدان يميّزهما نظامٌ سياسي قائم على «الديمقراطية الطائفية» التي يطيب لبعض أنصارها تسميتها «الديمقراطية التوافقية»، وهي لا تعدو كونها نظاماً يتوافق فيه أخصّائيون في تأجيج النعرات الطائفية على تقاسم غنائم السلطة والاستمتاع بمنافعها على حساب سواد الشعب.
أما الفضل الوحيد لنظام «الديمقراطية الطائفية» على نظام الاستبداد الطائفي القائم في سوريا والبحرين، فهو أنّ انعدام قدرة أي من فرقاء الطائفية على فرض سطوته الحصرية على الحكم والمال العام، إنما يخلق مجالاً من الحرّية السياسية يحتاج إليه أولئك الفرقاء لترويج بضاعتهم الطائفية الفاسدة، بدل استئثار فريق واحد بالحكم والمال العام بفرض قبضته الحارقة على سائر الشعب. ومجال الحرية هذا، هو ما استفادت منه الجماهير في العراق ولبنان كي تنتفض ضد الحثالة الحاكمة غير آبهة لتهديدها بالميليشيات الطائفية على نسق البلطجية والشبّيحة الذين حاول الحكم في كلّ من مصر وسوريا في مرحلة من المراحل أن يعوّض بهم عن تقاعس الأجهزة الرسمية في ردع المتظاهرين وقمعهم.


بل أصرّ المتظاهرون في لبنان على تحدّي تحريم «حزب الله» لشمل زعيمه بين زعماء النظام الطائفي الاستغلالي الذين ينتفضون ضدهم، وهو تحريم طالما فرضه الحزب بردع مُهيب تمارسه أجهزته المسلّحة التي هي بمثابة دولة موازية للدولة الرسمية، لا تقيّدها القوانين التي تسيّر هذه الأخيرة. وقد غدا هتاف «كلّن يعني كلّن» (كلّهم تعني كلّهم) شعاراً مرافقاً للشعار الذي بات عنوان السيرورة الثورية الإقليمية بأكملها: «الشعب يريد إسقاط النظام». إلّا أن الأمر يترافق في لبنان كما ترافق في مصر قبل ثماني سنوات، ومثلما ترافق بصورة فاشلة في السودان والجزائر قبل أشهر، بمحاولة لتجيير حؤول الجيش دون وقوع المجزرة التي هدّدت بها الميليشيات، لأجل تلبيس هذا الجيش ثوب المنقذ تمهيداً لتدخّله في إنقاذ النظام، لا الشعب بالتأكيد، لو دعت إلى ذلك حاجة أهل النظام.
هذا ويتميّز الحراك اللبناني عن الحراك العراقي بأنه يلتقي بالحراكين السوداني والجزائري من حيث كثافة المشاركة النسائية، وهي الدليل الأهم على تقدّمية أي حراك، إذ ليس من تحرّر ناجز ممكن بلا تحرّر نصف المجتمع النسائي. فإن كثافة المشاركة النسائية هي الدليل القاطع على استكمال تعبئة المجتمع واكتمال الشرط الذي بدونه يبقى «الشعب يريد» توكيداً ناقصاً. ويعني الأمر أن تعبئة طاقة المجتمع الثورية قد بلغت الذروة وأن السيرورة الثورية باتت بلا رجعة ممكنة إلى السكون طويل الأمد الذي ساد في الحقبة التاريخية السابقة.
ومهما كانت النتيجة الآنية التي سوف يؤول إليها الحراك الراهن في السودان والجزائر ولبنان، فإن التجربة التي تخوضها شعوب البلدان الثلاثة، على أمل أن ينضمّ إليها شعب العراق بنسائه ورجاله وسواه من شعوب المنطقة، سوف تشكّل مدخلاً إلى إعداد شروط حراك أقوى في مرحلة مقبلة، بالأخص من خلال تنظيم الحراك وتزوّده بقيادة ديمقراطية، نزيهة في تمثيلها للمصلحة الشعبية، على غرار القدوة التي قدّمها ويقدّمها شعب السودان للسيرورة الثورية الإقليمية بأسرها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هديّة ترامب وأردوغان لبوتين والأسد
- في مخاطر الاتكال على «عرّاب» غريب الأطوار
- مصر تحت الاحتلال
- ثورة مصر والمعضلة العسكرية
- أهم دروس الانتخابات التونسية
- تضارب المصلحة الانتخابية بين نتنياهو وترامب
- صفاقة التفكير الصهيوني والاستعماري
- السلاح بيد الجهلة يجرح
- المملكة السعودية والعداء للإسلام
- هنيئاً لمناضلات المملكة السعودية والسودان!
- الثورة السودانية ومعضلتها الراهنة
- نظام الأبارتهايد اللبناني
- لا تنصر أخاك مظلوماً إن كان ظالمه شريكك
- ماركس والشرق الأوسط ٢/٢
- الثورة السودانية تدخل جولتها الثالثة
- ترامب وسلمان ونجله يحثّون إيران على التسلّح النووي
- العِبرة الكبرى من إعادة الانتخابات في اسطنبول
- خواطر غاضبة على هامش مؤتمر البحرين
- ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!
- الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الثورة عنوان هذا الزمن… وستبقى