أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية














المزيد.....

الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6244 - 2019 / 5 / 29 - 09:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


دخلت الثورة السودانية في مرحلة بالغة الخطورة مع دعوة «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى الإضراب يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين في 28 و29 من الشهر الجاري. وكما هو معلوم، جاءت هذه الدعوة في إطار نشوب خلاف بين قيادة الثورة والمجلس العسكري السوداني على قضية اتّضح أنها مفصلية في تشكيل مؤسسات المرحلة الانتقالية المؤدّية إلى سلطة منتخبة، ألا وهي قضية «مجلس السيادة» الذي سوف يتولّى رئاسة الدولة خلال المرحلة المذكورة. وقد بات هذا الخلاف في صميم المواجهة الدائرة بين قيادة الثورة والمجلس العسكري.
فبعد أن فوجئ الجميع، بمن فيهم أوساط «قوى إعلان الحرية والتغيير» ذاتها، بسهولة قبول القيادة العسكرية بمطالب الثوّار في شأن المؤسّستين الحكومية والتشريعية، وقد وافق العسكريون على أن تشرف عليهما القيادة الثورية، وبعد أن نجم عن ذلك جوٌّ من الاطمئنان والتفاؤل، ما لبث أن تبيّن أن «سخاء» المجلس العسكري كان يندرج في مقايضة أراد العسكريون من خلالها الحصول على مبغاهم الرئيسي، ألا وهو الاحتفاظ بمقاليد الحكم السيادي، أي سلطة الحلّ والربط في الدولة، بدءًا بالوصاية على ذراعها المسلّح.
وبكلام آخر، لو جاز التشبيه بالرغم من الفرق السياسي بين الطرفين المدنييْن المعنييْن، فإن ما تبغيه القيادة العسكرية السودانية هو إخضاع «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى تجربة مماثلة لتلك التي أخضع إليها «المجلس الأعلى للقوات المسلّحة» في مصر «جماعة الإخوان المسلمين» عندما سلّمها سلطات الدولة باستثناء السلطة على الأجهزة المسلّحة العسكرية والأمنية، بحيث أبقى تلك الأجهزة سيوفاً مسلّطة فوق رقاب أولياء الحكم المدني الجدد، بحيث أطاح بهم حالما سنحت الفرصة.
وقد أدركت قيادة الثورة السودانية خلفيّة مبغى القيادة العسكرية، خاصة وأن التجربة المصرية غدت ماثلة في ذهن الجميع في منطقتنا كما يتجلّى بوضوح من إصرار الحراك الجزائري من جانبه على تسليم كامل السلطة للمدنيين. والحال أن مُخرج السيناريو المصري نفسه، عبد الفتّاح السيسي، يقف وراء إصرار زملائه السودانيين على إبقاء مقاليد السيادة بين أيديهم. وقد استقبل رديفه السوداني، رئيس «المجلس العسكري الانتقالي» الذي شاء القدر أن يكون اسمه عبد الفتّاح هو أيضاً، عبد الفتّاح البرهان، وقد خصّ القاهرة بأول زيارة خارجية رسمية يقوم بها. ثم انتقل منها إلى أبو ظبي، عاصمة المحور الرجعي العربي الثانية، بينما كان نائبه، محمد حمدان دقلو («حميدتي»)، يزور العاصمة الثالثة، الرياض، التي تتصدّر قائمة مموّلي الجيش السوداني الذي تعمل وحدات منه كمرتزقة لدى المملكة السعودية.

وتترافق هذه الزيارات الخارجية بمناورات داخلية تساهم فيها دول المحور الرجعي العربي الثلاث، منها سعيها وراء شقّ صفوف «قوى إعلان الحرية والتغيير» من خلال ضغطها على صادق المهدي، زعيم «حزب الأمة القومي»، كي يتبرّأ من قرار الإضراب، ومنها أيضاً تحريكاها لشتّى القوى الرجعية المتذرّعة بالدين كي تسعّر الديماغوجيا المعهودة في منطقتنا وتتّهم قيادة الثورة بالعداء للإسلام. وهي الكذبة التقليدية التي تشهرها قوى الرجعية ضد الثورات الديمقراطية في كل زمان ومكان، على طراز تحالف الكنيسة مع الرجعية المَلَكية ضد الثورة الديمقراطية في أوروبا طيلة قرون.
أخيراً وليس آخراً، تهدّد القيادة العسكرية السودانية بأن تُجري انتخابات في مهلة قريبة لا تتعدّى السنة، والغاية من مثل هذا الأمر الذي قد يبدو وكأنه من وحي ديمقراطي لمن يجهل خفايا الأمور، إنما هي إلغاء ما تم الاتفاق عليه من مؤسسات انتقالية مع القيادة الثورية وتمديد ولاية القيادة العسكرية الرسمية حتى الانتخابات. كما تودّ القيادة العسكرية إجراء هذه الأخيرة في ظرف لا تزال فيه مواقع النفوذ بين أيدي فلول نظام عمر البشير معزَّزة بالتمويل الخليجي، بينما تفتقد الأطراف الأساسية في «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى قنوات سياسية ملائمة، والحال أن معظمها قوى مهنية وليست سياسية، ناهيكم من كون الأحزاب السياسية المشاركة فيها قد عانت خلال عقود طويلة من القهر السياسي في ظل سلطة الاستبداد العسكري، كما ناهيكم بالحروب التي لا تزال مشتعلة في أقاليم السودان المؤيدة للثورة.
تقف الثورة السودانية اليوم عند مفترق طرق بالغ الخطورة، فإما أن تواصل مسيرتها الظافرة وتحقق أماني ملايين السودانيين والسودانيات، أو تتمكّن القوى الرجعية المحلّية والإقليمية من إجهاضها وإعادة انتاج النظام القديم بحلّة جديدة، مثلما حصل في مصر. وإذا كان نجاح الإضراب الذي دعت إليه «قوى إعلان الحرية والتغيير» شرطاً بالغ الأهمية في تحديد المسار القادم، يبقى العامل الحاسم قدرة «المجلس العسكري الانتقالي» على استخدام العنف ضد الثورة. والحقيقة أن أهمّ ما حدا قادة القوات المسلّحة السودانية على عدم الانصياع لأوامر عمر البشير بسحق الثورة، إنما هو خوفهم من أن ترتدّ بنادق جنودهم ضدّهم بعد أن بدا واضحاً أن قسماً كبيراً من هؤلاء الجنود قد تعاطف مع الثورة الشعبية.
وهذا ما تعيه تماماً «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي أكّدت في البيان الذي أصدرته إثر نشوب الخلاف بينها والمجلس العسكري، أكّدت ثقتها بأن سلاح القوات المسلّحة «هو حصن حمايتنا المتين الذي لن يعكس اتجاهه في أحلك الظروف، وقد سند الشرفاء من صغار الضباط وضباط الصف والجنود الثورة في مشاهد بطولية يحفظها التاريخ، وهؤلاء سيماهم في وجوههم وأثر إقدامهم آية على أجسادهم، ولايزال إيماننا راسخاً بأن قوات شعبنا المسلحة هي القلعة التي تُخذِّل عنا في ساحات الوغى وتصدُّ الأذى في براحات ميادين الاعتصام المجيد».



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين نقد «اليسار العربي» والتجنّي عليه
- ترامب… كثور في متجر خزف
- تركيا والانحدار السلطوي
- إيران بين «الممانعة» والتواطؤ والتوسّع
- لتضامن مع الثورة السودانية ملحّ!
- تفوّق قيادة الثورة السودانية برجالها ونسائها
- الانتقال والمعضلة في السيرورة الثورية العربية
- روسيا تدفع بأحجارها على رقعة الشطرنج
- ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية
- تحية إجلال لرئيسة وزراء نيوزيلندا
- الجزائر إلى أين؟
- بوتفليقة أو نحرق البلد!
- المعادلة الخطيرة بين إسرائيل وأمريكا وإيران
- المنافقون والعداء لليهود والمسلمين
- ماركس والشرق الأوسط 1/2
- مصر: تعديلات سيسيّة ومفارقات سياسيّة
- في تغليب أمن إيران على مصلحة العراق
- لا للبشير ولا للسيسي بل ديمقراطية غير منقوصة!
- أمريكا وبريطانيا: تجديد العظمة وتسريع الأفول
- عقل العصفور وتوزيع أراضي سوريا


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية