أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلبير الأشقر - نظام الأبارتهايد اللبناني














المزيد.....

نظام الأبارتهايد اللبناني


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6300 - 2019 / 7 / 24 - 09:19
المحور: حقوق الانسان
    


كل من نظر في أمر الدولة الصهيونية بدون أن يعميه الولاء لها لا يسعه سوى أن يسلّم بأنها دولة تمييز عنصري مشابه لنظام الأبارتهايد الذي كان قائماً في جمهورية أفريقيا الجنوبية حتى عام 1994. فالدولة الصهيونية تمارس تمييزاً رسمياً قانونياً إزاء الغالبية العظمى من حاملي الجنسية الإسرائيلية من الفلسطينيين (لاسيما من خلال إدراج الخدمة العسكرية كشرط لدخول الوظائف) وتمييزاً عسكرياً سافراً إزاء فلسطينيي الضفة الغربية الذين يخضعون للاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 1967، أي منذ ما يزيد عن نصف قرن. وقد أقامت الدولة الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة سنة 1994 منطقة «سلطة وطنية فلسطينية» هي بمثابة «بانتوستان» على غرار الدول الكرتونية التي خلقها نظام الأبارتهايد البائد في أفريقيا الجنوبية وتحجّج بها كي ينزع الجنسية عن السكان السود سنة 1970. وبالطبع، فمثلما كان الأمر في جنوب أفريقيا، تفشّت العنصرية في كافة خلايا المجتمع الصهيوني وطالت اليهود الشرقيين، لاسيما القادمين من بلدان عربية، كما تطال حالياً الأفريقيين المهاجرين إلى دولة إسرائيل.
هذا ما قد يتفق عليه الجميع في لبنان. لكن لا بدّ لكل من لديهم القدرة على أن يروا الخشبة في عين مجتمعهم مثلما يرون الخشبة في عين مجتمع جيرانهم (لن نقول «القشة» في هذه الحال)، لا بدّ لهم أن يقرّوا بأن الدولة اللبنانية مارست هي أيضاً إزاء الفلسطينيين اللاجئين منذ عام 1948، أي منذ ما يزيد عن سبعين عاماً، نظام تفرقة «قُطرية» (لو جاز أن نعيد استخدام هذا التعبير المحبّذ في القاموس القومي العربي)، تفرقة لا يجوز تسميتها «إثنية» أو «عنصرية» حيث إن الفلسطينيين لا يختلفون عن اللبنانيين إثنياً ولا عنصرياً ولا حتى ثقافياً.
والحال أن اللاجئين الفلسطينيين الذين وُلدوا في لبنان، وقد وُلدت غالبيتهم عن والدَين وُلدا هما أيضاً داخل الأراضي اللبنانية، لا يتمتّعون حتى بالحقوق التي يتمتّع بها العمّال المهاجرون في الدول الأوروبية على اختلاف أجناسهم وأصولهم، ويُحرمون من شتى حقوق التملّك والعمل على غرار السود في دولة الأبارتهايد في جنوب أفرقيا. كما يُحصر اللاجئون الفلسطينيون في لبنان منذ سبعة عقود في مخيمات شبيهة بالزرائب التي كان يُحصر فيها السود في جنوب أفريقيا والتي كانت تُطلق عليها تسمية township قبل أن يُحوّل بعضها إلى بانتوستان. قد جاء قرار وزارة العمل اللبنانية معاملة أحفاد لاجئي 1948 بالتماثل مع العمّال المهاجرين الأجانب كالنقطة التي جعلت الكيل يطفح بما أثار غضب فلسطينيي لبنان، وهو غضب مفهوم ومبرّر تماماً.
طبعاً، يعلم الجميع أن الأساس الحقيقي لنظام التفرقة القُطرية اللبناني هو ذلك النظام الطائفي الذي قامت عليه الدولة اللبنانية منذ استقلالها الرسمي. وهو ينبع من إصرار الزعامات المارونية على الإبقاء على الوهم القائل بأن الموارنة يمثّلون أكبر الطوائف اللبنانية، وهو الوهم الذي يشكّل ركناً أساسياً من أركان النظام الطائفي اللبناني. ومثلما كانت الحال في أفريقيا الجنوبية أو لا تزال في دولة إسرائيل، يقترن النظام الطائفي في لبنان بتفرقة قطرية وإثنية وعنصرية متعدّدة الأوجه، تطال اللاجئين السوريين اليوم مثلما كانت تطال العمال الموسميين السوريين بالأمس، كما تطال عاملات المنازل الأفريقية والآسيوية ببشاعة لم تنفكّ منظمات حقوق الإنسان العالمية تندّد بها.

وفي تطوّر منطقي وطبيعي في زمن صعود أقصى اليمين القومي المتعصّب والعنصري على النطاق العالمي، بات لدى لبنان بشخص جبران باسيل وزيرٌ للخارجية يقوم بدور مماثل لنائب رئيس الوزراء الإيطالي اليميني المتطرّف، ماتيو سالفيني، في دغدغة أقبح المشاعر القُطرية الطائفية والعنصرية. وكما هو معلوم، يرأس باسيل، بالنيابة عن حموه رئيس الجمهورية ميشال عون، حزباً سياسياً هو «التيار الوطني الحرّ» يتنافس مع حزب «القوّات اللبنانية» (حزب وزير العمل كميل أبو سليمان) على تمثيل المشاعر الطائفية المارونية والقُطرية اللبنانية. والطريف في الأمر أن «التيار الوطني الحرّ» هو حليف «حزب الله»، رأس حربة «الممانعة» في لبنان الذي يبرّر سلوكه بمواجهة دولة إسرائيل.
هذا وقد وجدت القُطرية الطائفية اللبنانية أرضاً أيديولوجية مشتركة مع المعاداة العربية والإسلامية للصهيونية، هي الأرض التي يقف عليها الإجماع الخبيث الذي تلتقي فيه شتى النزعات الطائفية اللبنانية، ألا وهي أرض مناهضة «توطين» الفلسطينيين في لبنان بوصفه يندرج في المشروع الصهيوني، بل وفي أحدث نسخه المتمثّلة بمشروع جاريد كوشنير، ذلك الصهر الآخر الذي يتولّى إدارة شؤون بلاده الخارجية متقدّماً في ذلك على وزير الخارجية الرسمي (لم يتجرّأ حموه دونالد ترامب على تعيينه وزيراً رسمياً، إذ إن ذلك يندرج فيما يُعتبر في أمريكا عن حق محاباةً للأقارب).
والنفاق جليّ في حجّة «التوطين» البالية: فلو سلّمنا جدلاً بأن منح الجنسية اللبنانية للفلسطينيين في لبنان (عددهم 000 175) يزيل عنهم حقّ العودة أو التعويض (في حين تمنح الدولة الصهيونية حق «العودة» لأي يهودي أياً كانت جنسيته وتدافع بشراسة عن حق التعويض لضحايا الحرب العالمية الثانية من مواطنيها)، فليس من حجة تبرّر حرمان الفلسطينيين من شتى الحقوق التي يتمتّع بها العمال المهاجرون في الدول الأوروبية ولا في إبقائهم تحت الإقامة الجبرية في مخيمات يُمنعون حتى من التصرّف في تشييدها وتطويرها كما يشاؤون.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تنصر أخاك مظلوماً إن كان ظالمه شريكك
- ماركس والشرق الأوسط ٢/٢
- الثورة السودانية تدخل جولتها الثالثة
- ترامب وسلمان ونجله يحثّون إيران على التسلّح النووي
- العِبرة الكبرى من إعادة الانتخابات في اسطنبول
- خواطر غاضبة على هامش مؤتمر البحرين
- ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!
- الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية
- بين نقد «اليسار العربي» والتجنّي عليه
- ترامب… كثور في متجر خزف
- تركيا والانحدار السلطوي
- إيران بين «الممانعة» والتواطؤ والتوسّع
- لتضامن مع الثورة السودانية ملحّ!
- تفوّق قيادة الثورة السودانية برجالها ونسائها
- الانتقال والمعضلة في السيرورة الثورية العربية
- روسيا تدفع بأحجارها على رقعة الشطرنج
- ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية
- تحية إجلال لرئيسة وزراء نيوزيلندا
- الجزائر إلى أين؟
- بوتفليقة أو نحرق البلد!


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلبير الأشقر - نظام الأبارتهايد اللبناني