أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - ثورة مصر والمعضلة العسكرية















المزيد.....

ثورة مصر والمعضلة العسكرية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6361 - 2019 / 9 / 25 - 09:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بدأ شعب مصر العظيم يستفيق من السُبات الذي وقع فيه إثر انخداعه برغبة عبد الفتّاح السيسي في إنقاذه من آلامه الاقتصادية والاجتماعية كما بقدرة المذكور على إنجاز ذلك الإنقاذ. ومثلما رأينا مصرياً مقيماً في الخارج، يُدعى وائل غنيم، يلعب دوراً بارزاً في إشعال فتيل «ثورة 25 يناير» عام 2011 من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، نرى الآن مصرياً آخر مقيماً في الخارج، هو المقاول والممثّل محمّد علي، يلعب دوراً مماثلاً، بل أكبر، في إشعال فتيل جديد قد يؤدّي إلى تفجير ثورة أخرى. فهل ينجح الانتشار الأمني الهائل في ردع المتظاهرين أو تتحوّل ينابيع يوم الجمعة الماضي إلى تيّار جارف يوم الجمعة القادم، هذا هو السؤال. ولو تمّ الاحتمال الأخير، تكون المرّة الثالثة التي تهبّ فيها الجماهير المصرية ضد الحكم القائم بغية إسقاطه، وفي المرّتين السابقتين عبرةٌ للمرّة القادمة لا بدّ من استيعابها لتفادي تكرار أخطاء كانت لها عواقب وخيمة.
يوم 14 فبراير/ شباط الماضي، نظّم «مركز التقدّم الأمريكي» في واشنطن ندوة تحت عنوان «الانتفاضات العربية بعد ثماني سنوات»، شارك فيها سفيرا الولايات المتحدة في كل من تونس ومصر أثناء «الربيع العربي». وقد أفصحت آن باترسون، سفيرة أمريكا في القاهرة طوال سنوات الغليان الثوري (2011-2013)، أفصحت في مداخلتها عن حقائق أكّدت مدى فهم أعضاء السلك الدبلوماسي لأمور لا تنعكس دائماً في سياسات حكوماتهم، كما سبق أن بيّنت تسريبات ويكيليكس. فقد قالت السفيرة السابقة «إن العسكريين المصريين هم الذين تخلّصوا من مبارك وهم الذين تخلّصوا من مرسي، وإذا كان لأحد أن يتخلّص من السيسي فسوف يكون العسكريون المصريون، فلم تكن العملية ديمقراطية».
وأشارت باترسون إلى العلّة الرئيسية في المؤسسة العسكرية المصرية التي أنفقت عليها واشنطن، على حدّ قولها، 45 مليار دولار خلال العقود التي انصرمت منذ أن نقل أنور السادات مصر من الارتهان بالاتّحاد السوفييتي إلى الارتهان بالولايات المتحدة. فقالت إن انشغال القوات المسلّحة المصرية بالأعمال والمقاولات قد أفسدها إلى حدّ أنها لم تقدر على مواجهة ألف مقاتل في سيناء بلا عون من إسرائيل. وتأسفت على أنه كان هناك في الماضي «ضبّاطٌ بارعون للغاية» في الجيش المصري، «لكنّهم تحوّلوا مع مرور الزمن إلى نوع من الطبقة الريعية»، والكلام للسفيرة وهو متوفّر على الإنترنت.

الحقيقة هي أن السيدة باترسون، التي اتُّهمت في عام 2013 بالوقوف مع محمّد مرسي بسبب اعتراضها على الانقلاب العسكري من منطلق الحرص على الديمقراطية (تجدر الإشارة إلى أنها صرّحت في ندوة واشنطن ذاتها بأن السياسة الأمريكية إزاء القاهرة تحدّدها علاقة مصر بإسرائيل، لا غير)، إنّما أصابت تماماً في حديثها. فإن الإطاحة بحسني مبارك في الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011، شأنها في ذلك شأن الإطاحة بمحمّد مرسي في الثالث من يوليو/ تمّوز 2013، جرتا من خلال انقلابين عسكريين. وإن صحّ أنهما حصلتا على خلفية حراك شعبي عارم، يبقى أن العسكر ظلّوا ماسكين بزمام الأمور في الحالتين. وقد باتت القيادة العليا للقوات المسلّحة المصرية أكثر تشبّثاً بوصايتها على السلطة منذ أن فسح أمامها السادات وبعده مبارك مجالاً واسعاً للإثراء في نشاطات اقتصادية، معظمها من النوع الريعي (لاسيما ما يتعلّق منها بالعقارات). ويبدو أن المقاول محمّد علي، الذي كان يخوض في تلك النشاطات مع الجيش، ومع السيسي وحاشيته بوجه خاص، وصل به الأمر إلى حدّ «تصفية الحسابات» معهم على الصعيد السياسي بعد أن يئس من الحصول على حصّته من الأرباح.
ومهما يكن، فإن كشفه عن بعض فضائح الإثراء غير المشروع والإنفاق غير المعقول كان بمثابة النقطة التي جعلت الكيل يطفح لدى شعب مصر بعد ثلاث سنوات من تكبّده خسائر جسيمة في قدرته الشرائية. وليس من وصف أوضح لذلك التردّي في مستوى معيشة الجماهير المصرية من المعطيات التي وردت في «بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك» لعامي 18/2017 الذي أجراه «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، والذي أظهر فيما أظهر كيف ارتفعت نسبة الفقراء باطّراد وتدهورت شروط العمل في ظلّ حكم السيسي (أنظروا المقابلة الممتازة التي أجرتها بيسان كسّاب مع الأستاذة هبة الليثي، المشرفة على البحث المذكور، في «مدى مصر» 18/8/2019).
وللأسف، أصابت أيضاً السفيرة باترسون في قولها إن العسكريين وحدهم قادرون على إزاحة السيسي من منصبه الرئاسي مثلما أزاحوا سلفيه. ذلك أن «الدولة العميقة» في معظم بلدان منطقتنا تستند بصورة فجّة إلى القوة العسكرية بحيث لا يمكن التغلّب عليها في المدى القصير سوى بمعونة عسكرية خارجية مثلما حصل في ليبيا، هذا إذا لم يحصل النظام ذاته على معونة خارجية كما في حال النظام السوري. فالسيرورة الثورية الإقليمية طويلة الأمد التي انطلقت من قلب تونس في نهاية عام 2010 لم تشهد إسقاط رؤساء سوى في الحالات التي رأينا فيها الجهاز العسكري المُشرف على النظام يتخلّى عن الرئيس ويأمره بمغادرة الحكم كما في تونس ومصر 2011 والجزائر 2019، أو يطيح به كما في مصر 2013 والسودان 2019.
وهذا يعني أن الأمل الوحيد في مصر في المدى القصير هو أن يبلغ الحراك الجماهيري من الغزارة والاتّساع ما يُقنع المؤسسة العسكرية بضرورة التخلّص من رئيسٍ بات عبئاً عليها وخطراً على صورتها ومصالحها. غير أنه من الأهمية بمكان أن تستفيد الحركة الشعبية المصرية من تجربتيها الماضيتين ومن التجربة الجارية حالياً في السودان والجزائر. ففي الجزائر كما في السودان، لم تكفِ إزاحة القوات المسلّحة للرئيس كي تقع الجماهير في شَرك عشق القيادة العسكرية مثلما حصل في مصر في عامي 2011 و2013. وخيرُ ما يمكن أن نتمنّاه لمصر هو أن تتمكّن الحركة الشعبية فيها من التزوّد بقيادة تتمحور حول قوى المجتمع المدني التقدّمية وتبني في الشارع سلطة موازية للدولة العميقة بحيث تُرسي ازدواجية سلطة، على غرار ما حصل في السودان، وتدشّن مرحلة انتقالية تعمل خلالها الحركة الشعبية على تحقيق انحياز الجنود والضباط الوطنيين المخلصين إلى صفوف الشعب، متحرّرين من تسلّط أعضاء القيادة العليا الذين لا إخلاص لديهم سوى لمصالحهم الريعية، كما أدركت السفيرة باترسون تمام الإدراك.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهم دروس الانتخابات التونسية
- تضارب المصلحة الانتخابية بين نتنياهو وترامب
- صفاقة التفكير الصهيوني والاستعماري
- السلاح بيد الجهلة يجرح
- المملكة السعودية والعداء للإسلام
- هنيئاً لمناضلات المملكة السعودية والسودان!
- الثورة السودانية ومعضلتها الراهنة
- نظام الأبارتهايد اللبناني
- لا تنصر أخاك مظلوماً إن كان ظالمه شريكك
- ماركس والشرق الأوسط ٢/٢
- الثورة السودانية تدخل جولتها الثالثة
- ترامب وسلمان ونجله يحثّون إيران على التسلّح النووي
- العِبرة الكبرى من إعادة الانتخابات في اسطنبول
- خواطر غاضبة على هامش مؤتمر البحرين
- ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!
- الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية
- بين نقد «اليسار العربي» والتجنّي عليه
- ترامب… كثور في متجر خزف
- تركيا والانحدار السلطوي
- إيران بين «الممانعة» والتواطؤ والتوسّع


المزيد.....




- ترامب لا يستبعد حدوث أعمال عنف من مؤيديه إذا خسر الانتخابات. ...
- -كلاشينكوف- تسلّم القوات الخاصة الروسية دفعة جديدة من الأسلح ...
- حاولوا التقاطها بأيديهم.. لحظات تحبس الأنفاس لسقوط سيدة من ...
- -تدمير ميركافا وكمين محكم وإصابات مباشرة-..-حزب الله- ينشر م ...
- هلع كبير على متن رحلة إسرائيلية من دبي إلى تل أبيب
- مسؤول أممي يحذر من أن اجتياح إسرائيل رفح سيكون -مأساة تفوق ا ...
- مصر.. اشتباكات مسلحة بين عائلتين تسفر عن اشتعال النيران في م ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حظر استيراد اليورانيوم المخصب ...
- تحطم طائرة أمريكية من طراز -إف – 16- قرب قاعدة هولومان الجوي ...
- الصين: -حماس- و-فتح- أعربتا عن رغبتيهما في المصالحة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - ثورة مصر والمعضلة العسكرية