أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادهم ابراهيم - شيوع خيانة الامانة في المجتمع














المزيد.....

شيوع خيانة الامانة في المجتمع


ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)


الحوار المتمدن-العدد: 6324 - 2019 / 8 / 18 - 15:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نتحدث هنا عن خيانة الامانة من المنظور الاجتماعي. وسواء عرفناها لغويا او قانونيا، فهي في جميع الاحوال خيانة الشخص لما اؤتمن عليه من مال او ممتلكات، ويستوي في ذلك المواطن العادي والسياسي

يقول العلامة السيد حسين فضل الله ان الامانة هي قيمة إنسانية أخلاقية، تنطلق من عهدٍ بين صاحب المال الذي يتركه على نحو الأمانة، وبين الذي يحتفظ بالأمانة، فصاحب المال يعطي الإنسان المؤتمَن الثقة به بأنه سيحفظ له أمانته، والمؤتمَن يعطيه العهد بأنه سوف يحفظ أمانته ويرعاها ولا يخونها
وقال الصادق عليه السلام. لاتغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم فان الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم. ولكن اختبروهم عند صدق الحديث واداء الامانة

وقد شرفً اللّه تعالى الامانة والمتحلّين بها ، بقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)ء

ونظام الحكم عند المسلمين يستند على دعامتين القوة والامانة. وذلك بالاستناد الى قوله تعالى : ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ). حيث ان ولاية امر الناس تمثل امانة عظيمة في رقابهم
والامانة واجبة من قوله تعالى ( ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل)ء

واذا كان الامر كذلك فلماذا انحرفت الاحزاب والكتل الاسلامية الحاكمة في العراق وخانت الامانة وغدرت بالعراقيين منذ مجيئها للسلطة على يد المحتل الامريكي والى يومنا الحاضر، بل ازدادت شراهة وغلو في السطو على الاموال. ولم يبق اي مرفق من مرافق الدولة والمجتمع الا ودخلوا فيه وابتزوه بشتى الوسائل ولم تسلم حتى الطبقات الفقيرة من المتقاعدين والكسبة والارامل من تسلطهم وسرقتهم
وما الفساد المستشري في كل مرفق من مرافق الدولة والمجتمع الا وجها من وجوه خيانة الامانة

ولم تقتصر خيانة الامانة على قيادات الاحزاب والمتنفذين فقط وهي بالتاكيد طبقة سياسية فاسدة، مارقة لاتراعي القيم الدينية ولا الاخلاقية . ولكن الكارثة الكبرى انها اصبحت نموذجا لكثير من الافراد ، سواء الموظفين منهم او الاشخاص العاديين ، حيث عمت خيانة الامانة والرشوة والسرقة في المجتمع بشكل خطير حتى اصبح المرء في كثير من الاحيان لايأتمن على نفسه في مرفق عام ولا من صديقه او جاره او اقرباءه المقربين
ان الانسان في اي مكان لايمكن ان يتعايش مع اخيه الانسان دون توفر الحد الادنى من الاخلاق العامة والامانة، فهي تسهل التعامل بين الناس من خلال الثقة ، وتوفير الامان والالفة وتماسك المجتمع

وهنا تمتزج الامانة مع احترام الغير والصدق وحفظ العهود وصون اعراض الناس وغيرها من الاخلاق ، كما تحقق التصالح مع النفس والشعور بالرضى، وهي من اهم مميزات الانسان السوي لانها تجعله ينسجم مع مجتمعه ومحيطه وعائلته

كما ان خيانة الامانة تجر وراءها كل الصفات السيئة من الكذب والنفاق والغدر. وتؤدي الى تخلف الفرد والمجتمع وتعطل التقدم والحضارة، وتسبب في كثير من الاشكالات والامراض النفسية ، لكونها تعطل الفكر الانساني السوي والعمل الجماعي

ومن ذلك يتضح ان خيانة الامانة مسألة اخلاقية وهي بعيدة عن المظاهر الدينية، فكثير من الناس يمارسون طقوسهم الدينية من صلاة وصوم وحج وزيارة الاماكن المقدسة، ولكنهم في نفس الوقت يسرقون ويغشون ويخونون ويكذبون ويمارسون النصب والاحتيال والمماطلة في اداء الاعمال

في مجتمعنا العراقي لم نشهد سابقا مثل هذا الكم من الغش والفساد وخيانة الامانة والانانية المفرطة. وهي عادات طارئة. حيث ان الشعب العراقي من الشعوب الحضارية العريقة وكان على الدوام يمثل قدوة للشعوب والمجتمعات القريبة والبعيدة، وكان العراقي صاحب غيرة ونخوة وامانة وشهامة وشجاعة ووفاء واخلاص ومساعدة الغير من المحتاجين والمساكين وصاحب كرم وجود. وغيرها من الصفات الحميدة
واذا كانوا كذلك فلماذا انتكسوا وطغت عليهم العادات النفعية والطمع والنفاق وخيانة الامانة بدل القيم النبيلة العليا
اغلب الظن ان هذا الانقلاب في المفاهيم الاخلاقية للشعب العراقي جائت ثم سادت بعد الاحتلال الامريكي للعراق وما رافقها من تشجيع المحتل للسرقة والنهب على نطاق واسع بما سميت بالحواسم . ومارافقها من جلب طغمة فاسدة من الحكام والمتنفذين الذين حكموا البلد باسم الاسلام السياسي واشاعوا قيم الرشوة والسرقة واباحة المال العام. وهذه كلها من مظاهر خيانة الامانة والغدر والاحتيال

من الاقوال المشهورة عند العرب، ان الناس على دين ملوكهم. وهذا صحيح خصوصا في موضوعنا هذا. ولا يمكن تغيير المجتمع وجعل الناس اسوياء الا بازالة الطبقة الحاكمة الفاسدة كليا وتغيير العملية السياسية برمتها. حيث ان استمرارها سيؤدي الى مزيد من الانتكاسات الاجتماعية ولاجيال عديدة

ان خيانة الامانة تمثل منتهى الانحطاط الانساني وهي توصيف واضح عن سوء الاخلاق وسقوطها وابتعادها عن كل القيم الاخلاقية المتعارف عليها قديما وحديثا

ولذلك فنحن بحاجة الى ثورة اخلاقية تعيد قيم التمدن والحضارة لهذا الشعب العريق وتستبعد كل الاشخاص من ذوي المفاهيم الاخلاقية الفاسدة والمنحرفة والنزعات الانتقامية المريضة البعيدة عن عادات وتقاليد المجتمع العراقي المتحضر . ولابد من اعادة زرع القيم الاخلاقية النبيلة في الاجيال الجديدة من الصدق والتسامح والوفاء ونشر الوعي والتثقيف بها في البيت والمدرسة والشارع



#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)       Adham_Ibraheem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل الربيع العربي ومابعده
- بدل من ان تلعن الظلام اوقد شمعة
- التوتر الامريكي الايراني والحرب الشاملة
- 14تموز 1958 من كان خلف الكواليس
- تحديات اندماج المهاجرين في اوروبا
- نشر الخوف في المجتمع
- عادل عبد المهدي والنأي بالنفس
- ذكرى سقوط الموصل . . وحافة الهاوية
- روح التسامح بين التعددية والتعصب
- تراجع الدراما العراقية في مسلسل العرضحالجي
- من يبكي على وطن ضاع في زحمة الطامعين ؟
- من المستفيد من الحرب
- كانت حياتنا مفعمة بالامل
- النموذج الامريكي المتفرد للديموقراطية في العراق
- حكومة عبد المهدي لا انفراج في الافق
- التصعيد الامريكي على ايران . . اسبابه واثاره على العراق
- ماوراء اقليم البصرة
- حزب العدالة والتنمية التركي . بداية النهاية
- العودة الى الديكتاتورية ام الملكية
- الجزائر . على اعتاب الجمهورية الثانية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادهم ابراهيم - شيوع خيانة الامانة في المجتمع