أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الياسري - منفى سيزيف














المزيد.....

منفى سيزيف


عبدالإله الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


توقّفتْ حافلةُ المسافرينْ،
وازدحمَ السُيَّاحُ نازلينَ صاعدينْ.
كان الصباحْ.
وكانتِ الساعةُ،في"مَرَّاكُشَ",العاشرهْ.
وكنتُ,وحدي,الجالسَ الغريبْ.
ليس معي من أحدٍ غيرُ العراقْ،
ولعنةِ الذاكرهْ،
والسمِّ في سيجارتي.
أَمزجُه بالسمِّ في الآهاتْ.
وأَحتسيه جرعةً فجرعةً منادماً "سقراطْ".
ــــ:"مِن أَين جئتَ سيّدي؟"
ـــــ:"جئتُ من الرباطْ
غادٍ لـِـ "وَرْزازاتْ"*
يَستفهمُ الركَّابُ بالعيونِ عن هويَّتي.
مختلفٌ في صورتي،في ملبسي.
وانطلقتْ تَسلّقاً حافلةُ المسافرينْ
قاطعةً بنا جبالَ "الأَطلسِ"**
صاعدةً تدورْ
بين الجنانِ الخضْرِ والصخورْ.
ترفعُنا من جنّةٍ لجنّةٍ حتَّى دخلنا آخرَ الجنّاتْ.
ثم خَرجْنا فدَخلْنا الجحيمْ.
كأنّها،وهي تدبُّ في دهاليزِ الجبالْ،
تَسيرُ من فوق الصراطِ المستقيمْ.
وانقطعتْ بنا الحبالْ.
وبانتِ البيوتُ في السفوحِ،والمنائرُ الطوالْ
أَبعدَ من خطِّ هلالْ،
أَصغرَ من نقطةِ حرفٍ في كتابْ.
وارتفعتْ حافلةُ المسافرينَ،في مدارِها الى السحابْ،
صاعدةً تدورْ
بين شعابِ الموتِ تَحبو مرَّةً،
ومرَّةً بين شعابِ الحياهْ .
ومرَّةً تَطيرُ كالنسرِ بنا،
ومرَّةً تَزحفُ كالسلحفاهْ .
وضاقتِ الأَبدانُ بالأَنفسِ،
حتَّى بلغنا قمَّةَ "الأَطلسِ".
فانعتقتْ أَرواحُنا من قبضةِ الأقدارْ
واحتفتِ الشمسُ بنا
وقد بدتْ أَسفلَنا الغيومُ والأَمطارْ
إِنقلبتْ خريطةُ الوجودْ
واختلفتْ طبيعتي
واختلف الهواءْ
والرملُ والمياهْ
وانفجرتْ أَسئلتي:
(عبدُالإلهِ) أَم أَنا نِدُّ الإلهْ؟
وتحتَنا أَم فوقَنا السماءْ؟
وامَّحتِ الصفاتْ
وصِيحَ:يا آدمُ قفْ.أَوشكتَ أَنْ تبلغَ عرشَ اللهْ
وزالَ عن جلالِه الغشاءْ
وحينما رأيتُهُ،
أَريتُه حزنَ جياعِ الأَرضِ في وجهي،
وفي حنجرتي أَسمعتُه البكاءْ.
أَخبرتُه جروحَهم،ملءَ فؤادي من مُدَى الأَثرياءْ.
قلتُ لهُ:
أَخرجتَني من جنَّة الخلودْ،
للأَرض للقيودْ.
هَبـْـني أَكلتُ مُخطئاً من شجرٍ في الجنَّة التفّاحْ.
هَبْــني عملتُ مُخطئاً بما ارتأتْ حوَّاءْ.
سألتُهُ:
أَتنصحُ العبادَ بالعفو وبالسماحْ؛
وتحرق العبادْ،
في ساعة الميعادْ؟
أَتاجراً فيكَ أَرَى أَم حاكماً جلَّادْ؟
جعلتَـنا لنارِكَ الوقودْ.
وكلَّما شويتَـنا؛جدَّدتَ في النار لنا الجلودْ.
أَيُّ إِلهٍ أَنتَ يا حقودْ؟
بك اقتدَى الحكَّامْ،
في طُرُق التعذيب والإعدامْ...
وفجاةً تَخضَّبتْ ملابسي البيضاءُ بالنزيفْ،
وصكَّ مسمعي نداءْ:
سيزيفُ! يا سيزيفْ!
أَنا الإلهْ.
أَفعلُ ما أَشاءْ،
بالأَرضِ والسماءْ.
أَجئُ بالإنسانْ.
وأُهلكُ الإنسانْ.
أُقرِّرُ العقابَ والثوابْ.
حكمي عليكَ اليومْ:
أَنْ تحملَ الأَثــقالْ.
من أَرض"ورزازاتْ"
لقمَّةِ الجبالِ في" تُــبْـقـالْ"***
حتَّى تموتْ،
باليأسِ والهمومْ.
وانتابَ بركاني السكوتْ.
أَفرغتُ ما في الكأسِ من سمومْ.
وانحدرتْ حافلةُ المسافرينْ،
من قمَّةٍ للأَطلسِ،
نازلةً تدورْ،
بين الرمال الحُمْرِ والصخورْ.
تهذبُ مثل الفرسِ.
ولم تعدْ مقلوبةً خريطةُ الوجودْ.
أَلأَرضُ كالأَرض بدتْ،وفوقَها السماءُ كالسماءْ.
وصلتُ "ورزازاتْ".
كان المساءْ.
الساعة الثالثهْ.
نزلتُ كالطفل بها مذعورْ.
موحشةٌ كأَنَّها معسكرٌ مهجورْ.
خالٍ من الطيور والزهورْ.
كأَنَّها مقبرهْ،
وجثَّتي تبحثُ عن قبرٍ بها في زحمةِ القبورْ.
واحتشدَ العجاجْ.
يستقبل الزوَّارْ،
بالرملِ والغبارْ،
والعصفِ والحفيفْ.
أَعجبني العجاجْ.
رأيتُ فيه هبًةَ الثوَّارْ،
ودفقةَ النزيفْ،
في ساعة احتجاجْ.
وكلَّما رأيتُ في مناميَ الجزَّارْ،
والدمَ والمماتْ؛
أَحببتُ "ورزازاتْ"،
وهمتُ بالعجاجْ؛
كما يَهيمُ الجرحُ بالسكِّينْ.
أَحببتُ"ورزازاتْ".
ليس بها من مُخبرينْ،
ولا بها من خائنينْ.
مدينة الشمسِ التي لم تعرفِ الضبابْ.
مدينة الإنسانْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ورزازات: مدينة صحراوية تقع في الجنوب الشرقيّ المغربيّ
**سلسلة جبلية يتراوح ارتفاعها بين 4.000 و4.500م
***توبقال:اعلى قمم سلسلة جبال الأطلس في المملكة المغربية4167 متر



#عبدالإله_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناة مُعلِّم
- في ذكر الشاعر الشيخ البرقعاوي
- الشيخ محمّد جعفر الكرباسيّ(1927م 2016م)
- بعيداً عن شبهة الإرتزاق والذيليّة
- المُظفَّر في سطور
- رأي في حداثتنا الشعريّة
- تأَديب
- محنة الزاجل في الضباب
- في شعرنا الحديث
- دعيني أُصارحكِ
- مع شاعر الضمير
- خواطر حول خمريّات الحبوبيّ(1)
- سيّدة الليل
- حنين
- قولٌ في مجموعة-شظايا أنثويّة-
- حروف من سيرة الفقيد باسم الصفّار
- الجمال والوعي في كتاب-في أُفق الأدب- ل سعيد عدنان
- إِمبراطوريَّة الدمار
- ايها اللصوص
- هيلين


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالإله الياسري - منفى سيزيف