أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد زكارنه - التاريخ ما بين المهزلة والمأساة














المزيد.....

التاريخ ما بين المهزلة والمأساة


أحمد زكارنه

الحوار المتمدن-العدد: 6301 - 2019 / 7 / 25 - 20:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


ينسب لماركس قوله: "إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة. وما نراه الآن هو المهزلة"
مقولة ماركس هنا لا أظنها، مقولة عبثية كان مصدرها الفراغ، وإنما هو التاريخ نفسه الذي شارك وما زالت تشارك في صياغته البشرية جمعاء المرة تلو الأخرى.
وها نحن أحيانا نستذكر لسبب أو لآخر ما كتبناه وحذرنا منه قبل سنوات طويلة، وكأنه مر ويتكرر مروره دون حتى أن نفكر في السؤال مرتين، الخراب هو نفس الخراب وإن لم يكن أكثر، والضياع يشير إلى مصائر لم تكن يوماً بعيدة عن ملامحنا وما تفرزه سلوكياتنا الفردية والجمعية.
هنا ونحن نتحدث عن هذا التاريخ يمر أمامي الآن مقالا كنت قد كتبته قبل عقد من الزمن، وحين أعيد قرأته أشعر أن المتن والمبنى ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، خاصة حينما نقف على متن القول في حينه لنجده صورة طبق الأصل لمبنى الفعل لما نحن عليه اليوم.
قبل سنواتنا العشر الماضية وقفنا طويلا أمام أنماط السلوك في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، وهي تشير إلى أن تلك المجتمعات تعيش حالة سلوكية شاذة ثقافياً وحضارياً وسياسياً، مبعثها الأساس حالة اللاوعي الجماعي المسيطرة، بفعل ممارسة الساسة لعبة الصياغات المتناقضة، وكأنهم يوقعون عقوداً شرعية لعلاقات غير شرعية، ما دفع - ولا يزال - غالبية تلك المجتمعات إلى ارتداء الأقنعة الواقية للحفاظ على ما تبقى لها من آدمية أمام بطش وسطوة النظم الصارمة.
وبالنظر للحالة الفلسطينية، يلحظ المرء حالة استكانة مركبة تنتاب المجتمع الفلسطيني خاصة والعربي عامة، إحداها حيال الممارسات الاحتلالية التي تجاوزت كل الحدود، خاصة فيما يخص المقدسات.. وأخرى حيال انتفاض مفهوم الحزبية التي دخلت في معركة حياة أو موت، عادة ما تتسم بتوقف الإحساس الإنساني، وتجمد الفعل الجماعي، لصالح دعم ركائز الأنا الأنانية.
والأمر ليس بحاجة لذكاء خارق كي ندرك أن ما وصلنا إليه ليس محض صدفة عشوائية وتخبط من الآخر، وإنما هو نتاج خطط شيطانية لا تكللها إلا صراعات إقليمية وفئوية.. ودلائل ذلك الواقع الأليم حقائق دامغة، خميرتها آلاف من الشهداء والجرحى والمشردين، في فلسطين والعراق ولبنان، وكأننا نحيا بين شقي الرحى وتروس المفرمة.
المعنى والدلالة فيما ذكر لا يعدو سوى مقدمات لمصير ليس بمجهول، ينتظرنا إنْ لم نعِ خطورة وتحديات قادم الأيام، والأمر لا يرتبط فقط بالمفاهيم العسكرية الاحتلالية، قدر ارتباطه بالمخاطر التي تتهدد العرب ثقافياً وحضارياً، ومنهجية تعاطينا مع هذه المخاطر.
كل ما نخشى أن يستمر قادتنا في ركوب صهوة العناد.. والعناد بحسب ما نؤمن ويرفع البعض منا، يعد شعبة من شعب الكفر، ولسان الحال الذي عادة ما يكون أصدق من المقال يشير إلى الوجه الآخر من الهزيمة، حيث نعيد جماعة وفرادة انتاج صراع العبيد في روما القديمة، التي كان العبدان فيها يقتتلان حتى الموت، ليموت أحدهما في المبارزة، ويلحق به الآخر على يد جنود الرومان أنفسهم بعد دقيقة واحدة، دون أن يفكر أحدهما في المصير المنتظر، والذي يثبت أن لا فرق بين القاتل والقتيل سوى دقيقة واحدة.
نعم الكل يتفق أن السياسة لا تلتقي والأخلاق في أية نقطة كانت.. كما الحق والباطل، الشر والخير.. ولكن ما يثير الدهشة حقاً، أن حواراتنا الداخلية سواء على الساحة الفلسطينية أو العربية، باتت تستوطن مساحات التوتر بين الوسيلة والغاية، وكأن روادها يعيشون خارج نطاق التغطية، أو - بمعنى أدق - بعيداً عن متطلبات المرحلة التي يمر بها الواقع العربي عامة والفلسطيني خاصة، بذات المسافة التي تبعدهم عن التفكير ولو للحظة واحدة في المصير المشترك.
وبالنظر - على سبيل المثال لا الحصر - إلى الحوار الفلسطيني بكل تداعياته وارتباطاته العضوية بدول الإقليم، دون الولوج إلى قضية التفاؤل والتشاؤم وسائر الثنائيات، نرى كم سيطرت الحزبية على المتحاورين ليصبح الصراع بحثاً عن سلطة لا عن وطن في واحدة من أبرز تجليات عبقرية الانقسام.. بينما تدلل كل المعطيات أننا بحاجة للتوحد مع الذات وليس تقاسم البلاد والعباد.
إن خصوصية الحالة العربية الراهنة لا تستقيم ومنطق القوة، وإنما وقوة المنطق.. الأمر الذي لا يسمح لأي كان الادعاء بأن أفكاره تملك ما هو مطلق وثابت.. أو أن يلعب البعض منا دور حراس الفضيلة.. فلقد تعب البحر من بلع قواربنا الورقية، كما مل الشعب الانتظار على أرصفة الصحوة، فشعاب البحر وملح الأرض، باتا يصرخان: كفاكم تسابقاً نحو لعنة المصير، حيث ينبئنا التاريخ بما لا يدع مجالاً للتأويل أن عدم توحدنا يعني سقوطنا من أعلى منصة الضوء إلى خشبة مسرح لا يرتاده المبصرون.
أوليست المغالاة والتشدد في المواقف طعن للوحدة ولعنة لنا ولها؟؟ أوليس سلب الوعي وتكميم الأفواه لعنة مركّبة؟؟ أوليس التفسخ السياسي والضياع الثقافي وصفة مجربة للعنة المصير؟؟؟
هنا وما بين المقدمة والخاتمة كانت أحوال عقدنا الأخير ونحن نكتب مصائرنا بأيدينا لا ليعيد التاريخ نفسه وفقط، وإنما لنؤكد مرة أخرى أن هذه اللعنة ستبقى تلاحقنا لا لشيء إلا لكوننا عادة ما نجري مقاربة عوراء لتاريخنا ما بين المأساة والمهزلة.



#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -وطنٌ واحدٌ لأكثر من موت-
- بين ما وقعته المنظمة من قبل وما يمكن أن توقعه حماس من بعد؟
- انتفاضة بأدوات وخصائص مختلفة
- أخرسوهم قبل أن يتكاثروا
- غزة.. حياةٌ وقيامة
- الاغتصاب الأمني
- السيسي فوبيا
- مازال في الحياة متسعٌ
- حروفُ العلة
- الثقافة، وجامعاتنا، وبطانة السوء
- الشلام عليكم
- سوف ننتصر يومًا ما
- تسريبة وأربعة مشاهد
- اللصوق بالمتر المربع والدولار المكعب
- أبغض الحلال
- هناك باب.....
- ما هَمَّ...
- خللٌ في نطقِ الآه..
- كلُّ ما في الأمر....
- أنا والموت....


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد زكارنه - التاريخ ما بين المهزلة والمأساة