أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد زكارنه - -وطنٌ واحدٌ لأكثر من موت-














المزيد.....

-وطنٌ واحدٌ لأكثر من موت-


أحمد زكارنه

الحوار المتمدن-العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 23:50
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


العنوان أعلاه هو تَحريف بتصرّف من روايةٍ جديدةٍ لروائيّ شاب طرح قضيّته الوطنيّة في إطارٍ شخصيّ، حينما عالجَ مسألة الهويّة والمكان، فضلًا عن قضايا من وزن المعنى لكلّ شيء، والوجوديّة ببعدها الفردي والجمعي، وصولًا إلى العدميّة، وبين هذه وتلك قضيّة الموت باعتباره الشّكل المكمّل للحياة بمعناها المادي، وقد جئت بهذا التّحريف الذي يعود أصله للكاتب الشابّ تحتَ عنوان "رجلٌ واحد لأكثر من موت" لكوننا جميعًا بحاجةٍ ماسّة للسّؤال، أكثر من حاجتنا العميقة للكثير من الإجابات، خاصّة من أولياء أمورنا السّياسية.
ولعلّ الأمر برمته هو أنّنا نستطيع أن نلاحظ حينما تُطرح إحدى تفصيلات قضايانا الداخليّة بوصف مجموع التفاصيل هي التي تشكّل الحدث، أيّ حدثٍ سواءً أكانَ صغيرًا أم كبيرًا، هذا الطرح الذي عادة ما نُدخله وندخل معه وقبله وبعده، في جدل عقيم، عوضاً عن ضرورة طرحه بأسلوب فكري يشبه بشكل أو بآخر، حالة العصف الذهني الجمعي الذي أظنّه صحيًّا إلى حدٍ يمكن من خلاله أن تُبنى الأوطان.
نحن - وأعني الكلّ الحزبيّ في هذه البلاد، بين مشروعيّة السّؤال واتهام السائل بعديد التّهم- نمارس فعل الرذيلة المجتمعيّة، حينما ندّعي ملكيتنا الحصريّة للوطنيّة، وحقّ تخوين الآخر فقط لأنّه آخر بفكره وانتمائِه، ما يعني أنّنا نمارس فاحشة ما ننتقده من عنصريّةِ هذا المحتل ليلَ نهار، ليُقتل الوطن مرّة من المحتل، ومرات بفعل مزايداتنا الرّخيصة على بعضنا البعض.
الرّواية التي حرّفتُ عنوانها، تؤكد في مضمونها العامّ أنّ الوجوديّة عندما تتصارَع مع العدميّة في نصٍ سرديّ واحد، تجعلنا نَعتقد للوهلة الأولى أنّنا أمامَ حالةٍ يعتريها التّشوش إلى حدٍ بعيد، ولكن مع تتبعِ الأحداثِ وما يدور في هامشها، يجدُ المرء نفسَهُ بقصد أو دون قصد في حالة بحث دؤوبٍ عن الوجوديةِ بوصفِها الطريق الأمثل ربما للوصولِ إلى العدميّة، إنْ صحَ الربطُ أو التوصيف في مثلِ هذه الحالة، حالتنا.
"رجلٌ واحدٌ لأكثرَ من موت" هي روايةٌ تقدّمُ عالمًا سرديًا مختلفًا من جهةِ طرحِ الأفكار، وحبكةِ المشاهد، بهدفِ مناقشةِ فكرةِ (الزّمكان) بأسلوبٍ فلسفيٍ يعتمدُ بالأساس على حضورِ صوتِ الراوي العليم في بعدهِ الإنساني مرةً، والقوميّ مراتٍ أخرى.
وفي هذه الرّوايةِ التي تعدُّ العملَ الثاني للكاتب "محمد جبعيتي"، نجدُهُ يعالجُ القضيّة الوطنيّة، ويتناولُ الأساطير، دونَ إغفالِ المرورِ على التّجاربِ الإنسانية الأخرى، كتجربةِ الهنودِ الحمر، ربما لضروراتِ التأكيد على أنّ عواملَ كالقوميةِ واللغة مثلًا، هي عوامل فارقة تندرجُ ضمنَ اشتراطاتِ المجابهة الناجِعة لأيّ شكلٍ من أشكالِ الاستعمار أيًا كان وصفُه أو عقيدتِهِ، وبالرّغم من ذلك نجدَهُ "أي الكاتب" يغوصُ عميقًا في حالةِ استلابٍ واستسلامٍ تدفعُه لتركِ الخاتمة مفتوحةً على غدٍ مجهولِ الهوية، وربما على بداياتٍ معلومةِ المصدر والنتيجة.
والسؤال هنا: هل يمثل الكاتب حالة فرديّة أم حالة جمعيّة؟ أكانت عوامل كالقوميّة واللغة، عوامل مساعدة لمجابهة الاحتلال فعلًا، أما أنّنا شوهنا ما يجمعنا لنُدخل اللّغة في أنانيتنا الفرديّة والحزبية، والعشائرية والطائفية إلى ما هنالك من عبث مقيم؟
الموتُ في الرواية حاضرٌ بوصفهِ قيمةً لا تقلُ أهميّةً عن قيمةِ الحياة، إن لم تتفوّق عليها باعتباره -وأقصد الموت- الحقيقةُ الأكيدةَ المفروضة على كلّ البشر، غير أنّ الكاتب في روايته يطرحُ قصةَ رجلٍ يخطفهُ الاكتئاب حدَّ الغرق في السوداويّة، وإن كان دائمَ البحثِ عن الخلود، ما يجعلهُ في صراع دائم ومتحرك بين محاولات الخلود والحقّ في اختيار شكل الفناء ولو عبر الفنتازيا.
أمّا البنية السردية للعمل فقد أشبَهت إلى حد بعيدٍ بنية الواقع المجتمعيّ في فلسطين والجوار، فوظفت المشروعيّة الضمنيّة للروائيّ في البحث والتقصي، لينهل الكاتب من الاقتباسات المعرفية ما يشاء، بشكل لم يأت على سبيل المصادفة، وهو بالضّبط ما يمارسه البعض منّا في رفعه للشّعارات الفارغة من أيّ مضامين وطنيّة واضحة، وإن قصدَ الكاتب غير ذلك.
في حين أنّ خاتمة الرّواية تطرح عدّة أسئلة مَشروعة وشائكة في آن واحِد، كقوله: هل أنا ضحيّة أم جلاد؟ هل العدالة في الانتقام؟ لِمَ تأخذنا الحياة إلى دروب لا نشتهيها؟ وهي أسئِلة يختلط فيها الفلسفيّ بالوجوديّ دون إغفال الواقع بكلّ أبعاده المأساويّة، ما يطرح على الكلّ الوطنيّ أن الخلاصة الأكيدة في مثل حالتنا الوطنيّة الهشّة، أنّنا جميعًا ودون حسابات الصّواب والخطأ، نتحدث عن وطنٍ واحد، محتلٍ، محاصرٍ، معنفٍ، معذبٍ، مسلوبٍ، مسروقٍ، ولكنّه وطنٌ واحدٌ لأكثر من مَوت، قد نُموّته بأيدينا قبل أيدي أعدائنا.



#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ما وقعته المنظمة من قبل وما يمكن أن توقعه حماس من بعد؟
- انتفاضة بأدوات وخصائص مختلفة
- أخرسوهم قبل أن يتكاثروا
- غزة.. حياةٌ وقيامة
- الاغتصاب الأمني
- السيسي فوبيا
- مازال في الحياة متسعٌ
- حروفُ العلة
- الثقافة، وجامعاتنا، وبطانة السوء
- الشلام عليكم
- سوف ننتصر يومًا ما
- تسريبة وأربعة مشاهد
- اللصوق بالمتر المربع والدولار المكعب
- أبغض الحلال
- هناك باب.....
- ما هَمَّ...
- خللٌ في نطقِ الآه..
- كلُّ ما في الأمر....
- أنا والموت....
- مصر يامه يا بهيه…


المزيد.....




- مصير الرئيس التنفيذي بعد كشفه بفيديو يعانق موظفة بحفل كولدبل ...
- إصابة عدة أشخاص بدرجات متفاوتة بعدما صدمت -سيارة مجهولة- حشد ...
- فضيحة العناق خلال حفل كولدبلاي.. شاهد كيف سخرت مواقع التواصل ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة معظمهم من منتظري ا ...
- بدء انتشار القوات الأمنية.. الشرع: نتبرأ من جميع المجازر وال ...
- تطمينات أمريكية وإسرائيلية قبل بدء العمليات.. هكذا خدعت واشن ...
- وسط خلافات داخل الحكومة.. استطلاعات الرأي تظهر تأييد الإسرائ ...
- استطلاع: لهذا يرفض غالبية الألمان حظر حزب -البديل-!
- رسالة واتساب تساهم في إفشال انتقال نيكو وليامس إلى برشلونة
- مروحيات إسرائيلية تهبط بخان يونس وتجلي جنودا مصابين


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد زكارنه - -وطنٌ واحدٌ لأكثر من موت-