أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - البحرين كلاكيت أول مرة















المزيد.....

البحرين كلاكيت أول مرة


سوزان خواتمي

الحوار المتمدن-العدد: 1544 - 2006 / 5 / 8 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


تقول جدتي : إذا أحب الله عبده أراه أرضه..
خطر لي ذلك فيما كانت الطائرة تحوم فوق البحرين، أنظر من خلال النافذة فأجد الماء محدداً بزوايا قائمة، وليصبح مهبط الطائرة الجزء اليابس من بحر غامر..هو امتداد الماء في الأرض أو امتداد الأرض في الماء..
دعك مما أدعيه بأني " قدها وقدود" فأنا بطبعي أميل إلى الجبن، وأتنكر بزي اللامبالاة في محاولة لتجاهله، لكن السفر بشكل عام يوترني، فما بالك حين أكون على موعد مع أرض لم يسبق لي زيارتها وبين أناس أراهم للمرة الأولى..
فاجأتني ابتسامات لم تتم صياغتها مسبقاً، من غير ادعاء، وأكثر مما توقعت، ابتداء من موظف الجوازات الذي منحني التأشيرة وهو يرحب بي " حياك الله أهلا بكِ.. أول مرة تزورين البحرين؟"
التأشيرة عند بوابة المطار وبمنتهى السهولة ليست سوى أول اختلافات البحرين عما حولها من دول الخليج التي تتعسر فيها " سمات الدخول " مثل طلق صعب يتحول في بعض الأوقات إلى مستحيل ..
جاءت لاصطحابي من المطار الشاعرة فاطمة محسن تلك السمراء التي لا تعرفني ولا أعرفها قبل اللحظة.. لوهلة فقط.. أنت فاطمة؟ .. إذن أنت سوزان!..
أظن أن النساء قادرات على تجاوز لحظات المعرفة الأولى بالكثير من الأحاديث العامة التي تتداعى بسهولة مطلقة، ابتداء من اللهجات المختلفة للشعب البحريني واختلاف نطق اسم ثمرة "الباذنجان" بحسب تعدد الألسن في البحرين نفسها، ومقارنتها مع اللهجة السورية المختلفة أيضاً وفق المناطق، مروراً بوصف المكان وأهم ميزاته أثناء عبورنا الجسر الذي يصل جزيرة المحرق حيث المطار بالمنامة عاصمة البحرين..
الضوء الغامر سمة هذه المنطقة من العالم حيث الشمس "مبسوطة "غالباً.. سوى أن الجو كان لطيفاً بدرجات تسجل أنه موسم الربيع ويؤكدها النسيم الذي سيتحول إلى لسعة باردة خلال الليل.
أخيراً أنا في البحرين..! أرخيت أكتافي، ونفضت عبء اللقاءات الأولى، وتربص النظرة الأولى التي تألف فتتقارب، أو ترفض فتنأى، صرنا أصدقاء، قبل أن أحضر قلت لفاطمة عن طريق الايميل : تبدين لي لطيفة والماء يكذب الغطاس ..
نعم كان وجه فاطمة المحسن مسؤولة الأطياف الشبابية مبشراً بأن كل شيء على ما يرام ، رغم أنها هي أيضاً كانت متوجسة ومتعبة لانشغالها بترتيبات الأمسية التي دعتنا أنا والصديق الشاعر خلف علي الخلف إليها باسم المنتدى الثقافي الأهلي، وملاحقة كل التفاصيل، والعناية بضيوفها"نحن"، في الوقت نفسه كانت أمها مريضة..سأشعر بالذنب لاحقاً.
شغلني المكان، و رغم أني قادمة من مكان مشابه هو الكويت حيث يتآخى المناخان، لكن شعوري بالطمأنينة نسجه متسع من الحرية تطفو على منمنات هذه الدولة، هنا حيث مزيج كل شيء بكل شيء، استرعى انتباهي كبار السن الذين يعملون كسائقي تكاسي، كانوا من العجائز الصنف الذي أحب الإصغاء لثرثراتهم وذاكرتهم العتيقة، هم لا يوصلونك إلى وجهتك فقط، بل أيضاً يشاركونك قصة ما عن المكان وأهله، عن أصول العائلات والامتداد التاريخي.. نحن أبناء ديلمون! هكذا إذن أيتها المدينة العتيقة عتق الزمن..
أحدهم..وهو الذي أوصلنا إلى مكان الأمسية الشعرية في منطقة المصلى..أكد بثقة أن شعر هذه الأيام لا قيمة له، وتلا علينا بأريحية شعراً يحفظه أو من نظمه، ورغم الإلحاح كي يكون ضيفنا، إلا أنه اعتذر، ربما تخوفاً من شعر وشعراء هذه الأيام، مكتفياً بالدعاء لنا..
إنها الإلفة، و اعتياد رفع الكلفة كما يليق بشعب البحرين..ليس فقط عند أشخاص يشرعون أرواحهم على الملء، فيزيلون عنك عبء الغربة، إنما أيضاً في أبجدية المكان حيث المقاهي الكثيرة ، متعددة الطراز، بحسب نوعية الزبون والخدمة المطلوبة، المطاعم التي زرتها كانت أنيقة بدرجة عالية، أحدها -لافونتين- كان عبارة عن منزل قديم لعائلة (أكبر ) تحول إلى مدرسة ثم إلى مطعم وجاليري كما أخبرنا الفنان التشكيلي الجميل- وليد الغرير - ضخامة الدار والساحة التي تتوسطها بركة يتصاعد منها الماء إضافة إلى ارتفاع الأشجار المحيطة، واختلاط المكان القديم بالديكور البسيط الذي اعتمد على قماش أبيض وإضاءات مصنوعة من مواد أولية.. في حلب مدينتي أيضاً كثر هذا النمط في تحويل البيوت القديمة إلى مطاعم وأماكن سهر وكافتريات، هناك من يعترض على الفكرة كونها خدش لقيمة الماضي وتحويله إلى سلعة، لكني أؤيد تلك المشاريع، حيث أن الأماكن القديمة والأثرية تصاب بالعزلة، نادراً ما نزورها حتى حين تكون متحفاً ما، عبر هذه الأفكار التسويقية- ربما- لكنها تمسح الغبار عن الماضي، تعيد له الحياة لتتعشق فوق نوافذ يطل منها جدي وجدكَ، ليشاركنا السمر مع ثلة من أصدقاء وصديقات من أحفاده.
في الصالون الأدبي الأنيق، دخل رجل متقدم في السن، كان ملفتاً، قيل لي أنه " عبد الرحمن كانو" راعي المكان، استغربت اهتمامه بالأدب حتى هذا العمر، أظن أني سأسجل من خلاله تحية لجيل يراهن على اختياراته ويستمر بها، فيما نفقد نحن صبرنا بسرعة أكبر، أحياناً أصاب بنوبة إحباط فأتساءل بيني وبين نفسي، لماذا تتعبين نفسك يا سوزان.. وإلى أي فائدة.. في زمن لا يقرأ..؟ احترمت اختياراته ودأبه ووجوده بيننا، في الوقت الذي لم يحضر أستاذاً سورياً كنت أتوسم فيه الكثير، ليس لأجل قامته العلمية في الأدب، ولكن لأجل( حماوة ) الدم، لكن يبدو أن النسيج السوري أكثر قابلية للتخلخل داخل وخارج البلد، سيتصيدون لي على هذا الرأي.. أعرف، لكنه نابع من موقف من أشرت إليه، ولا أبالغ حين أقول: أحبطني..
لماذا أعد الغائبين وبيننا من الحضور دلع المفتي- الفياضة- صديقتي الكاتبة السورية/ الكويتية التي تعرف وأعرف أنها تعنت السفر وغيره كي تمدني بالقوة ولم تبخل.
أكدنا للجميع – أنا وخلف- أننا سنكون خفافاً لطافاً ولن نثقل، رغم جاذبية المنصة والمقاعد وإضاءة فلاشات الكاميرا المغرية، تراهنا على أن تكون أمسية من النوع الخفيف، قرأت..وقرأ خلف.. وخُتمت الأمسية على التشويق وعلى أن أجمل الكلام هو ما لم نسمعه بعد.
بعد الأمسية الرشيقة تماماً انعقدت الأحاديث الجانبية وما تبعها من ود مصحوب بكؤوس الشاي والمعجنات، التي ياللخسارة كنت مشغولة فلم أستطع الإجهاز عليها، سأبقي ذلك أمانة في عنق أخوتي البحرينين، وستكون حجة أتذرع بها لزيارة قادمة، لأني أكيدة بأن من يطئ أرض البحرين مرة سيفعلها مراراً.



#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افكر بكتابة زاوية وليس لدي فكرة محددة
- كسارة البندق
- لماذا تبكي النساء
- عصفور الغفلة
- قبلة أنيقة لموتٍ محتمل
- تعال كثيراً مادمت أورطك بجنوني
- كتابة بالأحمر الرديء
- عشر خيبات لمولود
- طين يبتكر ضلوعه
- كفن من ضجر
- ِمن يعثر على وجهي؟
- زهر البرتقال
- منذ زمن لم تضحكك طفلة
- أسميك حبيبي
- زمن يشتعل في النسيان
- فانتازيا الحب
- ابتهجوا أيها الرجال : المرأة تؤيد ضربها
- إليك تزحف المسافات يا وطن الزجاج
- مناصفة نتقاسم الحب عتبات وعرائش
- صلاة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - البحرين كلاكيت أول مرة