أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - فانتازيا الحب














المزيد.....

فانتازيا الحب


سوزان خواتمي

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:05
المحور: الادب والفن
    



ـ "اتركيني لشأني". صرخ زاعقاً، وأشاح بوجهه عني.‏

أول دهشتي به يوم كنت أقفلت بنزق من طفولتي، أهرب من بين ذراعي مربيتي.. ألبس ملابس أمي الفضفاضة، وأحذيتها التي تطل بي على عالم منتظر.. أسكب ألوان زينتها بسخاء فوق وجهي.. أعتلي منصة الحلم، ثم أختبئ بذنبي هنا أو هناك، فلا يجدني العفريت الأزرق.‏

لم تتملكني أدواري التمثيلية حد التشبث، فما أن تنطفئ طاقتي على اللعب، حتى أضع إبهامي في فمي، وأغفو مستكينة إلى حضن أمي الدافئ.‏

لكن الخطى أقدار.‏

كنت ألعب لعبة النصر القديمة، وأبحث عن فارس.‏

حين دخلت عليه، لم يزعجه أزيز مفاصل الباب الصدئة، ولا ارتطام القبضة النحاسية المتعمد بالحائط الإسمنتي خلفي، بل إن دخولي العاصف، لم ينتشله من انشغاله.‏

كان وحيداً، كما ينبغي لرجل فقد الثقة بعالم مشوش، مشغولاً بإطفاء الشمعة ولعن العتمة، يخطط دون ضجة لـ "ترك الشقى لمن بقى" والهروب بجلده. يقف أمام أبواب السفارات كل صباح، حتى تؤلمه تآليل قدميه.‏

فرغ رأسي سوى من هاجسي به.‏

ياااااااااه حلمٌ عصيٌ لا بد من تحقيقه.‏

لم آبه كثيراً للعقوبة التي نلتها جزاء غيابي الطويل.. ولم أبك أيضاً.. فقط خلعت ثياب طفولتي.. احتفيت على طريقتي بدقة قلب طارئة.. وأغمضت عليه.‏

لم أعد آبه كما كنت‏

*****‏

ـ "الحب قضية خاسرة.. دعيني لشأني" صرخ بي.‏

مهزوم من لا يحاول.‏

بدأت من حيث لا أمل.. أخطط لوجودي الحاسم في حياته.. كأنها مهمتي الأخيرة والمستحيلة، حشرت نفسي فاصلة اعتراضية بين جملتين، ففي النهاية ـ ورغم إصبع الحذر ـ لن أملك من أمره أكثر من السنتيمترات القليلة الشاغرة داخل قضبان صدره، وهو المشغول بهم الرحيل غرباً.‏

تعاقبت على أوقات أطول من صبري.. قلبت الأمور على وجوهها لأكتشف فجوة العبور إليه.‏

تسللت إلى تفاصيل حياته اليومية.‏

صباح هذا الرجل يبدأ بأن ينزل قدميه ببطء عن فراشه، مغمض العينين، مستسلماً للمشهد الأخير من حلمه..‏

راودته على واقع في قبضة اليد، فانتفض بداء ـ لا فائدة ـ.‏

شهريار عنيد، لا يستسلم بسهولة لحكايات ألف ليلة.. لكن!‏

طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وهل من بديل عن التقدم اندفاعاً؟‏

كانت خيالاته تنعكس في مرايا الروح، مثل رغبة لا تقهر.‏

ما بين عالمينا برزخ من حكايات فاشلة وحارس، أشهر في وجهي سيف يأسه وزمجر مقطباً:‏

ـ "إنه لا يستحق.. ستندمين".‏

ارتجفت ليقينه.. سألته إن كان يضمن الغيب؟‏

قلب كفيه قائلاً:‏

ـ "ومن يفعل..؟"‏

إذن من طين وأخرى من عجين، لا أسمع.. من أجرؤ من قلب متقد؟‏

في أول فرصة للانعتاق، تجاوزت الحواجز الفاصلة، والسيف الباتر، وكلمة ـ لا ـ التي أصبحت ـ نعم بالتأكيد ـ‏

قفزت إليه بخفة عاشقة متلهفة، فكل ما أملكه وقت ضيق ليس أكثر من إشراقة شبابي الطري، وتلك الأعذار التي يرطن بها موظفو السفارات ليرفضوا طلبه.‏

****‏

ـ أيتها الشقية ألا تتراجعين؟" صاح بتعب.‏

لا يمكنني التخلي عنه.‏

اتخذت هيئة العاشقات: انتفاضة بدن.. تورد طفيف.. بريق لا يخفى على أحد.. إيماءة تدعوه، ثم تستحي.‏

ضحك مني حتى دمعت عيناه.‏

"صغيرة على الحب" ذكرته بسعاد حسني التي انتهت قافزة من برج عال.‏

بدأ يلاحظني، سعاد.. هند.. ليلى.. رجاء، لا يهم، أنا له كل الأسماء، خطتي لا تنتهي عند هذا الحد، بل تبدأ من هنا.‏

اختصاراً لوقت مهدور يلسعني، وبحسب ما تقضيه لعبة الأشباح والأرواح، احتفظت بالموقع المناسب ما بين الحنين والذكرى، فلا أهمد في بقعة واحدة، أتحرك هنا وهناك، وتزوغ عيناه ورائي.‏

التصق بي كما أريد، وبادلني قبلة ساخنة.‏

بقدر ما أذكر أفلتني من بين ذراعيه.. التقط سماعة الهاتف الرمادية.. ضغط فوق الأرقام المطلوبة، طالباً فنجان قهوة وأحد أصدقائه، لاذ بهما من كارثة شعورية يتحسب لها، وأعاد من البداية حساباته.‏

أسعدني ارتباكه، وحدة مزاجه، ورجلاه اللتان تدوران لتعود إلى نفس النقطة، حيث أنا!‏

**** ‏

ـ "من أنتِ.. من أين لك القدرة على كل هذا الحب؟" سألني.‏

أدركت أن السهم أصاب هدفه، وأن جليد مشاعره يذوب.. ويذوب. صار لـه مزاج البارود، يشتعل لأدنى سبب، وحين صرخ مستغيثاً مني.. ناداني.‏

في اللحظة الحاسمة، استجمعت كل ما قد يشكله الشوق، وظهرت، ليعلن بخاتم برق في إصبعي، أنه فكر بي طويلاً، وأني حبيبته التي فقدها أكثر من مرة وعثر عليها أخيراً..‏

مزق كل الأوراق الجاهز للسفر .. وقرر البقاء.‏

****‏

ـ "أفديك يا غالية" همس في أذني.‏

لا نصر دون فرسان.‏

سماءٌ عريضةٌ، وأحلامٌ تترى.‏

أفك حزام العشق الطارئ، وأتنفس الصعداء.‏

ها أنا أشبه كل النساء اللاّتي عرفهن قبلي، وكل النساء اللاتي لن يعرفهن بعدي أتقلب بصعوبة في فراشه ببطن منتفخ، أمص حبوب النعنع لنبقى معاً على أنفاس الحب النشطة.‏





#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتهجوا أيها الرجال : المرأة تؤيد ضربها
- إليك تزحف المسافات يا وطن الزجاج
- مناصفة نتقاسم الحب عتبات وعرائش
- صلاة
- أزمة شعوب
- الوطن والمواطنة - بين الحلم والممكن
- كمشة ياسمين تحت أقدام التعب
- مأزق العقل العربي والحدود المتاحة
- عفريت الكتابة


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - فانتازيا الحب