أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - مونة الجميلة ذات الشعر الطويل














المزيد.....

مونة الجميلة ذات الشعر الطويل


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 6279 - 2019 / 7 / 3 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


نرى أوربا وأمريكا بعيون نبتت في تربة التخلف البنيوي، طبيعي جدا أن نراهم في جنات خالدات، قبل هجرتي إلى أوربا كنت ارى ذلك بشكل يبدو طبيعيا، فنحن جيل مكبوت على كل المستويات، في المعرفة والتثقيف وغياب المعلومة، في الحريات الفردية والجماعية، في الحريات السياسية والإيديولولجية والعقائدية، في الحب كنمط غريزي حيواني عادي، وفي الإقتصاد: البطالة، غياب الأفق، "قلة الموارد"، بؤس في كل شيء، حتى في الإنتماء.
أول لبنة تقدمية وصلتني في طفولتي في السبعينات كانت أشياء مبهمة حول الإشتراكية، وصلتنا بشكلها الجنيني الذي يعني التشارك في العيش، وبشكل تراجيدي، وصحيح أن المباديء الاولى الطيبة للإسلام الفطري عندنا كانت هي أيضا شيء من هذا القبيل: "أطعموا المساكين.." حينها كنا حتى، نحن الأطفال نتنافس لإعطاء صدقة لأي متسول يطرق باب منزلك برغم كل ذلك البؤس العميق الذي كانت تعيشه أسرنا التي أصلا كانت في حاجة إلى التسول. كانت الإشتراكية شيء في وعينا أقرب إلى اعطاء الصدقة أكثر من شيء آخر، لكن كانت الحرب الأفغانية مثيرة إعلاميا لدرجة رفع فيها الجهاد الدولي، لا اتصور كيف كان الأمر لكن، في منطقة موغلة بين جبال الأطلس المتوسط، بعيدة عن أفغانستان بعد السماء عن الأرض، كان مما أتذكره، حوار مع راعية الغنم الذي حظي أخوها بالعمل في مناجم جبل عوام، راعية جميلة بشعر أسود مسترسل حتى قدميها، كانت يتيمة الأب، وكانت أسرتها عموما تعمل على تربية غنم مقابل ربع المواليد، بؤس آخر، لكن اخوها الشاب الذي حظي بفرصة العمل في المنجم، برغم أنه غادر الغابات الأطلسية حيث المراعي الخصبة لينتقل إلى أدغال جبل عوام لممارسة العمل به، كان قد أبقى على ممارسة الرعي مزيدا في الإستفادة من ربع مواليد الغنم الجديدة مضاف إلى عمله في المنجم، ليضيع حق مونة الجميلة، راعية الغنم ذات الشعر الطويل، حقها في التعليم.. لقد كانت الواقعية في العقل الأمازيغي، على الأقل نحن في الأطلس المتوسط، كانت عقلية هم، وتعني ببساطة القيام على كل ماهو نفعي للأسرة، تعني العمل على أي شيء بدلا من التدخين ولعب الكارت وشرب الخمور والتصكع في المقاهي، أتذكر انها كانت أمور محرمة وكانت بالفعل في الثقافة الجمعية مما ينظر إليها بالسلبية المطلقة على الرغم مما يثار حول قيمتها التمردية في مجتمع متحول يفقد حريته في دولة مركزية لم تكن أصلا تعرف تيط إفسثن بغابات الأطلس المتوسط، وأذكر أن واحدا من المتمردين ممن يمارس كل هذه العادات (شرب الخمر، "الكيف"، لعب القمار ، التدخين وغيرها..) يشبه إلى حد ما في وقتنا الحالي ملعوني آكلي رمضان) كان مبغوضا في أسرنا أو بالأحرى في مجتمعنا وكان يضرب به المثل في التفاهة. كان الطيب منا هو من لا يدخن ولا يشرب الخمر ولا يلعب القمار، وطبعا لايسرق ولا ولا...، لكن لم تكن الامور بمعيار ديني بل بمعيار نفعي ، كانت هذه الامور من مبطلات الإنسان العامل المسؤول نحو اسرته، اذكر هذا وانا لم أنسى موضوع مونة الجميلة مع أفغانستان، لكن بالفعل الشيء بالشيء يذكر فنحن أصلا لم نبلور الصورة الحقيقية لمجتمعنا أيام زمن التحول..
كان نظام بومدين بالجزائر في الأصل يساند الإتحاد السوفياتي في أفغانستان، أما المغرب فطبعا كان ذيل السعودية في كل شيء وكان ذلك طبيعيا لدى عموم اسر المغرب، فنحن مسلمون وفي فطرتنا الإنتمائية كانت السعودية كعبتنا في التوجيه والتفكير وما إلى ذلك، وفوق كل ذلك هي ارض النبي والخلفاء، فنحن شعب مسلم على كل حال، كان ميلنا إلى السعودية فطريا ايضا ولم يكن ملطخا بمال البترول ومساعدات امرائها للنظام المغربي، كانت السعودية مقدسة في وعينا الفطري المرتبط بالإسلام، فهي بلاد "الحج" والحاج عندنا اشرف من إمام يفتي في المحرمات ويعيش مما نقدمه له في إمامته مقابل تعليم أطفالنا وقيام الصلوات ، فقيمة الحاج التي ورثناها في ذلك الزمن السبعيني نابعة من إرث الرحلات الماراطونية ، ونحن شعب يومن كثيرا بالحكي والسرد، وحكايا الرحل والمسافرين إلى بعد معين أحسن بكثير من حكايا الجداة، وابن يطوطة عندنا ظاهرة حكائية أكثر من واقعيتها بسبب هذا التأثير، السعوديون وهنا أضطر لفتح قوس ( السعودية بالنسبة لجيلنا في السبعينات لم تكن مقرونة بآل سعود، وإن فيما بعد علمنا كيف خلقت هي تاثيرها في بعض الجماعات المشرقية عندنا، وهو امر مسيء لعلاقاتنا الروحية الإيمانية، كانت السعودية عندنا في السبعينات، في وعينا الفطري هي ارض النبي وليست أرض آل سعود ولم نكن نعرف عنها اسما آخر في جيلنا إلا عند اللذين حظيوا بشرف التعليم ، فهي عندنا كانت ارض مكة او أرض المدينة أو أرض الحجاز او أرض نجد، حتى في ظل الإمبراطوريات العربية كانت تمييزا تنتسب إلى ارض مقدسة، مثلا ومن داخل الإمبراطورية العباسية كانت هي أرض الحجاز ومنبع النبوة، كانت لها مكانة قدسية أكثر من مكانة دولة او إمبراطورية أو شيء من هذا القبيل ). حتى حدود السبعينات كانت السعودية أرض مقدسة، بمعنى ارض الحجاز، أرض النبي.. هنا اتكلم عن وعي فطري ولا اتكلم عن أبحاث او تحقيقات بحثية علمية تؤدي غلى إعادة صياغة التاريخ..
ما يزكي نظرتي هذه هو وعي مونة الجميلة ذات الشعر الطويل، الراعية للغنم كما النبي، في تصورها للصراع في أفغانستان بين المعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة المغرب كما في وعي مونة، لقد كان هناك حدث ما (لا أذكره الآن) لدولة غربية بافغانستان، وتناقشنا حوله مع ابن عمها الطالب لتفاجئنا هي بسؤال بريء بالقول: هل تلك الدولة من المغرب ام من الجزائر؟ وصحيح أننا ضحكنا من الامر انا وابن عمها، لكن الحقيقة ترسخت عندي بشكل لافت كوني أيضا في طفولتي المبكرة كان العالم عندنا هو قسمان: عالم الجزائر الذي ينتمي إليه الإتحاد السوفياتي وعالم المغرب الذي تنتمي إليه الولايات المتحدة.. تصورا كيف رضعنا حليب التلفيق في قضية الصحراء بين دولتين هما في الأصل تجمعهم أكثر من قضية لينقسم العالم في وعينا الطفولي إلى عالمين: عالم الجزائر وعالم المغرب .



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النوم في البرلمان
- -قفة- البؤس وأجمل ملكة جمال في العالم
- من حكايا المهجر
- تساير عصية على الموت
- مشكل اللغة مرة أخرى
- حسين مروة
- حول الإسلام المثالي
- لا أومن بإله يهتم اصلا بأخطائنا
- مهدي عامل الرائع
- كلمة شكر إلى الأستاذ سعيدي المولودي
- يسار البؤس
- دائرة المشردين -مريم ملاك-
- جمال خاشقجي ومثلث بيرمودا
- الغاشيات
- اشكالية اللغة العربية هي إشكالية طبقية وليست عجز في اللغة (م ...
- اللغة المغربية وخرافة الخدش للحياء العام
- الكلب المهجور
- حول عمل التنسيقيات والمنتديات الاجتماعية
- جار القردة
- حول عسكرة الحسيمة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - مونة الجميلة ذات الشعر الطويل