أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوتيار تمر - الوعي السياسي الغائب















المزيد.....

الوعي السياسي الغائب


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 6276 - 2019 / 6 / 30 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الوعي السياسي الغائب
جوتيار تمر / كوردستان
28-6-2019
تنطلق اغلب الاراء والمقولات حول الوعي بصورة عامة والوعي السياسي بشكل خاص، وفق نمطية متكررة تتخذ من معطيات لونية بلاغية مغايرة شكلاً عن سابقتها كذريعة لفرض ممكناتها باسم التجديد والتطور، على الرغم من انها في الاصل تحمل المضمون نفسه، والنسق نفسه، والتوجه نفسه، بحيث يلاحظ المتابع الواعي ان تلك المقولات والاراء ليست الا كاسطوانة تكرر نفسها فما ان تنتهي حتى تبدأ بالدوران مرة اخرى، ولكن ربما بايقاع ظاهري مغاير يظهر لمن لديه الاستعداد بالتلقي بانها مختلفة، هذا الامر بات يؤرق العاملين على تطوير بنية الفرد داخل المجتمعات، ويؤرق في الوقت نفسه المختصين في المجالات الحياتية المنوعة والمختلفة من سياسة واقتصاد واجتماع، ولعل اكثر ما يؤرق حتى الشرائح المثقفة اصبح ما يتعلق بالوعي السياسي، حيث بات الكل محللين سياسيين، واصبح الكل من مكانه يطلق الاراء ويحكم على المسارات التي تتخذها الحكومات، وليس بمخفي عن المتابعين دور وسائل الاعلام اللاواعية ، والاعلام التجاري ، والاعلام الحزبي المعارض في هذه الاشكالية، بحيث تحولت المجتمعات التي لم تتبنى الوعي كمنطلق اساسي لصيرورتها التطورية اشبه بالمختبرات " فئران مختبرية " تمارس الدول الكبرى اختباراتها عليها وبمساندة واضحة من وسائل الاعلام التي لاتنتهج اية وسيلة اكاديمية في البحث عن مصدر الاشكالية وتقديم حلول منطقية تناسب الواقع ، لا للافكار الحزبية او حتى التوجهات الاقليمية والاجندات التي تعمل تلك القنوات الاعلامية تحت تصرفها، ووفق اهدافها، وذلك لأن مصطلح الوعي السياسي مرتبط من الناحية الواقعية بالوقائع والاخبار، باعتبارها افرازات قوى الواقع التي تقذف الى ساحة الاهتمام بقضايا متجددة.. تؤثر على الانسان تأثيراً مباشراً، ومن هنا يأتي الاهتمام الكبير بوسائل الاتصال " الاعلام " من قبل القوة المتعارضة والمتصارعة.. سواء في اوقات السلم ام في اوقات الحرب.. بل ويمكن ملاحظة ظاهرة الاعلام حتى في العلاقات الفردية والجماعية المحدودة ،(د.صلاح الدين النكدلي، الوعي السياسي ضرورة حيوية، مجلة الرائد، العدد 180،حزيران/يونيو 1996).
لايمكن حصر التعريفات فيما يتعلق بالوعي السياسي، لانها في الاصل تأتي وفق الرؤية الخاصة بالمجتمعات، ووفق الانظمة التي تتبناها تلك المجتمعات، ولكن غالباً ما توجد خيوط مشتركة بين تلك الاراء ، ومن تلك الاراء تعرف الوعي السياسي على انه مدى معرفة وادراك واهتمام الناس بالقضايا والمؤسسات والقيادات السياسية على مختلف المستويات المحلية والقومية والدولية فيما يرى البعض ان الوعي السياسي هو عملية تطورية لاكتساب المعلومات والقيم السياسية ومن هذه المعلومات يُكَون الفرد فهمه للمؤسسات والرموز والظواهر في البيئة السياسية من حوله، ليساعده على التطور والقيام بدور سياسي نشظ، باعتبار ان مرحلة الوعي هي التي يمكن ان تقود الفرد الى مرحلة اكثر تقدما، والتي تكمن في مرحلة الاهتمام والرغبة في متابعة المعلومات المتعلقة بقضايا البيئة السياسية، ومن ثم ليتطور ليصل الى مرحلة المشاركة السياسية، (عبدالله الفردي، الوعي السياسي في الاعلام،2010 ).
ويعرف الوعي السياسي على انه ايضا نمط من الافكار والقيم والاتجاهات التي تحدد من خلالها الاوضاع القائمة ويتجلى معها الشعور بالوجود الاجتماعي لطبقة او حركة اجتماعية متميزة، ومدى مواكبة موقفها السياسي لمفتضيات التغيير وتلبية اهدافها في السيطرة على المجتمع، كما يشار الى الوعي السياسي على انه حالة ذهنية تتمثل في ادراك الفرد للعالم من حوله على نحو عقلي او وجداني، ولاتتوقف تلك الاراء والافكار المتعلقة بالوعي السياسي عند تلك المحددات السابقة، بل تذهب الى ان الوعي السياسي عند المواطن والمجتمع هو نظرة الانسان تجاه محيطه وكيف يقرأه وما يتضمن هذه النظرة من معارف سياسية وقيم واتجاهات تتيح للانسان ان يدرك اوضاع مجتمعه ويحللها، ويحكم عليها، ويحدد موقفه منها والتي تدفعه الى العمل من اجل تغييرها وتطويرها والحفاظ عليها والابقاء على احسن الاوضاع المتطورة فيها بما يخدم مصلحة معينة وبالتالي تصبح الرؤية الشاملة للبيئة السياسية والاقتصادية والثقافية والوطنية والعالمية، ومن ادراك الواقع الداخلي المحلي والخارجي والاقليمي والعالمي والاحساس بالمسؤولية والتي جوهرها الالتزام بالثوابت الايجابية والاجتماعية القيمية والوطنية والانسانية والرغبة في التغيير مع الاحتفاظ بالثوابت الوطنية والاجتماعية والقيمية هي اهم المحددات للوعي السياسي،(د. محمد عيسى الكويتي ،الوعي السياسي واهميته لتطوير العملية الديمقراطية،جريدة اخبار الخليج، اكتوبر 2018 )،وعندما نتوقف لنقارن بين انفسنا داخل مجتمعاتنا وبين هذه المفاهيم المختلفة والمنوعة حول احدى اهم القضايا التطورية للبنى السياسية في المجتمعات الساعية لمواصلة ركب التطور العالمي، فاننا نجدنا امام احدى اهم المعضلات ايضاً لكوننا مازلنا نعيش طور ماقبل الوعي السياسي، ويتحكم بنا اما الاهواء والنزعات الاعلامية التي تحرك الرأي العام من جهة، او الحقد على المقابل لاسيما الحقد الحزبي الذي يتحول في غالب الامر الى وباء يجتاح مجتمعاتنا.
لذلك يعتبر الوعي السياسي عملية مركبة وتطورية لتداخل العديد من العمليات التكاملية الاخرى معها، ولعل جمع المعلومات وتشكيل الافكار وفق قاعدة منطقية وممنهجة تعبر بالفرد من منطقة الفوضى الاعلامية والفوضى الحزبية " المذهبية " الضيقة وتجعله يتفاعل مع الاحداث ضمن بيئته وما يحيط به من احداث ويعد ذلك من اهم وظائف الوعي السياسي.
تتداخل معطيات الوعي السياسي والثقافة غالبا في قوالب تساعد على انتاج رؤية اكثر شمولية، فالوعي السياسي اذ يصدر عن فكر، والفكر ينتج ثقافة معينة تؤسس لوعي سياسي يسود في المجتمع او في فئات معينة، واذا ما اعتبرنا ان الثقافة هي نتاج او تعبير عن مجموعة من الافكار والاشكال والقيم والهياكل السياسية المختلفة، فاننا نصل بالتالي الى نقطة تؤكد على ان الثقافة هي الاداة لخلق الوعي السياسي وتوجيهه، لذلك نجد بان المجتمعات الديمقراطية تجد في الوعي السياسي كمنطلق اساسي لها، وان اي انخفاض في مستوى الوعي السياسي للافراد والمواطنين يهدد الديمقراطية كمفهوم وسلوك، وبذلك يكون الوعي السياسي هو مصدر قيم من مصادر رفع مستويات الاحساس بضرورة المشاركة السياسية لدى الافراد، وذلك كي يبادروا في اتخاذ دور ايجابي في الحياة السياسية، من خلال المساهمة في وضع الاهداف العامة للمجتمع، وتقديم الاقتراحات، وجملة امور اخرى يمكنهم من خلالها المساهمة الفعالة في تطوير المجتمع، (الكويتي،الوعي السياسي؛ وينظر: فاروق يوسف احمد، السلوك السياسي،2010؛ صابر عبدربه، الاتجاهات النظرية فيتفسير الوعي السياسي،2002).
ووفق هذه الاسس يمكن ان نعتبر ان الوعي السياسي هو اكثر من ثقافة سياسية او مجرد مشاركة او تكوين راي وحوار وانشغال بقضايا المجتمع، فالوعي السياسي الحقيقي هو ان يشعر الانسان بانه ينتمي الى المجتمع " الوطن" ومن هذا المنطق يبدأ ببناء نفسه كفرد مساهم ومشارك في العملية التطويرية للمجتمع، وان لايكتفي بالسمع والمشاهدة " التلقي من الاعلام " بحيث تكون نظرته و رأيه مبنيان على اساس السمع والمشاهدة فقط، لانه بذلك لن يكون الا فأر تجارب تمارس تلك الوسائل اختباراتها عليه وفق اجنداتها التي تُملى عليها مسبقاً، ومن هذا المنطلق ندعوا الافراد داخل مجتمعاتنا الىى السعي والبحث من اجل اكتساب وخلق الوسائل التي تؤهله لكي يصبح فرداً منتجاً داخل المجتمع وان لايكون مجرد بوق اعلامي يستغله وسائل الاعلام والاطراف المتصارعة لبث سموم افكارها الهدامة التي تعيق سير العملية السياسية داخل المجتمع، لاسيما ونحن مدرك تماما ان وسائل الاعلام لدينا لاتبحث عن الانجازات السياسية اكثر مما تبحث عن الهفوات والتي تقع فيها الحكومات، بالطبع ليس من اجل اضفاء روح الديمقراطية والحرية الاعلامية انما فقط من اجل اثارة البلبلة والفوضى، بحيث تقوم بتضخيم بعض الامور اعلامياً وعبر جميع وسائل الاتصال الاجتماعي لاثارة السخط والغضب الجماهيري ضد الحكومات، بدل من طرح الاشكالية بشكل منطقي والبحث عن الحلول عبر الحوارات السياسية، والجماهير اللاواعية وعياً سياسياً تنصاع اليها وتصبح اداة لنشر الفوضى، ولذلك لايمكن للمجتمعات بافرادها ان تنضم لمواكب التطور والازدهار الا اذا ما تسلحت وعياً وثقافة وعلماً من جهة، والابتعاد عن الببغائية الفكرية، والذبابية بحيث تنجذب فقط نحو المواد التي تزيد من تردي الاوضاع وانتشار الفوضى السياسية والاعلامية.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم البيشمركة
- نرفض العشائرية.... ولكن..؟
- أنس حامل الورود
- مشكلة الكورد اشكالية للجوار
- هوية الكورد ودول الجوار
- بين وعي وادراك الواقع
- الوعي الاختياري لشعوب دول الجنوب
- امراء في الدولة الايوبية اصدار جديد للكاتب الكوردستاني جوتيا ...
- حين يكون الدستور لادستورياً
- لماذا الكورد وليس الاكراد
- يريدونها شراكة ولكن حسب قواعدهم
- ليس لدينا دول
- قراءة في نص - مواسم على كف غيمة - للشاعرة الفلسطينية عبير هل ...
- التظاهرات في العراق بين التنظيم والفوضى
- ما يسمى ب-دولة-
- القضية الكوردية بين الصراع الاقليمي والمصالح الدولية
- لماذا الان...؟ انفلاتات
- اين الوعي الانتخابي في انتخاباتنا
- العلاقة بين المرشح والمواطن
- نحتاج عقول تتجدد


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوتيار تمر - الوعي السياسي الغائب