أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - حكاية من حكاية














المزيد.....

حكاية من حكاية


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6266 - 2019 / 6 / 20 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


حكاية من حكاية
شخصيّاً أعتبر نفسي تلميذاً صغيراً مقلداً لأستاذه في فن الحكاية. أستاذي الذي لا يُجارى هو الدكتور عبد السلام العجيلي.
لم أعد أذكر في أي عام من أعوام الثمانينيات عُقد مؤتمر نقابة أطباء سورية في اللاذقية. حضر عبد السلام كضيف شرف. وأعطيت له الكلمة بعد أن أعتلى المنبر فرسان النقابة السياسيون المداحون الذين نزعوا منّا بجدارة مزاج الإقبال وتوقع الفائدة. وكانت القاعة في فندق الشاطيء الأزرق تغص وتبلع ليس فقط بوفود الأطباء، وإنما أيضا بطاقم السياسيين اللاذقانيين المستعدين للولائم والمناسبات كما هي العادة في كل محافظة.
بدأ عبد السلام كلمته متهكماً ساخراً: اليوم سأعرض عليكم اكتشافي الذي أزعم أنه مهم أهمية استثنائية. أسمّي هذا الاكتشاف بالتشخيص التاريخي الراجع. من خلال تطبيقه يمكننا أن نشخّص مرض الشخصية التاريخية الفلانية أو سبب موتها بعد مئات السنين أو آلافها. دعونا نطبق نظريتي على الخليفة الأموي معاوية ابن أبي سفيان. المعلومات التالية استسقيتها من مراجع عدة. كان معاوية في شبابه وسيماً، كما إنه كان "أطرق" وهي مفردة تعني عند أهل الرقة بأنه طويل نحيف. وكان محباً للطعام الجيد اللذيذ؛ ومن لا يحب لذة الطعام! مع العمر والحكم والطعام اللذيذ، تقول كتب التراث، صار سميناً، بل سميناً جداً حتى أن الخارجي الذي كُلف بقتله وهو "البرك بن عبدالله" طعنه وهو ساجد يؤم الصلاة، فما نال خنجره من معاوية مقتلاً لعظم عجيزته. غاص الخنجر الطويل في مؤخرة معاوية عميقاً، ولكنه ما تجاوز كتلة الدهن الثخينة الكبيرة.
وكان معاوية في هذه المرحلة أكولاً بوّالاً. يستيقظ مرات ومرات ليبول وليأكل.
ومع الزمن، تذكر الكتب، إنه صار يذوي وينحف، ويتكرمش جلده ويتحزّز.
هذه الأعراض والعلامات ما هي إلا أعراض وعلامات الإصابة بالداء السكري كما تعلمون. معاوية كان مريضاً بالسكري. وتعضيداً لنظريتي هذه أورد لكم الحادثة التالية التي جاءت في كتاب كذا للمؤلف فلان الفلاني:
جِيء بسربة منتقاة من الفتيات السبايا من بلاد البربر. أدخلن عاريات تماماً على معاوية بعد أن عدا عليه الزمن والمرض وصار ضعيفاً نحيفاً. وكان بيده مطرق خيزران من تلك المطارق التي لها في طرفها البعيد دعبولة حشفية المظهر ملساء. وكانت عادة هزّ المطرق والتلهّي به قد تملكت الخليفة، إذْ لن يكن يرى إلا والمطرق يطرب في يده.
انتُخبت الفتيات من بين مئات. كن كواعبَ صغيرات أماليد لا شعراً على أبدانهن، بينما نهودهن كنّ يستظلن بشعر الرأس الطويل. كنّ حقاً في منتهى الجمال. وأنتم يا زملائي الأطباء أصبحتم تعرفون وفقاً لمنهجي في التشخيص التاريخي الراجع أن معاوية كان يعاني من داء السكري المتقدم، وأنتم تعرفون ماذا يحصل للمرء المريض بهذا الداء من الناحية الجنسية. أمسى الرجل مثل أي مصاب بالسكري المتقدم عاجزاً لا ينتصب له عضو.
استعرض معاوية سرب الفتيات واحدة واحدة وهو يتحسر ويتلوّع ويمس بحشفة المطرق "هنَّ" كل واحدة منهن ويتأمّل.
ساد القاعة وجوم وسكون فقد كان عدد الطبيبات والضيفات كبير، والكلام فيه حرج لغير المشتغلين بالطب على وجه الخصوص. فجأة نهضت إحدى الطبيبات وهي تصفق. ثانية واحدة ودوى التصفيق.



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أول صندوق زبالة
- هناك في الأسفل
- أنا والأفاعي
- حتى تقطيع الخبز
- الحشوة
- غيبهم الزمنُ
- المثقف التقليد، الذي هو أنا
- حكاية. مطر دث
- هل هزمت الثورةُ السورية فعلاً؟
- الشوايا
- بين العاصمة أوسلو ومدينتنا
- لومٌ من بعض الأصدقاء الأكراد
- ملحمة حلب الكبرى أم هي ابراهيم اليوسف
- الساروت والعرعور. جرس إنذار عالي الصوت.
- وحدة المعارضة السورية بين الجهود والتمترس
- لماذا يُنتقد المجلسُ الوطني؟
- مقدمة لمُناقشة إشكالية العسكرة والانشقاقات العسكريّة
- لماذا سمح النظام السوري بعقد مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية؟
- نقدُ المعارضة السورية وتجريحُها
- مهاجمو برهان غليون


المزيد.....




- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - حكاية من حكاية