أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - أنا والأفاعي














المزيد.....

أنا والأفاعي


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6079 - 2018 / 12 / 10 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


حكاية/ قصة
لي أنا شخصياً قصص مع الأفاعي جميعها مرعبة. هذه القصة هنا لا أعيها طبعاً، و لكنها الأولى من حكايايَ مع الحيايا.
تقول أمي عني إنني كنت في صغري عكس ما صرت عليه عندما شببت. تقول إنني كنت هادئاً في السنتين الأوليتين، هدوءاً أخافها أن يكون بي شيء غير طبيعي.
قالت إنها كانت و مجموعة من نساء القرية حول جرن "دق حب الحنطة".
في عملية الدق هذه يتم فصل قشر حبوب القمح، تمهيداً لجرش الحب والحصول على البرغل. و بالمناسبة كان في قريتنا جرنان واحد أسود و الأخر أبيض، و لذلك تسمت قريتنا ب"الجرن الأسود التحتاني". تحطم الجرن الأسود باكراً، وظل الأبيض إلى فترة متأخرة. هذان الجرنان تاريخيان، و جرى كشف وجودهما مع بئري الماء. البئران ظلا مصدر الماء للقرية سنين طويلة إلى أن جار السكان على المياه الجوفية بحفر الحفريات والارتوازيات بهدف التوسع بزراعة السقي. لا زال صوت شخيب العيون و هي تُسقط مائها في ذاكرتي، كان هذا الصوت يحدث بعد نشل كمية كبيرة من الماء مثل سقيا قطعان الغنم في العصريات.
قالت أمي كنتَ قد تعلمت للتو الجلوس، وكنت قد أجلستك في فيء الدار على طراحة صغيرة و الدنيا ضحى، و وضعت وسائدك الصغيرة واحدة خلفك و الأخريين كل واحدة إلى جنب من جنبيك، و وضعت بيدك "عاجة" من خام ملون محشوة بالقطن، و في العادة كان هذا كل ما يلزمك كي تتلهّى وتبقى صامتاً لا تبكي.
غالباً ما تتناب امرأتان على عملية الدقّ على الحب في جوف الجرن. تضربان بمياجن من خشب غليظ ثقيل باتساق و بتواتر منتظم.
لا يبعد الجرن حيث لـمّة النساء عن طرف بيتنا سوى مائة أو مائة وخمسين خطوة.
فجأة انتبهت إحدى النساء و أشارت إليّ. سمعت القصة منهن جميعاً. يقلن أنني كنت أفرفح بيدي مسروراً كما لو أنني ألعب مع القطة. كانت القطة، قطتنا، أمامي واقفة على قائمتيها الخلفيتين، و إحدى قوائمها الأمامية على أنفها وبالأخرى تضرب في الهواء باستمرار. كنّ يرين كيف تتمايل القطة وتناور ثم تضرب وتضرب. قلْن أنهن فرطن من الضحك على فَرْفَحتي في الهواء مثل جلعوط فرح ينتظر الزق من أمه، و على حركات القطة الغريبة الراقصة.
و فجأة أيضاً قالت إحدى النسوة العارفات المجربات: "حيّة حيّة... البِسّة تكاوِنْ حية".
يقلن جمدنا لحظة، و فهمنا فهجمنا عشيرة من النساء نلوح بالعصيّ و المياجن ونصرخ بأصوات مبحوحة. و فعلاً كانت الأفعى هنا و كانت القطة لا تزال في استنفارها مقوسة الظهر مكشرة وهي تصدر أصواتاً لا تشبه المواء، وكنتُ أنا ما أزال أرفرف بيدي الصغيرتين مسروراً بالمشهد، محولاً رأسي الصغير بين قطيع النساء تارة وبين قطّتي تارة أخرى.



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى تقطيع الخبز
- الحشوة
- غيبهم الزمنُ
- المثقف التقليد، الذي هو أنا
- حكاية. مطر دث
- هل هزمت الثورةُ السورية فعلاً؟
- الشوايا
- بين العاصمة أوسلو ومدينتنا
- لومٌ من بعض الأصدقاء الأكراد
- ملحمة حلب الكبرى أم هي ابراهيم اليوسف
- الساروت والعرعور. جرس إنذار عالي الصوت.
- وحدة المعارضة السورية بين الجهود والتمترس
- لماذا يُنتقد المجلسُ الوطني؟
- مقدمة لمُناقشة إشكالية العسكرة والانشقاقات العسكريّة
- لماذا سمح النظام السوري بعقد مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية؟
- نقدُ المعارضة السورية وتجريحُها
- مهاجمو برهان غليون
- خفّة دم الانتفاضة السورية تزعجُ الأستاذ الخازن
- قائد فصيل المُهارفة ابراهيم الأمين يتمنى
- الحزب الشيوعي اللبناني يسكت دهراً وينطق ستالينية


المزيد.....




- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - أنا والأفاعي