أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - الحشوة














المزيد.....

الحشوة


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6027 - 2018 / 10 / 18 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


صار لدينا هاجس بيع البيت والانتقال إلى العاصمة، و علينا أن نحسّن ونصلح بعض الأمور بهدف أن نحصل على سعر أعلى. في مرحلة الدهان جاء دوري كمساعد "لم يساعد كثيرا!ً".
و لكنني في الأمر التالي حقيقة وضعت بصمة قد لا تكتشف إلا بعد مائة وخمسين سنة. الأمر هو أن جدار الممر الأيمن وأنت داخل فيه فتحة كبيرة نسبياً، علينا أن نحشوها بالورق أو الكرتون ثم نليّصها بالجبصين الحديث الذي لا يشبه القديم بشيء. ماسورة تحتوي على سائل مثل "الجيليه". تضغط و تملأ الفراغ، ويصبح "الجليه" جصّاً يجفّ بعد فترة قصيرة، ثم تدهنه بالدهان. و لا أسهل.
كثيرون منّا يتذكرون ربما أنهم رأوا في السينما أفلاماً أجنبية وبالأخص الأمريكية منها، حيث يغضب البطل فيضرب الحائط بيده أو يتشاجر مع أحد ويضرب به الحائطَ، فينفدع الحائط و يتكسر و تظهر أحشاءٌ غريبة في داخله. للمقارنة فقط حيطان بيوتنا الداخلية والخارجية في الرقة من إسمنت و حصى زلط و رمل فراتيين. يعني، صخرٌ صلد ينطعج الحديد ولا يتحطم. يا إلهي كم كنا نعاني من دق المسامير هناك!
الحيطان الداخلية هنا جبص و كرتون و لواصق و عضائد خشب لذلك يستطيع أياً كان أن يقلد بطلاً هوليودياً و يحطم جداراً. حتى أنا فعلتها! لن أقول لـمَ غضبت تلك الغضبة و وجهت لكمة عنيفة لجدار الممر الأيمن وأنا داخل إلى البيت، ستقولون "هذه مزاودة وتزيد وادعاء... الخ"، لذا لن أخبركم. المهم أنني وجهت تلك اللكمة و حطمت الجدار و وصل جُمع يدي إلى الطرف الأخر من الجدار حيث تقفع وتشقق هناك.
الزبدة هي أنني كمساعد لم يساعد كثيراً طلبت من معلم الدهان أن أحشو بنفسي الفتحة بالكرتون والورق ثم الجبص. زورني الرجل بنظرة استخفاف. ولكنني سارعت وابتسمت بنفاق وأخبرته إنني أنا الذي تسبب بهذه الفتحة، وأريد أن أصلحها بنفسي. كلام مقنع. أرشدني مرة أخرى كيف أعمل، وأدار ظهره.
كيف خطرت ببالي مادة الحشوة التي سأدحو بها الفتحة، لا أدري! هكذا جاءت الفكرة مثل التماعة برق. أحضرت أوراقي و جلاءاتي وشهاداتي العلمية وهوياتي وشهاداتي باللغة و حتى رسالة الملك بمنحي الجنسية، جعلكْتُها جميعاً و دحشتها في الفتحة، و أسرعت بعصر الماسورة الضخمة المحتوية على الجيليه الجصي اللاصق. ملأت الفتحة بسرعة قياسية كما لو أنني أخشى أن أندم. ووقفت أتأمل صنعي، وأفكر بأن هناك احتمالاً أن مالكاً ممن سيملكون البيت سيقرر ذات يوم هدمَ الجدران الداخلية، فتظهر حشوتي الورقية هذه و فيها حروف الكتابة العربية الغريبة عليه.
رآني المعلم أتأمل ما قمت به، فأتى و ألقى نظرة. تحسس بيده مدى استواء الجبس، و هز رأسه هزة إيجاب و قبول.
محمد الحاج صالح
آرندال. النرويج
12/10/2018



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيبهم الزمنُ
- المثقف التقليد، الذي هو أنا
- حكاية. مطر دث
- هل هزمت الثورةُ السورية فعلاً؟
- الشوايا
- بين العاصمة أوسلو ومدينتنا
- لومٌ من بعض الأصدقاء الأكراد
- ملحمة حلب الكبرى أم هي ابراهيم اليوسف
- الساروت والعرعور. جرس إنذار عالي الصوت.
- وحدة المعارضة السورية بين الجهود والتمترس
- لماذا يُنتقد المجلسُ الوطني؟
- مقدمة لمُناقشة إشكالية العسكرة والانشقاقات العسكريّة
- لماذا سمح النظام السوري بعقد مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية؟
- نقدُ المعارضة السورية وتجريحُها
- مهاجمو برهان غليون
- خفّة دم الانتفاضة السورية تزعجُ الأستاذ الخازن
- قائد فصيل المُهارفة ابراهيم الأمين يتمنى
- الحزب الشيوعي اللبناني يسكت دهراً وينطق ستالينية
- أُبيّ حسن في فينكس الناطق الرسميّ باسم العلويين الغاضبين
- هذه المرّة الشعبُ السوري أكثر تحضراً وتمدّناً من النظام بما ...


المزيد.....




- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الحاج صالح - الحشوة