أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ربيع المسافات - الحلقة 13














المزيد.....

ربيع المسافات - الحلقة 13


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6257 - 2019 / 6 / 11 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


ربيع المسافات حلقة 13

رحلة الى القارة الأسترالية

دينا سليم حنحن

منطقة بايرون بي

الليلة الثانية:


كانت ليلة ملائكية، صحبتني فيها (جوى) والدة (تمارا) إلى مكان جميل، امرأة هيفاء وأنيقة ووسيمة وهي من أصول فرنسية.

السماء صافية والفصل صيفا وصادف موسم تزاوج الحشرات والحيوانات البرية. تتلألأ النجوم في البعيد وتضع بعضا من نورها على سطح المحيط الهاديء، أخذنا موقعا آمنا بعيدا عن الأشجار، تخوفا من سقوط العناكب الصغيرة السامة على رؤوسنا، وقد حذرتني جوى إلى عدم السير تحت الأشجار الضخمة ليلا، خاصة الأشجار التي تحاذي الشواطيء.

العناكب في أستراليا أنواع، منها غير سام ومنها الضّار، خاصة عناكب حمراء الظهر التي يقع في شركها آلاف المصابين سنويا وهي صغيرة الحجم، بحجم عقلة الأصبع تقريبا وتكثر في الأماكن المشجرة حيث تخيط أعشاشها على الأغصان والشقوق والجدران.

تأملنا السماء والطبيعة الخلابة وتبادلنا الحديث الرومانسي وعرّفتني تمارا على أسماء النجوم المزروعة في السماء والتي تحتل العلم الأسترالي، بحثت عن (الميزان) فوجدته والدببة السماوية، ودعتني أيضا إلى فسحة استرخاء وتأمل، دعوة إلى التجدد العقلي والرقي والنزوح إلى أفكار أفضل، ثم سألتني:

- لو كنتِ رسامة ماذا كنت سترسمين الآن؟
كان سؤالها صعبا لأنني لم أكن رسامة أبدا في حياتي، فمهنتي هي رسم الكلمات على طبق من بياض الصفحات.
أجبتها بثقة:

- أرسم قاربا محطما على الشاطيء البعيد، تلاطمه أمواج المحيط دون رحمة، أمزج ألوان العاصفة بعظمة الحدث، ثم أظللها بالسكون لأبرز رهبة الكون الذي لا يموت، ثم أنتفض بريشتي وأجدد الحياة حتى لأصل بها إلى العصرية لكن بضعفنا وبؤسنا وبقوّتنا ورهافة حسنّا، برومانسيتنا وعدائيتنا والتناقض الذي نحن فيه، أرسم الحرية أمام الجمال الصادق والهدوء أمام صخب أنفسنا، وأحاول رسم الرائحة الشذية المنبعثة من الأزهار العطرية مقارنة بطنين الدبابير والحشرات التي لا تكف عن امتصاص الرحيق، أرسم صورة جلوسنا بقرب سيارتك الحديثة على مقاعد نقالة.

بعد سنة، أقامت (جوى) حفلا دعتني إليه، احتفلت بلوحتها الفائزة والتي أسمتها، (اللوحة الخالدة)، تناص عالٍ للأسماء أو ربما سرقت الفكرة، (فاللوحة الخالدة) عنوان إحدى مجموعاتي القصصية.
*

وكلما اختليت بنفسي وهذا ما اعتدت عليه بعد استقراري في هذا البلد الجميل،
أبقى أتأمل السماء الخالدة والمحيط بعملقته، وحدي بين أحضان الطبيعة ومع نفسي ضد العالم، ومع العالم الخارجي ضد نفسي، أتأمل الطيور المصفقة بأجنحتها وهي تتجه تارة نحوي تبحث عن الفتات، ولا أملك سوى ملابسي وبعض العثرات، وتارة تجانح إلى أعلى، ثم تنحني إلى القارب المحطم البعيد، أحسها جائعة مثلي لحياة أفضل، أطير بعيني نحوها إشفاقا وربما حسدا، وأحزن لعدم اتقاني للطيران مثلها، لكن مهما طرت فاكتفي بمركبتي المتواضعة التي لا توصلني سوى إلى حوانيت العطور.

واسترسلت في دواخلي:

- أشعر أنني طائرا محلّقا حراّ يحيا دون قيود لكنني ما زلت ملتزمة للماضي، وأن السماء واحدة لو بعدت خطواتي إلى أقصى الممنوع، وأرض السلام باقية في مكان آخر، والمستقبل الزاهر متاح لي هنا، بل بين يدي وما أزال مقيده.
لكن الأهم هو أنه لا صوت رصاص ولا رائحة دخان ولا طائرات تقصف ولا دماء ولا قيود ولا كره ولا رائحة موت.... ومنعتُ الدموع من مباغتتي.

يتبع



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رموز ورقي ومعاملة ورحمة وانتحار وخلود.
- ربيع المشافات الحلقة 12
- الغائب
- الكابتن جيمس كوك والمتاهة
- أغنية في صدري
- مال وثقافة وزهو - عائلة مديتشي مثالا
- في رحاب الجنوب الأسترالي
- أظافر الموتى مولعة بالحياة
- احتفال بالروائية دينا سليم حنحن في بريزبن أستراليا
- مداخلة الشاعرة راغدة عساف زين الدين في أمسيتي
- شاهد على النكبة يحتفل بعيدة التسعين
- براكين الدهشة
- عمتي سلوى والعربة
- البُربارة في الحكايا الفلسطينية حكاية حقيقية
- الذكريات قرينة الحياة والممات
- بمناسبة مرور 100 سنة على توقف الحرب العالمية الأولى
- مستوطنات بريئة في الشمال الأسترالي
- بيكاسو والدير
- فراشات طائرة
- النادمون


المزيد.....




- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك
- مسلسل قيامة عثمان 158 فيديو لاروزا باللغة العربية ومترجمة عل ...
- مدينة الورود بالجزائر تحيي تقاليدها القديمة بتنظيم معرض الزه ...
- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ربيع المسافات - الحلقة 13