يوم الصحافة العالمي في عصر العولمة الراسمالية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1540 - 2006 / 5 / 4 - 11:09
المحور: الصحافة والاعلام
    

طورت الراسمالية وسائل الاعلام المختلفة كأحد اكثر ادواتها فعالية في قولبة تفكير الجماهير لخدمة اهدافها من خلال تشويه الحقائق وتزويق الواقع، والتاثير على سايكولوجيتها لتغييب وعيها وقتل سليقتها الثورية وملإ وقت فراغها بمختلف وسائل اللهو والعبث لشل ذاكرتها ونسيان تجاربها. ولذلك تغدق الراسمالية الاموال الطائلة على وسائل الاعلام وعلى شغيلتها والعمل على تنوعها لتلائم كل الاذواق والاعمار والمستويات واستمرار عملها اربعة وعشرين ساعة يوميا وطول ايام السنة. ولكن ككل ادوات الراسمالية هي اسلحة ذات حدين لانها لا تعمل الا بقوة العمل الفكري لشغيلة الفكر والصحفيون هم اكثر شغيلة الفكر التصاقا بالجماهير ومعايشة لمشاكلهم ومعاناتهم ولذلك فهم اكثرهم ادراكا لما يطلبه اصحاب العمل منهم كثمن لاجورهم وفي مقدمتها بيع الضمير والوطن والشعب بل والبشرية. وكسائر شغيلة اليد والفكر تطور الوعي الطبقي والوطني والانساني لدى شغيلة الفكر ولا سيما الصحفيين وتطور تنظيمهم النقابي وتطورت اساليب ووسائل نضالهم ليس فقط من اجل حقوقهم المهنية بل وحقوقهم الاساسية كبشر: لهم حرية التعبير والبحث عن الحقيقة . وانشأت الشغيلة وسائر فئات الشعب صحافتها وتبوأت كثير من الصحف مراكز متقدمة كسلاح فكري ينشر الوعي والحقائق للشعوب وللعالم اجمع وبرز صحفيون على الصعيد الوطني والعالمي كقادة للنضال ضد اعداء الشعوب والبشرية وفي مقدمتهم اكبر اقطاب العولمة الراسمالية الامبريالية .
و تطور الصراع الطبقي على صعيد الاعلام ولا سيما الصحافة وبلغ اوجه في عصرنا ، عصر العولمة الراسمالية اخطر مراحل الراسمالية على مصير البشرية جمعاء. واخذت قوائم اغتيال الصحفين تتصاعد لتبلغ العشرات ولاسيما في جبهات الصراع الدامي ضد اوحش اساليب الراسمالية وهي فرض الاحتلال عن طريق الحرب . فكان العراق الساحة الاكبر لاغتيال الصحفيين الذين يكشفون عن جرائم قوات الاحتلال . كما تضاعف اعداد الصحفيين المعتقلين والمهددين بالموت ليس فقط من اجهزة الدولة التابعة لهيمنة اقطاب العولمة الراسمالية بل ولادواتها الاخرى: من حركات اصولية تستخدم الدين وسيلة لتكفير الصحفيين كما يجري اليوم في البحرين لمحاربة صحيفة الايام البحرينية، الصحيفة العلمانية التي استطاعت ان تربط بين النضال من اجل تطور المجتمع البحريني والتحرر الوطني والانساني وتكشف عن زيف شعارات الحكومة والملك بالحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، واستخدامها لمحاربة حرية الصحافة .
وطورت البشرية وسائل اعلامها بالاستفادة مما قدمته الثورة المعلوماتية للبشرية باستغلال الانترنيت وانشأت مئات الصحف على الانترنيت التي لاتحدها اجهزة الرقابة ولا تحتاج الى اجازة عمل ولا الى مبالغ طائلة لشراء مستلزمات الصحافة العادية، ولا يمكن لاجهزة العولمة الراسمالية تعطيلها، من حكومات تابعة وعصابات ارهابية ومنظمات اصولية وفرق موت. ولاول مرة في تاريخ البشرية اصبح لها جهاز توعية وتنظيم على الصعيد الوطني والعالمي. ولكن سرعان ما سخرت العولمة الراسمالية اخطر ادواتها من شغيلة الفكر لخلق الوسائل للحد من تأثير هذا السلاح الفعال في توعية وتنظيم الجماهير على الصعيد الوطني والعالمي، بتمكين الحكومات التابعة من حجب اكثر هذه الصحف فعالية، كما حدث لصفحة الحوار المتمدن اوسع صحف الانترنيت مساهمين وقراء انتشارا لما تمنحه من حرية انسانية لكتابها.
وهكذا يتضح ان يوم حرية الصحافة العالمي هو احد ايام تحرير البشرية العالمية التي تتطلب نضال كل الشعوب والبشرية عامة وشغيلة اليد والفكر خاصة. لان الصحافة الحرة هي من اهم الاسلحة الفكرية والتنظيمية للبشرية عموما ولشغيلة اليد والفكر خصوصا في نضالها من اجل تحرير شعوبها وتحرير البشرية.

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات