أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إياد الغفري - العصفرة















المزيد.....

العصفرة


إياد الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 6230 - 2019 / 5 / 15 - 20:33
المحور: كتابات ساخرة
    


للكبار فقط

+18

غبرة وعفرة والمزار بعيد.
أجاب مخرج شهير على استفسار صحفية عن عزوبته التي طالت وعن عدم اتخاذه صديقة بالتالي:
بالنسبة لشخص مشهور فإن احتمال أن تُرفع عليَّ قضية تحرش من فتاة تريد أن تصبح ثرية على حسابي احتمال وارد، الزواج هدفه الإنجاب وهذا ليس بهاجس لدي، أما عن موضوع المتعة الجنسية فأنا أحصل عليها من العاهرات... نعم العاهرات... عندما تريدين يا سيدتي أن تحصلين على كرسي جيد تتجهين للنجار ولا تتزوجيه.... أنا أذهب للمختصين في قضايا المتعة الجنسية، أعلم مسبقاً ما يتوجب علي دفعه فلا أشعر بالغبن لاحقاً، وأحصل دوماً على أفضل الخدمات... أنا أرتاد المواخير التي تمثل قمة ما أنتجته البشرية من رقي وتحضر.

***
قضية أن الزواج هو أفشل مؤسسة على وجه الكوكب قضية لا ينتطح فيها عنزان، ولا يخالفني بها إلا زوجتي وبعض السيدات اللائي اعتدن خداع أنفسهن.

انتهيت من نصوص التحليل السياسي برثاء إدلب المحررة، وقررت التوجه إلى القضية الأهم في تاريخ البشرية، النكاح.

لا يمكن لمن يريد أن يتعاطى الكتابة البعد عن محرك الأكوان، التكاثر الذي لا يتحقق إلا بالممارسة الجنسية حيث أن التوالد البكري حكر على الخنافس والصراصير حالياً.
***
الحروب لا تقوم لأن فئةً تريد اضطهاد فئة أخرى كما خيل لنا، ولا استعمار الأوطان "بالإذن من أهلنا الفلسطينيين" الحروب تقوم لأن الكائن البشري بريد أن يتكاثر، والغريزة الجنسية هي وراء كل جيش وكل غزوة وكل معركة... منذ صراع قابيل وهابيل لداحس والغبراء وحتى يومنا هذا.
***
أجاب أديب سوري مغمور رداً عن الهاجس الذي يدفعه للكتابة فقال ما معناه، الشأن العام والفقراء... طبعاً تناقل صبيانه النص وكان مانديلا الساحة الثقافية وأصمعي عصره، أنا أرى أن الهاجس الذي يحكم تصرف الكائن البشري هو التكاثر، ربما ولكون الكوكب الذي نعيش عليه كان أكثر قسوة مما يمكن لأجسادنا البدائية من تحمله... أُجبِرنا على التكاثر للبقاء.... أيام الشباب كنا نصف ممارسة جنسية عنيفة بقولنا: "اشتغل النيك مثل حرب اليابان".
أعلنت منظمات تهتم بالبيئة وبالكوكب أن قرابة مليون جنس من الكائنات الموجودة على الكوكب مهدد بالانقراض، بسبب من الأنماط الأحادية لاستثمار الأراضي الزراعية وبسبب من جشع هذا الكائن الضعيف الذي لم يستخدم ذكاؤه للسيطرة على البيئة بل عمل على تغييرها لتوائم ضعفه.
***
قبل أيام استوطن عصفور أصفر الصدر بيتاٍ خشبياً في حديقتي الصغيرة... الحركة الدؤوبة للسيد عصفور وحرمه المصون كانت بهدف فرش المنزل، بالنسبة لي كهوموسابيان كان طيرانه للعش دخولاً وخروجاً يشكل متعة لا توصف، السعي للحصول على العفش المناسب للعش تذكرني بمنازل تفننت في فرشها قبل أن اضطر لمغادرتها....
بسرعة غريبة اكتمل العش حيث أنه وبعد أيام قليلة من ملاحظتي للساكن الجديد بدأت أسمع زقزقة الجيل الثاني من العصافير وهي تصرخ طلباً للطعام، الأم والأب اللذان تمكنا من إخفاء عملية التكاثر عن مراقبتي الدائمة للعش كانا يقومان برحلات مكوكية للحديقة لالتقاط الطعام للأفواه الجائعة التي لا تكف عن الصراخ، المتعة التي حصل عليها عصفوري من ممارسة سريعة ورعشة دامت لبضع ثوان قادته لرحلة كفاح أزلية لالتقاط الديدان، الحشرات والبذور المبعثرة في تراب الحديقة لإطعام نسله السعيد، الرياح والأمطار لم تكن تشكل أي عائق لمنعه من إكمال رحلاته السيزيفية لإسكات المناقير الصارخة.

عصفوري هذا يسمى "المايزه"، وجمعه "المايزن"... رمادي بريش أصفر على الصدر يقف على غصن شجرة قريب منتظراً لحظة يتسلل بها للعش الذي قدمته له لاعناً الساعة التي سكن فيها قرب شخص مثلي، شخص ترك الله وعبد إست "مايزه" مسكين رماه حظه العاثر للابتعاد عن الأشجار العالية ليسكن قرب الهوموسوريانيس.
العصفور مرتبط بذاكرتي بأحد الدراويش الذي كان يتجول في شوارع دمشق وهو يغني يا عصفوري يا عصفور، قرأت عنه ولم أره.... لكن دهشتي كانت كبيرة عندما علمت أن الجرمان يقولون عن الشخص المختل عقلياً بأن لديه عصفور....
طبعاً الأمور مرتبطة ببعضها، فأحد أهم مصطلحات فعل النكاح باللغة الألمانية هو "فوغِلن" أي العصفرة، حيث يقول الشاب مفتخراً بأنه قد عصفر صديقته، وتقول الأنثى لصديقها... دعنا نعصفر.
كيلا أسترسل في النص بلفظة "المايزه" بحثت عن اسم الطائر بلغة الضاد...
***
قبل سنوات أعجبني غناء عصفور أسود منقاره أصفر، شدو خلاب... اتصلت بجوزيف في النمسا... هو من أصل سوري لكنه نمساوي النشأة:
- جو سماع دخيلك صوت ها العصفور... بدي أعرف شو أسمو؟
- عا أيني بس هابيبي... الساعة خمسة السبح.
- بعرف جو، بس ها العصفور بيبلش يغني من طيز الصبح، وبعده بيسكت... وما في غيرك يعرف أسمه...
صمت استمر لدقائق ريثما قرر العصفور أن يعود للتغريد، دقائق سأل فيها جوزيف نفسه إن كان "عندي عصفور" لأتصل به في الصباح الباكر لسؤال غبي كهذا... أخيراً عاد أبو منقار برتقالي للغناء....
- آه هي "أمزل".
- آه بلبل... شكراً جو حبيبي وأسف للإزعاج بها الوقت.
- لأ.... البلبل أسمو "ناختيغال" بالألماني.... هدا اسمها شحرور بالأربي....
- شحرور؟
- أي شحرور ما بتعرفو...؟ ولا قوصتوهم كلهم بسوريا.

بغض النظر عن شعوري بالإهانة من جوزيف الذي يتكلم لسان الضاد كالخواجة اليوناني في الأفلام المصرية والذي أكد لي جهلي باللغة الألمانية... إلا أنني سألت نفسي عن الشحارير التي أعرفها...
الشحرورة صباح التي كانت أيقونة للجنس قبل ولادتي بعقود اصطفاها المولى لملكوته بعد طول انتظار، ابتسمت عندما شاهدت جنازتها وكيف كان المشيعون يرقصون بالنعش، لا أدري إن كان هذا من طقوس الجنازة عند إخوتنا من الطائفة المارونية الكريمة، أم أنها الفرحة بالخلاص من الصبوحة...
***
جملة معترضة:
كيلا يتحول النص عن مجراه اليوم ونبتعد عن الجنس الغريزة الأهم للكائنات نتغاضى عن ذكر شحرور أخر لم يختره الباري لجواره بعد، والذي أكاد أن أقسم بأن تابوته سيشيع بالرقص والهتاف من متديني الأمة وملحديها في آن معاً.
***
عصفوري هذا "الأمزه" يدفع ضريبة أنه "فَوجَل" أمزته بلمح البصر فكانت الأفواه الجائعة نتاج لحظة طيش لا يتمكن من الندم عليها وهو يسعى في مناكبها بحثاً عما يسد به رمق العيال.
كما ذكرت قبل قليل وكيلا يكون النص متفرنجاً بحثت في لغتنا السمحاء عن اسم "الأمزه،" فقادني البحث لاسم القرقف، وكما يعلم القاصي والداني فإن للقراقف أنواع مختلفة غالبها ليس على قائمة الأجناس المهددة بالانقراض، ربما يعود هذا لكون القرقف قادر على أن يفوغل وليفته أثناء بناء المنزل وخلال نقل كسرات القش لفرش عش الزوجية.
على ذكر القرقف لا بد لي من تذكر صديق لي باضت قرقفته وأنجبت له فرخاً... الفارق بين القرقف وأنثى الهوموسابيان هو عملية التربية، تنتهي وظيفة الطيور بالفوغلة وإطعام الصغار حتى يتحول الزغب ريشاً ويتمكن الفرخ من الطيران بعيداً عن العش، كافة ما يحتاجه العصفور للحياة مخزون في الصبغة الجينية، فالطيران مثل ركوب الدراجة لا يحتاج إلى تعليم، لكن قرقفة صديقي التي هداها المولى للسراط المستقيم بمعونة الشحرور وأفكاره، تقرر أن تنقل مخزونها الفكري لفرخها متناسية أن حكمة الخالق لو شاءت أن يكون الشيء لقالت له كن، وما انتفاء وجود أحكام التجويد في الصيغة الجينية للكائن البشري إلا تأكيد على رغبة المولى في ألا نتقنها....

قدرة الطبيعة على خداع الكائنات تتكشف في جعل الفعل المرافق لعميلة التكاثر أحد أهم الأفعال إمتاعاً على الإطلاق....
لا يمكن مقارنة متعة ركوب الطائرة بمتعة الممارسة الجنسية، كذلك الألعاب الرياضية... الثروات، الممتلكات... الطعام... الكحول....
كل شيء يقود للجنس، الثواني اللعينة للذروة الجنسية هي محركة الأكوان، وما التكاثر إلا من التأثيرات الجانبية للممارسة.
بمناسبة الشهر الكريم يتناقل أصدقائي نصوصاً عن الفوائد الصحية للصيام، لن أحاول سحب هذا على الجنس... لأن شعارات من عيار "نيكو تَصِحِّو" قد تعتبر خدش للحياء العام، لكن الجنس محور الحياة وغايتها قد تراجع للمؤخرة في ظل خرافات أخرى فرضها نمط الحياة العصرية....
الوسامة... الأزياء الأنيقة والموضة... المال الذي قد يكون من مسهلات الممارسة الجنسية والذي أصبح الهدف لدى البعض، تربية العضلات والتريض... كتابة الشعر والتذاكي.... كلها عمليات يستغني عنها القرقف بزقزقة طويلة ونفخ لريش صدره قبل أن يعتلي قرقفته ويفوغلها على سنة الطبيعة.

عباد الله، فوغلو واستفغلوا فإن النعم لا تدوم.



#إياد_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدلب
- رامي مخلوف
- هوموسابيانات
- فراس السواح ومقصلة الثورة السورية
- تشابه أسماء
- السبعة وذمتها
- كلمات عن رجال تحت الشمس
- الماريشال
- قولوا والله
- دمشق - باريس - دمشق
- مطولة تشرينية
- صف حكي
- من الفرات إلى النيل خواطر عن دولة إسرائيل الكبرى
- الحوار المتمدن
- الظريف والشهم والطماع
- الثورة العاقلة
- الإدمان
- رسائل إلى سميرة (1823)


المزيد.....




- -لوحة ترسم فرحة-.. فنانون أردنيون وعرب يقفون مع غزة برسوماته ...
- ويكيبيديا تحسم موقفها وتصف حرب إسرائيل على غزة بأنها -إبادة ...
- في المؤتمر الثالث للملكية الفكرية بالمغرب.. قلق بين شركات ال ...
- “برومو 1” مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس الحلقة 170 مترجمة ...
- معرض الجزائر الدولي للكتاب.. قطر ضيفة شرف وإقبال على رواية - ...
- صور| بيت المدى يستذكر الناقد الراحل عبد الجبار عباس في ذكرى ...
- روسيا والبحرين توقعان اتفاقية تعاون على هامش مبادرة -شبكة ال ...
- تونس: في جرجيس.. فنان يخلد ذكرى المهاجرين الذين لقوا حتفهم ف ...
- “سوسو ولولو جننوا الأطفال”… نزل تردد قناة وناسه ومتع عيالك ب ...
- المخرج الباكستاني علي سهيل جاورا يفوز بالجائزة الثانية في مه ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - إياد الغفري - العصفرة