أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مصرُ التي … على صفحة العائم














المزيد.....

مصرُ التي … على صفحة العائم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6212 - 2019 / 4 / 26 - 03:15
المحور: الادب والفن
    


فاطمة ناعوت
Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot


إذا كان النيلُ شريانَ مصرَ الذي يضخُّ الحياةَ في قلبها، فإن "الفنَّ الرفيعَ" هو روحُ مصرَ وصوتُها الغِرِّيدُ الذي يصدح، عندما يأتي المساء. ثروةُ مصرَ ليست في أنابيب نفطٍ ولا مناجم ذهب. ثروتُها في قلبها الذي ينبضُ فنًّا ويتنفسُ دفئًا ويخفقُ دهشةً تسُرُّ الناظرين. لهذا هي "مصرُ" التي لا أرضَ تُشبهُها. سُرَّ مَن رآكِ يا مصرُ.
وكان مساءً غنيًّا في حياتي. دخلتُ مغارةَ الكنوز، على ضفاف النيل، واختلستُ جوهرتين ثمينتين من ليلِها المشرقِ بالفنّ والجمال. فيهما معًا، تغريدةُ مصرَ المترامية التي بدأت منذ عشرة آلاف عامٍ، ولم تتوقف عن الصدح حتى اليوم.
الجوهرة الأولى:
"ترنيمة الفلاح الفصيح". أوبرا فرعونية طقسية ملحمية، تُجسّدُ محنةَ الإنسان فوق الأرض إذْ يقفُ في مواجهة نفسه أمام ميزان العدالة معصوب العينين. تنتزعُ التجاربُ "عقلَه"؛ فيصير غيبيًّا ظلاميًّا نقليًّا مُنبطحًا أمام التقليد والعشوائية. تنتزعُ المحكَّاتُ والأهوالُ "قلبَه"؛ فيغدو عنيفًا قاسيًا حوشيًّا يظلِمُ ويقتلُ وينحرُ ويغتصب. يبدأ رحلتَه الشاقّة فوق الأرض وحيدًا وغريبًا وحزينًا، ويكافح حتى يستردَّ عقلَه وقلبَه وريشةَ ضميره، فيصيرُ من جديد إنسانًا متحضّرًا يخرج من قوقعة الجمود والموات، نحو شساعة الحرية والحياة. شبابٌ واعدٌ يكسرُ المألوف ويُبدعُ فوق خشبة "مسرح الشباب" بالمسرح العائم. يكتبون الورق، ويضعون الموسيقى، ويعزفون، ويرقصون، ويطلقون أصواتهم بالغناء، ويمثّلون. مدهشٌ أن تشاهد تلك التجربة الفريدة، حين يكون الممثّلُ عازفًا ومغنيًّا وراقصًا في آن. أما الترنيمةُ الغنائية، فكانت جديلة شجيةً غنيّة من اللحن الفرعوني، الممزوجة بالترانيم الكنسية، المجدولة بالتواشيح الإسلامية، حتى تكادَ تلمس بين جواباتِها وقراراتها طميَ مصرَ الخصيب. منذ دهور لم أشهد عرضًا بهذا الإتقان والتناغم تقدّمه، من ألِفِه إلى يائه، مجموعةٌ من الشباب الذي يخطو خُطاه الأولى في عالم الفنّ الرفيع. الأوبرا تأليف وأشعار: محمد حمد، موسيقى وألحان: د. هاني عبد الناصر، ديكور وأزياء فرعونية: رامه فاروق، وإخراج مخرج الأعمال الصعبة: سعيد سليمان. تمثيل وغناء ورقص تسعة عشر شابّةً وشابًّا من أبناء مصر الطيبة.
***
الجوهرة الأولى:
"الحالة توهان". بانوراما مسرحية تضعُ "العقل" في مواجهة "النقل". يَمثُلُ "الفاهمُ" في مواجهة "الحافظِ" أمام محكمة التاريخ الإنسانية. يُقدِّم كلٌّ منهما دفوعَه وأسانيدَه وعريضة دعواه أمام قاضٍ وهيئة مُحلّفين تُمثِّلها فئةٌ عشوائية من أبناء المجتمع. تمتدُّ المحاكمةُ منذ ابن رشد الذي نادى بإعمال العقل وتأويل النصّ بما يتفقُ مع صالح الإنسان فوق الأرض، في مواجهة الغزالي الذي رفضَ إعمال العقل ونادى بحَرفية المعنى. ورغم الهزيمة الظاهرية لقيمة "العقل" المتمثّلة في ابن رشد، وحرق كتبه ونفيه من قرطبة الإسبانية إلى مراكش المغربية، إلا أن أفكارَه التي نادت بالتحاجج بالحقّ الذي لا يُضادُّ الحقَّ، وشروحَه العظيمة لأفكار أرسطو؛ طارت عبر الزمان والمكان حتى أنهضت أوروبا من ظلامِها، وأسّست منهجًا عقليًّا مستنيرًا، لو أخذت به مجتمعاتُنا لنهضت من كبوتها. وتمتدُّ المحاكمة عبر الزمان حتى تصلَ إلى شيخ المبصرين د. طه حسين ومحنته مع بحثه "في الشعر الجاهلي"، وانتصاره على الجمود في عصرٍ كان يلمعُ بتيارات مستنيره نسبيًّا، سوى أن أفكاره اللامعة لم تَطِر بأجنحتها، إذْ أجهضتها رياحُ الرجعية التي اجتاحت مجتمعاتنا العربية مع نهاية السبعينيات الماضية، فأسلم طه حسين محنتَه مع الظلام إلى د. نصر حامد أبو زيد، ثم انتقلت إلى فرج فودة، ثم نجيب محفوظ، فهاجر الأول، وقُتل الثاني، وطُعِن الثالثُ. وتوغّل الظلامُ حتى وصلنا إلى مداه الأقصى مع داعش الآثمة. ولا تزالُ المحكمة قائمةً لم تُحسَم، ومازالت مصرُ تُطحَن تحت نير صراعها، لكن الوعدَ بالنور يُخاتِل مع وهج مشاعلَ شابّةٍ يحملها مثقفو المجتمع المستنيرون. هذا العمل البديع أخرجه د. "سيد خاطر"، وشارك في كتابته مع "السيد إبراهيم". ويقول المخرج إن حالة التوهان التي تجتاحُ الأمّة العربية، لابدّ أن تُجابه بنوبة من صحوة الضمير ويقظة العقل حتى نستفيقَ من غفوتنا ونجد الحلول لمشكلات عصرنا الممتدّة على طول الزمان، علّنا لا نظلُّ أوهنَ الأمم. جسّدَ الفنانُ القدير جمال عبد الناصر أدوارَ "العقول" عبر التاريخ، منذ ابن رشد وحتى نجيب محفوظ، فبرع في تقديم لسانَ التنوير والفكر. وفي المقابل، برع الفنانُ المبدع أشرف مصيلحي في تجسيد لسان التقليد والرجعية، منذ القرن الثاني عشر حتى وصل به الإظلامُ إلى ُمنتهاه ليغدو أميرًا لخلية داعشية تنشرُ الويلَ والدماءَ في أرجاء الأرض. العرض المدهش يُقدَّم على خشبة "المسرح الكوميدي" بالمسرح العائم العريق. وكلا العرضين من انتاج البيت الفنّي للمسرح.
تحية احترام للدولة على إحياء المسرح الرفيع ودعمه. فالمسرح مشعلُ تنوير وسيفٌ ماضٍ في وجه الظلام والطائفية. و"الدينُ لله، والوطنُ لَمن يحبُّ الوطن”.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع متطرّف: نعم … أنا متطرّفة!
- مَن يقرعُ الأجراسَ في باريس؟
- الملك لير … سرُّ عظمة مصرَ
- روچر … البودي جارد الذي خاصمني!
- مصطفى الفقي … سَلطنة التشريح الفكر
- في قانون التحضُّر: البقاءُ للأضعف!
- الإسكندراني والسيسي وزيدان …. يا حفيظ!!!
- أم كلثوم ... فيروز … شيرين
- دائرةُ الحُب الأبديةُ في بيت لليان تراشر
- العسراءُ الجميلة التي اغتالتها يدُ صهيون
- ما هديتُكَ في عيد الأم؟
- البابا شنودة و... برينتون تارانت
- الأدبُ … حين يحمينا من المزورين | عن الصفحات الكاذبة
- هنا أسيوط … والذي مصرُ تعيشُ فيه
- على هامش ((تصويب)) الخطاب الديني
- البابا فرنسيس في دار زايد … على خُطا القديس الأسيزي
- صخرةُ العالم … وسوطُ السجّان
- إكليلُ غار للجميلة: سميحة أيوب
- قال الرئيس: مسيحيو مصر ليسوا أقليّة!
- عينا -نوال السعداوي- … في وهج الشمس


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - مصرُ التي … على صفحة العائم