أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أم كلثوم ... فيروز … شيرين














المزيد.....

أم كلثوم ... فيروز … شيرين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 11:04
المحور: الادب والفن
    


أم كلثوم ... فيروز … شيرين



هذا المقالُ ليس كما قد يشي عُنوانُه. هذا المقالُ لا يعقدُ مقارناتٍ بين أشخاصٍ، أو حناجرَ، أو مواهبَ، أو مستوياتٍ ثقافية، أو سلوكٍ، أو تجاربَ، أو مدارسَ فنيّةٍ أو فكريةٍ. هذا مقالٌ يحكي فضفضاتٍ حدّثتُ بها نفسي، وأودُّ أن أحدّثكم بها حديثَ النفس للنفس. هذا مقالٌ يُحرِّضُ على التأمل، ولا يُراهنُ على أيّ شيء.
أم كلثوم. ولو سألني سائلٌ: كيف وضعتُ "نقطةَ نهاية الجملة" بعد "مبتدأ" لا "خبر" له؟ سأجيبه بأن اسم: "أم كلثوم" مبتدأٌ وخبرٌ معًا. اسمها في ذاته "جملةٌ مفيدة" يجوز ألا نضيفَ إلى مُبتداه خبرًا لكي يكتملَ المعنى. لأن مجرد ذكر اسمها سوف يستدعى في ذهن المتلقي تاريخًا استثنائيًّا ثريًّا، لا تستوعبه مجلداتٌ ضخمةٌ حافلة بالجُمل المفيدة. ومع هذا، إن بحثتَ عن حوارات تليفزيونية أو صحفية مع أم كلثوم، لن تجد، ربما إلا حوارًا واحدًا وافقت السيدةُ الجميلةُ أن تُجريه مع سيدة جميلة أخرى هي الإعلامية "سلوى حجازي". أين؟ في باريس. متى؟ في نهاية عام الهزيمة 1967. لماذا؟ لأنها كانت تجوبُ العالمَ لرفع رأس وطنها الجميل مصر، ودعم المجهود الحربي ليواجه العدو الصهيوني، فتبرّعت بكامل إيراد الحفل الذي أقامته في مسرح "أوليمبيا" الفرنسي (14 ألف جنيه استرليني، وهو ثروة طائلة آنذاك)، لصالح جيش بلدها. وماذا قالت في ذلك الحوار الطويل؟ كلمات قليلة للغاية، لا نتذكر منها إلا كلمة: "المسلّة المصرية"، ردًّا على سؤال: “ما أجمل ما رأيتِ في باريس؟"
ورغم ثقافتها الواسعة وتمكّنها من الحديث بلغة عربية رصينة لا لحنَ فيها ولا عِوَج، كانت "أم كلثوم" بخيلةً للغاية في الجود بكلماتها في اللقاءات. لماذا؟ لأنه أدركت أن حنجرتها الأسطورية تلك، لم تُخلَق للدردشة والكلام السيّار الذي يقوله الناس، إنما للغناء، وفقط. كانت تضنُّ باهتزازات أحبال حنجرتها إلا على الشدو والطرب وضبط المقامات، والدندنة مع الموسيقى، لكي تُدوزِنَ أوتارَ حنجرتها على إيقاع النغم.
فيروز. وهل يقفُ اسمُ "فيروزَ" كجملة مفيدة كذلك، دون خبر للمبتدأ؟ نعم، بكل تأكيد. فرادتُها واستثنائيتُها وتاريخها ومُنجزها جميعها "خبرٌ"، للمبتدأ: “فيروز". كلما سافرتُ إلى بيروت، أحرص على زيارة كنيسة أنطالياس"، المكانُ الذي تُغنّي فيه الجميلةُ في عيد الميلاد. لماذا؟ حتى أستنشقَ عبيرَ صوتها في مكان الشدو. مفتونةٌ أنا بتلك العصفورة الغِرّيدة. وفي أحد الأعوام، سافرتُ للمشاركة في أحد المؤتمرات الفكرية في جامعة "سيدة اللويزة" في جبل لبنان. وحين لمسَ منظمو المؤتمر شغفي بالجميلة فيروز، قرّروا أن يُنظّموا لي لقاءً خاصًّا معها. لكنني ضحيتُ بذلك المجد التاريخيّ، لأنني آثرتُ ألا أُنصتَ إلى فيروز إلا شاديةً مُغرّدة. فيروز كذلك لم تُخلق إلا للشدو والغناء.
عزيزتي شيرين عبد الوهاب، أعلمُ أنك على قدرٍ هائل من البساطة والتلقائية. ولا شك عندي، ولا عند أحد، في حجم وطنيتك وحبّك لمصرَ، التي يحبها جميع المتحضرين في العالم أجمع، إلا فقراءُ الروح من ذوي الأحقاد والضحالة. وأعلم أن كلماتك التي حاولتِ فيها المزاحَ مع جمهورك لم تتخطَّ حاجزَ المزاح والمرح، حتى وإن جرحتنا. وأعلمُ أن الإعلاميين الأُجراء المغلولين الهاربين من مصر في تركيا وقطر، قد حمّلوا كلماتك سمومَهم حتى يفوزوا بنقطة حرام في معركتهم الخاسرة ضد مصر. وأعلمُ أن التجاربَ الكثيرة المُرَّة علّمتك أن "الحرفَ يقتُل"، إن لم يُزَن بميزان الذهب. وأعلمُ أنك حاولتِ في بيانك الباكي تبرئة مصرَ قبل تبرءة نفسك، وهذا يُحسَبُ لكِ، ويؤكدُ وطنيتك. وأعلمُ أنك تعهدتِ مرارًا من قبل، ومن بعد، أن تُقصري صوتَك على الغناء وفقط. وأعلمُ أنك ربما لن تقدري على الوفاء بالعهد، لأن التلقائية كثيرًا ما تغلبُ العهود. لهذا أكتبُ لك هذا المقال. اعلمي يا صديقتي أنه كما يقول المثلُ الدارج: "وقعة الشاطر بألف"، كذلك فإنه بالقياس: “كلمة المشهور بألف ألف!"، أو كما تقول الأدبياتُ العربية: “قليلُ كلامِنا كثيرٌ.” الشهرةُ ليست نعيمًا مطلقًا كما يظنُّ الناس. لأنها تُحدُّ من مساحة الحرية، وتُخفضُ من سقف الممكنات، وتُغِلُّ الأعناقَ بسلاسل من الالتزام الصعب. ما يقوله الناسُ في جلساتهم وعلى صفحاتهم من مزاحات ونكات وقفشات، لا نستطيعُ نحن أن نقوله مادمنا قد دخلنا دائرةَ الأضواء والشهرة. يُحسَبُ علينا ما يمرُّ على غيرنا. ولكِ حبّي.
وكالعادة أختمُ مقالي بقولتي: "الدينُ لله، والوطنُ لَمن يُحبُّ الوطن”.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرةُ الحُب الأبديةُ في بيت لليان تراشر
- العسراءُ الجميلة التي اغتالتها يدُ صهيون
- ما هديتُكَ في عيد الأم؟
- البابا شنودة و... برينتون تارانت
- الأدبُ … حين يحمينا من المزورين | عن الصفحات الكاذبة
- هنا أسيوط … والذي مصرُ تعيشُ فيه
- على هامش ((تصويب)) الخطاب الديني
- البابا فرنسيس في دار زايد … على خُطا القديس الأسيزي
- صخرةُ العالم … وسوطُ السجّان
- إكليلُ غار للجميلة: سميحة أيوب
- قال الرئيس: مسيحيو مصر ليسوا أقليّة!
- عينا -نوال السعداوي- … في وهج الشمس
- أحبّوا … مثل طفلٍ ضرب قدمَه بسهم
- المركز الكاثوليكي المصري … صخرةُ الفنون الرفيعة
- ذكرياتي مع الكتاب ... في معرض القاهرة الدولي للكتاب
- تحت السرير … مع أفروديت وهيرا
- كيف خدعتُ أمي ... لقراءة الكتب الممنوعة
- أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة
- مقالي عن ثورة يناير والإخوان الذي منعه (اليوم السابع) | “هل ...
- من مصر… الرئيسُ يُطلقُ طائرَ المحبة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أم كلثوم ... فيروز … شيرين