أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أحبّوا … مثل طفلٍ ضرب قدمَه بسهم














المزيد.....

أحبّوا … مثل طفلٍ ضرب قدمَه بسهم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6146 - 2019 / 2 / 15 - 15:45
المحور: الادب والفن
    



اليومَ، سوف تصطبغُ صفحاتُ العيون بحُمرة الشفق، ويُشرقُ الكونُ بالورود الحمراء وتخفقُ القلوبُ بحُمرة الهوى. سوف يترجّلُ "كيوبيد" عن أرجوحته الطفولية المُزدانة بالزهور ويجوبُ الدروبَ، حاملًا قوسَه وسهامَه. هو أكبرُ طفلٍ في الوجود. عمره 3000 عام. طفلٌ أبديٌّ لا يكبر أبدًا ولا يشيخ. عبرَ فوق السنوات، وقفزَ فوق العقود وحلَّقَ فوق القرون، لكنه نسي أن يكبُر عامًا واحدًا. شأنه شأنَ الحب: عابرٌ للزمن؛ شأنَ الحبِّ: معصوبُ العينين؛ شأنَ الحبِّ: يصيبُ القلوبَ بسهمه الحارق دون إنذارٍ ودون مَنطقٍ.
هو، في الميثولوجيا الرومانية، طفلُ الآلهة المُدلّل. أمُّه: ڤينوس، ربّةُ الجمال. وأبوه: مارْس، إلهِ الحرب. تقول الأسطورةُ إن الغيرةَ ضربتْ قلبَ ڤينوس من الأميرة سايكي Psyche. لأن جمالَ الأخيرة وحُسنها َالفائقَ شغلَ الناسَ عن عبادة ڤينوس. فأمرتْ الإلهةُ ابنَها كيوبيد بأن يصيبَ الفتاةَ الجميلةَ بسهمٍ لكي تُحبَّ أكثر رجال الأرض فقرًا ودمامةً. لكن كيوبيد انبهرَ بجمالها، فرمي قدمَه بسهم الهوى، ووقعُ في عشقها. ولأنه إلهٌ ومحبوبته إنسانٌ، فقد كان ممنوعًا عليها أن تراه. فالبشرُ غيرُ مسموح لهم برؤية الآلهة. شيّد "كيوبيد" لحبيبته "سايكي" قلعةً مهيبة بحديقة غنّاء وظلَّ يزورُها كلَّ ليلة يطارحها الغرام، دون أن تتجرأ البنتُ بالنظر إليه. حتى أوعزت لها شقيقتاها بأن تنظرَ إليه. ولما فعلت غضب كيوبيد واختفى. واختفى القصرُ والحديقة. فضربها الحزنُ وهامتْ على وجهها شاردةً حتى صادفت هيكلَ ڤينوس، فدخلت تتوسّل إليها. أمرتها الربّةُ أن تحملَ صندوقًا صغيرًا وتذهبَ إلى العالم السُّفلي لتملأه زوجةُ بلوتو من جمالها، وتعود به دون أن تفتحَ الصندوق. لكن الفضول جعلَ "سايكي" تفتح الصندوق فلم تجد الجمالَ. بل وجدت نومًا يشبه الموات. فضربها النومُ الطويل. ولمّا وجدها كيوبيد ملقاةً في الصحراء كالموتى، رقَّ قلبُه لها، فانتزعَ منها النومَ ووضعه في الصندوق وأحكم عليه الغلق، ثم تزوجها. فمَنَّ عليها "جوبيتر"، إله السماء والبرق، بالألوهية، وصارت "سايكي" ربّةَ الروح. ومنها اِشْتُقَّ اسمُ: علم النفس Psychology.
اليومَ، هو عيدُ الحبّ. هو بداية فصل الربيع عند قدامى الرومان. حيث مهرجانُ الخصب والنقاء. كان الرومان يكنسون البيوتَ وينثرون القمحَ والمِلحَ في أركانها، ثم يذهبُ الكهنةُ إلى الكهف المقدس، حيث كان الطفلان الإلهان: روميلوس وريميس؛ مؤسِسا الدولة الرومانية، يعيشان تحت رعاية أنثى ذئب. ينحرُ الناسُ القرابين: عنزةً، رمزًا للخصوبة، وكلبًا، رمزًا للنقاء والوفاء. ثم يُقطّعون جلدَ العنزة شرائحَ صغيرةً ويغمسونها في الدم، ويجوبُ بها الأولادُ الطرقاتِ ليمسحوا وجوهَ النساء، وصفحات الحقول؛ حتى يعمَّ الخصبُ: إنجابًا للنساء، ومحاصيلَ للحقول. وعند المساء، تُلقي الفتياتُ أسماءهن في جَرّة فخارية، ويأتي شبابُ الرومان يلتقطُ كلٌّ ورقةً، فيتزوجُ صاحبتَها. تلك قصة عيد الحب 14 فبراير، كما روتها لنا أساطيرُ ما قبل الميلاد.
أما الحكايا الأحدث فتقول إن قدّيسًا اسمه "ڤالنتين"، عاش في عهد الإمبراطور كلاوديس، الذي جَرّم الزواجَ على الشباب؛ لاعتقاده أن الزواجَ يُضعفُ لياقة الجنود القتالية. لكن القديسَ الطيبَ رأى في ذلك القانونَ إجحافًا ومخالفة لتعاليم السماء. فراح يزوّجُ العاشقين في كنيسته سِرًّا، متحدّيًّا أوامرَ الإمبراطور. ولما اِكتُشفَ أمرُه أُعدم يوم 14 فبراير، فصارَ اليومُ أيقونةً للمحبّين. وصار يوم "فالنتين" ثاني أكبر عيد على مستوى العالم، بعد الكريسماس، يتبادل فيه الناس التهاني والهدايا؛ إذْ في أمريكا وحدها يُوزَّعُ نحو بليون كارت في هذا اليوم. تحملُ قلوبًا حمراءَ وورودًا.
وما بين الأسطورة الڤينوسية وحقيقة القديس الطيب، يوافقُ اليومُ (14 فبراير) بداية موسم تزاوج الطيور في معتقدات إنجلترا وفرنسا. لهذا أصبح سِمةً للرومانسية، يتبادلُ فيه العشاقُ، والأصدقاء بطاقاتِ التهاني والهدايا. وترقدُ حتى اليوم، في مكتبة لندن، أقدمُ تهنئة في التاريخ، من عاشق لحبيبته في عيد الحب. وكانت من تشارلز، دوق أورليانز، لزوجته حين كان سجينا في برج لندن في القرن ال 15.
الحبُّ هو اللغزُ الذي منحنا كلَّ هذا الميراث الضخم من الأغنيات والأوبرات، والمسرحيات، والروايات، والقصائد والمقطوعات الموسيقية. هو القوة العجيبة التي دفعت الإنسانَ ليبدع القطع النحتية واللوحات التشكيلية والأساطير. هو الكيمياء التي تصنع المشاعر وتخطف العقول، وتجلب السعادة مثلما تجلبُ الحَزَن. إنه الحب الذي جَمَّلَ العالمَ وغمر البشرَ بالبهجة والفرح. إنه الحبَّ الذي حين يُستخَفُّ به، قد يسبب أشدَّ ألوان العذاب النفسيّ والجسدي والعقلي كذلك. هو لغزٌ اسمه الحبُّ. أحبِّوا، تَصِحّوا، مثل الطفل الذي لا يكبر.
طوبى لكل من لديه قلبٌ يُحبُّ، وطوبى لمن يحبّ الوطن. “الدينَ لله، والوطنَ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المركز الكاثوليكي المصري … صخرةُ الفنون الرفيعة
- ذكرياتي مع الكتاب ... في معرض القاهرة الدولي للكتاب
- تحت السرير … مع أفروديت وهيرا
- كيف خدعتُ أمي ... لقراءة الكتب الممنوعة
- أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة
- مقالي عن ثورة يناير والإخوان الذي منعه (اليوم السابع) | “هل ...
- من مصر… الرئيسُ يُطلقُ طائرَ المحبة
- في فِقه الدهشة… وقتلها!
- حملة 100 مليون صحة … شكرًا لدهشتي
- في الإمارات … مسجدُ مريمَ أمَّ عيسى عليهما السلام
- المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول
- الرئيسُ يصفعُ الطائفيةَ ... بكاتدرائية ومسجد
- الرئيسُ يضمُّ المحرابَ والمذبح
- سعد والاسكندراني …. ومسيو موريس
- سيناءُ البهيةُ ... التي عادت عروسًا
- كيف كسر الرئيسُ الحائطَ الرابع؟
- الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع
- مَن الذي يغازلُ إسرائيل؟
- هدايا الكريسماس … من الرئيس لأطفال مصر
- في المعبد اليهودي … بالقاهرة


المزيد.....




- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...
- صدور نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 تجاري وصناعي وز ...
- بسرعة “هنا” نتيجة الدبلومات الفنية كافة التخصصات على مستوى ا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. أعرض نتيجتك بسرعة من “هنا ...
- عاجل.. ظهور نتيجة الدبلومات الفنية emis.gov.eg جميع التخصصات ...
- عاجل.. ظهرت نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات “هنا” بسرعة ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية صنايع وزراعي وفندقي وتجا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات الأن على بوابة الت ...
- “الرابط اشتغل” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جميع التخصصات على ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أحبّوا … مثل طفلٍ ضرب قدمَه بسهم