أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - شاعرٌ يفرض الجِزية !!














المزيد.....

شاعرٌ يفرض الجِزية !!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 6210 - 2019 / 4 / 24 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


سؤالٌ يتردد كثيرا: لماذا أحبَّ جيلُكم لُغتَه، فأجدتموها؟
لأنَّ مناهجنا كان تختارُ لنا من الشعرِ أعذبَه، ومن النثر أجمله، ومن النصوص أمتعها، ومن المعلمين أقدرَهم، خذَ مثلا على ذلك، هذا الشاعر المبدع الغائب عن برامج أبنائنا التعليمية؛
هو شاعرٌ كفءٌ، نظم قصائد الفُصحى والعامية، عاش في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي، عقب انتهاء الخلافة العباسية، في قصائدهِ دُرَرٌ وجواهرُ ثمينةٌ، للأسف يمرُّ عنها واضعو مناهج التعليم، بدون أن يختاروها مُقرراتِ مدرسيةً، على الرغم مما فيها من القيم والجواهر، للأسف، فهم لا يختارون من الأشعار إلا ما يصعبُ على الفهم، وما يُنفِّر الطلاب، للأسف.
هذا الشاعرُ هو الذي لخَّصَ في بيتٍ واحدٍ فقط معانيَ ألوانِ أعلام العرب الأربعة؛ الأسود، والأبيض، والأخضر، والأحمر، وقال عن أهله، أبناء يعرب:
إنَّا لَقومٌ أبتْ أخلاقُنا شرفا... أن نبتدي بالأذى مَن ليس يُؤذينا
بيضٌ صنائِعُنا، سودٌ وقائعُنا.... خضرٌ مرابعُنا، حمرٌ مواضينا
وهو الذي وضعَ أجمل أبيات الغزل في العيون،
حين قال مُتغزلا في عيني محبوبته:
كُفِّي القِتالَ، وفُكِّي أسرَ قتلاكِ..... يكفيكِ ما صنعتْ بالناسِ عيناكِ
كلَّتْ لِحاظُكِ مِمَّأ قد فتكتْ بنا......فمَن تُرى في دَمِ العُشاقِ أفتاكِ؟!!
إنه الشاعرُ، ابن مدينة الحِلَّة العراقية، صفي الدين الحلي.
أما الشاعرُ الثاني، الذي حبَّبنا في لغتنا، فهو "الشاعرُ الظريف، والناظمُ البديع، صاحب التوليد الغريب، غاص على المعاني النادرة فاستخرجها من الأعماق، ولم يترك معنىً دون أن يستوفيه، ولا يُبقي فيه بقية"
هو الذي قال:
ولي وطنٌ أليــــــــــتُ ألآَّ أبيعَهُ..... وألاّ أرى غيري له الدَّهرَ مالكـــا
عمرتُ به شرخَ الشبابِ مُنعَّما.....بصحبةِ قومٍ أصبحوا في ظلالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهمــو ..... عهودُ الصِّبا فيها، فحنُّوا لذلكــا
فقد ألفته النفوسُ حتى كأنــه..... لها جسدٌ، إنْ بانَ غُودرَ هالــــكا
هو الشاعرُ الرسامُ بالحروف، الذي كان يرسم بريشته صورَهُ الساخرةَ عندما وصفَ مُقتِّرا بخيلا، فقال:
يُقتِّرُ عيسى على نفسِهِ..... وليسَ بباقٍ، ولا خالدِ
فلو يستطيعُ لتـــقتيره...... تنفَّسَ من مُنْخُرٍ واحدِ
إنه الشاعرُ المبدع، أبو الحسن عليٌ العباس، الملقَّب بابن الرومي، الذي عاش في القرن التاسع الميلادي.
هناك أيضا شاعرٌ لم نجد صعوبةَ في حفظ أشعاره ليس لسهولتها فقط، بل لطرافتها، فقد وصف فقرَه قال:
برزْتُ من المنازلِ والقِبابِ ..... فلم يعسرُ على أحدٍ حجابي
فمنزلي الفضاءُ، وسقفُ بيتي ..... سماءُ اللهِ، أو قِطعُ السحاب
فأنتَ إذا أردتَ دخلتَ بيتي ..... عليَّ مُسلِّما من غير باب
وقال في هجاء الوالي البخيل، ابن منصور:
ما كنتُ أحسبُ أن الخُبزَ فاكــــــــهةٌ ..... حتى نزلتُ بأرض ابنِ منصورِ
الحابسُ الرَّوْثَ في أعفــــــاجِ بغلته ..... خوفا على الحَبِّ من لقط العصافيرِ
يبسُ اليدين، فما يستطيعُ بسطهما ..... كأن كفّــــــــــَيْهِ شُدَّا بالمسامير
إنه الشاعرُ الكبيرُ، مروان بن محمد، لُقِّب بأبي الشمقمق، لأنَّ وجهه وطوله المفرط لم يكن جميلا، عاش في عصر بني أميه، وبداية العصر العباسي في بداية القرن التاسع الميلادي.
بثَّ رُعبَ إبداعِه الشعري، وقدرتَه على ابتكار وتوليد معاني الهجاء الغريبة، التي لم يسبقْه إليها أحدٌ، في قلوب الشعراءِ العظام، وفرضَ على بعضهم أن يدفعوا له نقودا نظيرَ صمته، وامتناعه عن هجائهم، ويُقال إن الشاعر الكبير، بشارَ بن بُرد، كان يدفع له مالا، بين الفينة والأخرى، حتى لا يهجوه، وكان ابن الشمقمق، يقول عن ذلك:
هذه (جزية بشار بن برد) نقم عليه الشعراءُ والأمراءُ فقتلوه، وتخلصوا مِن إبداعه!!
هذا غيض من فيض ما في لغتنا من دُرر كامنة، تستحقُّ أن توضعَ على موائدِ أبنائنا حتى نُحقق الهدف الرئيس، ليس النجاح في الامتحانات، والتفوق في مجموع الدرجات، مثلما هو الحالُ اليوم، بل لنجعل أبناءنا يعشقون لغتهم !!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض الكاليغولية
- ما سر نجاح جنرالات العسكر؟
- رفوف مكتبة الكونغرس
- حفيد غاندي
- فن الحوار
- عدوا الإعلام !!
- اليسار البائد في إسرائيل
- سلاح الوثائق
- النكز والنخس
- أسلحة اللعنات
- وظيفتان طريفتان
- شعارات انتخابية إسرائيلية عنصرية
- الفلافل
- الإرهاب اليهودي
- الأحزاب السياسية الإسرائيلية
- زفاف إلى السجن
- عملية ثقافية سرية
- حرب استيطانية
- من تراثنا الأدبي الجميل
- ادرسوا التاريخ !


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - شاعرٌ يفرض الجِزية !!