أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد طنطاوي - مروة قناوي ..-يتيمة الابن-














المزيد.....

مروة قناوي ..-يتيمة الابن-


سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)


الحوار المتمدن-العدد: 6202 - 2019 / 4 / 16 - 18:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 1996 كنت في الصف الثاني الابتدائي، وكان مقررًا علينا درس بعنوان "حفل زفاف" يحذر من خطورة إطلاق النار في الأفراح، ورغم أنني ما زلت أتذكر الدرس والأستاذ، إلا أن الحياة أصرت على إعطائي الدرس عمليًا بعد 20 عامًا باستشهاد الملاك الطفل يوسف العربي ابن مروة قناوي وهو ابن 13 ربيعًا.
لم أكن يومًا ممن يؤيدون ثقافة القرية أو عاداتها، لكن للمرة الأولى أرى نفسي خاضعًا لها –إجباريًا- إذ أنني لو كنت أعرف "يوسف" لقلت بلسان سيدات القرية: "دا ولد ابن موت".
13 عامًا ظفرت بهم الدنيا من عمر يوسف لا سيرته، إذ أن سيرته ستهزم الموت، كما هزم "يوسف" حزن الحياة بفلسفته الحياتية، فرغم صغر سنه كان قادرًا على العيش كما يريد، لا كما تريد الظروف، ولربما هذا سبب مقولة أمه مروة قناوي: "متسألونيش يوسف مات إزاي، اسألوني يوسف عاش إزاي".
لم يكن ممكنًا أن يكون يوسف ابنًا لغير مروة قناوي، فلا يستحقه غيرها، وبفطرته أدرك هذه الحقيقة والنعمة مبكرًا لذلك كان اسمها على هاتفه "مصر"، مبررًا الأمر بأن مصر أم الدنيا، وهي أم دنياه التي كان من أصدقائه فيها "جيكا والطفل أنس شهيد أحداث بورسعيد، ومن ثم فإن استدعاءه إلى الآخرة مبكرًا أمر بديهي، ولِعِظم الفاقد والمفقود فإن مروة قناوي هي يتيمة الابن.
سواد الحياة لم يطق "قلب يوسف" ناصع البياض، إذ تابعت كغيري قضيته منذ إصابته برصاصة انطلقت من حفل زفاف بيد ضابط شرطة ونجل برلماني، حتى مشهد تشييعه إلى الجنة، ومؤخرًا شاهدت فيلمًا تسجيليًا بعنوان "سيرة يوسف"، لأجد نفسي لا إراديًا أقول "يوسف" أيها الصديق –بكسر الصاد وفتحها معًا- ربما لم نفعل ما يستحق أن يبقيك هنا، نحن لا نستحقك يا "جو".
موحدًا للأديان كان "يوسف"، فمن أجله أقيمت الصلوات في الجوامع والكنائس، ودعت أمهات أصدقاءه أن يكون يوسف شفيعًا لهم كما هو لـ"مروة"، أما الأقباط فقد اختاروا يوسف قديسًا يتشفعون به.
من رحم معاناة الحادث استولدت "مروة" أملًا من أجل جيل ابنها وغيره من الأجيال، إذ دشنت حملةً لإيقاف عادة إطلاق النار في الأفراح، وفي الوقت ذاته تخوض معركةً من أجل حق "يوسف" تقول عنها: "إنها حرب ارتضيتها لنفسي".
وليُكتب لحملة "لا لإطلاق النار بالأفراح" الاستمرار، طبعت "مروة" كراسةً، سمتها كراسة يوسف، وبهامش الربح تصرف عليها، لأن الحملة تستهدف كل المحافظات.
يقارب عُمر القضية على العامين، والقتلة معروفون، اثنان أُلقي القبض عليهما وهما أصحاب الفرح الذي خرجت منه الرصاصة، والآخران هما خالد عبدالتواب نجل أحمد عبدالتواب عضو مجلس النواب عن دائرة الفيوم، وطاهر محمد أبو طالب الضابط بوزارة الداخلية.
منذ عامين، وتحديدًا في25 مايو 2017، صدر قرارًا بضبط وإحضار المتهميّن، إلا أن هذا القرار لم يُنفذ حتى الآن، حتي صدر حكمًا من محكمة الجنايات بالسجن 7 سنوات للمتهمين في القضية، وأيضًا لم يتم إلقاء القبض عليهما.
هذا الأمر لا علاقة له من قريبٍ أو بعيد، بفيلم ضد الحكومة لبشير الديك وعاطف الطيب، فالأمران مختلفان، إذ كان الأمر في "ضد الحكومة مسئولية سياسية، أما في حالة الشهيد يوسف فالمسئولية جنائية لا تحتمل التأويل.
وزارة الداخلية لم تتمكن –حتى الآن- من إلقاء القبض على المتهميّن، رغم أن أحدهما هو الضابط بوزارة الداخلية طاهر محمد أبو طالب، وإذا كانت بالفعل لم تعرف مكانه وتعثر ضبطه فهذا يعني أنه لا يذهب من الأساس إلى مقر عمله، ومن ثم يستوجب الفصل، وهو ما لم تعلنه الوزارة، أي أن هذا الأمر لم يحدث في عهد الوزيرين، السابق اللواء مجدي عبدالغفار، أو الحالي اللواء محمود توفيق.
المتهم الثاني كان أبوه أكثر وضوحًا، إذ لم ينكر التهمة عن نجله، بل قالها صراحة: "هسلم ابني في الوقت المناسب"، وفي عُرف طالب الفرقة الأولى بكليات الحقوق فإن هذا التصريح يندرج تحت بند التستر على مجرم هارب.
استجوابات وخطابات ومناشدات ومراسلات وطلبات إحاطة وأسئلة برلمانية وتلغرافات وجوابات لكل الجهات أرسلها ويُرسلها محبو يوسف، لكن يبدو أن الأمر بات محسومًا بأن هناك من يريد أن يأخذ القضية لطي النسيان.
الرهان على النسيان في هذه القضية يعد ضربًا من ضروب الغباء، لأنه لو جُمعت أعمار المتهمين الأربعة، والمتسترين عليهم، ومساعديهم ومهربيهم، ستكون سيرة يوسف أكبر منهم جميعًا.
مؤخرًا دخلت مروة قناوي والدة يوسف في إضرابٍ عن الطعام لحين القبض على قتلة نجلها ومرت أيام عدة، ولم يستجب أحد، لكنها مستمرة في المعركة التي ارتضتها لنفسها، واثقة أن حق يوسف سيعود عاجلًا أو آجلًا.
إذا كان هناك إجماع من المسئولين المتسترين على قتلة يوسف على استمرار هروبهم، أو بالأحرى تهريبهم، فعليهم أولًا استصدار قرار من المحليات بتغيير اسم حي أكتوبر الذي شهد الحادثة إلى حي 67 أو النكسة الثانية، فمع تسمية الأشياء باسمها ذاك أفضل جدًا.




#سيد_طنطاوي (هاشتاغ)       Sayed_Tantawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -نبيهاليا- ..رايحين على أرض النخيل
- -ياسر رزق ..اغسلها وتوكل-
- ..ويظل المذيع يكذب حتى يُكتب عند الناس -قرموطًا-
- -السيسي والطيب- ..ومعركة -أنت عارف وأنا عارف-
- القول المفيد في جرائم -تركي والخطيب- ..الأزمة في السياسة
- ..وهل يليق بالصحفيين إلا النضال؟
- معتقلو الفسحة ..عيطي يا بهية على القوانين
- إلى الموهوب إبراهيم عيسى: -حمرا -
- في حب النيل وشيرين
- -عبدالناصر- .. كبيرهم الذي علمهم النصب


المزيد.....




- سوريا وإسرائيل تتوصلان لوقف لإطلاق النار بدعم أردني تركي
- استطلاع: غالبية الإسرائيليين يؤيدون صفقة تبادل شاملة وإنهاء ...
- رويترز: الكونغو ستوقع بالدوحة اتفاق لإنهاء القتال مع المتمرد ...
- أنغام تفتتح مهرجان العلمين بعد تجاوز أزمتها الصحية
- صاروخ يمني يربك إسرائيل: تعليق الملاحة في مطار -بن غوريون- و ...
- الأمين العام لحزب الله يُحذّر من -ثلاث مخاطر- ويؤكد: جاهزون ...
- انتهاكات بحق العشائر البدوية في السويداء بعد اتفاق انسحاب ال ...
- بعد تشخيص مرضه.. 3 تغييرات منتظرة في نمط حياة ترامب
- تفاؤل أميركي بقرب التوصل لاتفاق بشأن غزة
- موسكو توقف مسافرة أميركية روسية بسبب مسدس في حقيبتها


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيد طنطاوي - مروة قناوي ..-يتيمة الابن-